مقالات

أنا راجع أرعى الغنم

هادي جلو مرعي

في رواية الخيميائي لباولو كويلو لايعدو البطل أن يكون راعي أغنام في ضواحي مدريد القديمة، لكنه كان يعيش هاجسا مختلفا عن الآخرين ممن يحيطون به، أو الذين يلتقونه في رحلته اليومية مع غنيماته بحثا عن الكلأ والماء، وكان يتأمل بحثا عن سر الحياة، وموطن الحكمة، ومكامن المعرفة فهداه تأمله الى رحلة طويلة هذه المرة نحو الشرق، ومدنه البعيدة، وصحاريه المترامية، وقراه الذاوية والضاجة بالكلام والكتمان والصمت والرغبة في البحث عن أشياء مبهمة، وأناس مثل صاحبنا يبحثون عن السر الذي عرف إن مكانه في نفس المكان الذي كان يجلس متكئا على حائط عنده، مراقبا أغنامه المنشغلة بالعشب القليل في ذلك المكان، وتعلم إن الأنبياء والفلاسفة لم يكونوا مضطرين للسفر البعيد بحثا عن المعرفة، فكان منهم من يرعى الأغنام، ولعل أشهرهم كان إبراهيم أبوهم جميعا، ثم يعقوب وأولاده، ثم موسى وشعيب وبناته، ثم رسول الإسلام محمد عليه وعليهم جميعا صلوات الرب وسلامه، وهكذا إقتضت حكمة الرب العظيم أن يربي عياله على نوع المعرفة، والى أين يتجهون لأن بإمكانهم السفر وهم في أمكنتهم طالما إن رحلة العقل لاتنتهي. في كل مايحيط بنا شيء يمنحنا بعض مانتمناه، يوفر لنا فرصا أكثر للتفكير بالخطوة التالية، يعلمنا أن نتحرك، ونتعلم شيئا من كل شيء، وأن لانستغرق في تفاصيل شيء بعينه، بل أن نستمر في البحث، ونتوغل في مساحات مفتوحة مثل السموات التي تأخذ العين الى تيه مترام يبدأ من أعيننا ورغباتنا، ولكنه لاينتهي عندما نريد، بل لانملك أن نقرر وجهتنا المقبلة ونحن نتوغل أكثر فيه، وقد تكون المعرفة قريبة منا، ولاتحتاج بذل جهد أكبر للوصول إليها، ولكننا لسبب مالانصل، ونشعر بالإجهاد، ونفعل الأخطاء، ونتغافل عن المخاطر، ونبتعد عن مكامننا ونغادرها، ونعاني المتاعب والمخاطر، وقد نواجه الموت والإهانات والسجن وصعوبة الحصول على الطعام،ومكان لننام فيه ونقضي ليلنا قبل مواصلة الرحلة. عبدالله حداد شاعر مناضل صوته مدو وقلبه ذائب لفرط العذابات غنى في حضرة الرئيس الراحل ياسر عرفات الذي ضحك من كل قلبه حين كان يسمع الشاعر وهو يغني: أنا كنت أرعى الغنم في البراريواسمع أخباركم من راديو ترانزستورأخباركم شوشت أفكاريقلت أشوف بعيني واستخبروجيت تُهتصرت مش داري مين فيكم السيدومن فيكم المسترِ يا خلتيأنا كيف أقول يا ناقتي نِخّيوانتي طول عمرك جمل المحاملسمعت نغمة أزعجت مخيسألت قالوا تكتيك يا جاهلإن رَخّوا نشدّوان شدّوا نِرخي هيك انشهرنا في المحافلهكذا هي الدنيا سرك في ارضك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى