مقالات

أهداف الغزو الأمريكي تدمير بنية المجتمع العراقي

سامي الزبيدي

أهداف الغزو الأمريكي تدمير بنية المجتمع العراقي – سامي الزبيديعديدة هي الأهداف التي وضعتها إلا دارة الأمريكية لعملية غزوها البربري واحتلالها العراق عام 2003 وفي مقدمة هذا الأهداف بالطبع تدمير قدرات العراق العسكرية المتمثلة في قواته المسلحة وعلى رأسها الجيش العراقي و قوات الحرس الجمهوري والقوة الجوية وقوات الصواريخ وتدمير الصناعة الحربية العراقية بمعاملها ومنشآتها وتدمير البنية التحتية للقوات المسلحة كالمعسكرات والمطارات العسكرية والمقرات مثل وزارة الدفاع ومقرات الفيالق والفرق ومخازن الأسلحة والاعتدة والكليات والمعاهد العسكرية وكل منشات التصنيع العسكري وحتى المدني التي تسند الصناعة الحربية والهدف من عمليات التدمير هذه حتى لا تشكل القوات المسلحة العراقية أي خطر مستقبلي على الكيان الصهيوني , ومن أهداف الغزو أيضاً تدميرالبنى التحتية للبلد كالمصانع والمعامل ومحطات الكهرباء والماء والجسور والمنشآت العلمية والحيوية والمنشآت التي لها علاقة بالصناعة الحربية ومن الأهداف المهمة الأخرى للغزو التي لا تقل أهمية عن تدمير قدرات العراق العسكرية هي تدمير بنية المجتمع العراقي الذي كان متجانساً متماسكاً بكل قومياته وأديانه ومذاهبه وفئاته وقد أعدت أمريكا لهذا الهدف العديد من والوسائل الخبيثة والإجراءات الفاعلة وفي مقدمتها إعداد دستور يكرس التقسيم ألاثني والطائفي فقد كتب الدستور باملاءات أمريكية وكان مليئاً بالمطبات والمواد المبهمة التي تحتج الى تفسير وقد اجتهدت المحكمة الاتحادية في تفسير بعض مواد الدستور تفسراً متناقضاً كتفسيرها للكتلة الأكبر والمادة 140 وجرى ذلك تحت ضغط الأحزاب والكتل المتنفذة مما سبب مشاكل كبيرة للعملية السياسية وللشعب العراقي الذي ظل يدفع ثمن هذه التفسيرات لحد الآن , ومن الإجراءات المهمة للاحتلال التي أثرت على بنية المجتمع العراقي قرار الحاكم المدني للعراق بول بريمرالسيء الصيت اجتثاث البعث الذي تم استغلاله سياسياً من قبل الأحزاب المتنفذة وبموافقة الأمريكان لتصفية كل من يمت الى النظام السابق بصلة وكل الكوادر العلمية والأكاديمية وان لم يكونوا بعثيين كقادة الجيش وضباطه والضباط الطيارين والعلماء خصوصا علماء الذرة وعلماء التصنيع العسكري وباقي النخب العلمية والأكاديمية وحتى الأطباء فتم اغتيال أعداد كبيرة من هؤلاء على يد ميليشيات الأحزاب الطائفية التي جاءت مع الأمريكان فكان هذا القرار الخطوة الخطرة في تدمير بنية المجتمع العراقي , ثم أشاع الأمريكان الصراع الطائفي بين مكونات الشعب العراقي هذا الصراع الذي تحول الى حرب أهلية طائفية أعوام 2005 و2006 راح ضحيتها عشرات الآلاف من العراقيين الأبرياء وآلاف أخرى قضت بسبب التفجيرات الإرهابية بعد أن ادخل الأمريكان القاعدة لتمارس القتل الطائفي على الهوية.تغييب قسري يضاف الى ذلك ممارسات الميليشيات الطائفية التي تمثلت في القتل والاعتقالات والاغتيالات والتهجير والتغييب ألقسري , ثم أدخل الأمريكان وبتواطؤ مع ساسة فاشلين وفاسدين داعش لتحتل محافظات بأكملها لتدمرها ولتتسبب بعمليات قتل و تهجير ونزوح لم تشهدها أية دولة في التاريخ ولإثارة الخلافات بل الصراعات الطائفية بين مكونات الشعب العراقي وقد اعتمد الأمريكان النهج الطائفي في تشكيل القوات المسلحة بعد حل الجيش العراقي والتي فشلت في التصدي للدواعش وانهزمت أمام بضعة مئات منهم تاركة أسلحتها ومعداتها وفشلت في المحافظة على أرواح وممتلكات المواطنين في المحافظات التي احتلتها داعش ثم جاءت عمليات تحرير المدن من داعش لتزيد هذه المحافظات خراباً ولتدمر ما تبقى من منازل المواطنين والبنى التحتية للمدن وأعقب تحرير المدن العديد من الممارسات الطائفية لبعض فصائل المسلحة الموالية لإيران التي شاركت في المعارك كالاعتقالات والتغييب القسري والتهجير والاستيلاء على الأراضي وممتلكات المواطنين وإثارة الفزع والخوف في نفوس سكان المدن المحررة لتظيف صراعا طائفيا جديدا يدمر النسج الاجتماعي لأبناء الشعب الواحد ويؤجج النعرات الطائفية, ومن الإجراءات الأخرى لتدمير بنية المجتمع العراقي التي جاء بها الاحتلال هي تشجع ساسة العراق الذين نصبتهم أمريكا حكام على الشعب على ممارسة الفساد وسرقة أموال العراق ونهب ثرواته وخصوصا النفط وسرقة الموازنات التي كانت تعد على الورق وتذهب مليارات الدولارات من هذه الموازنات الى جيوب السياسيين الفاسدين وعوائلهم وأحزابهم ومقربيهم في إهمال متعمد لأية مشاريع خدمية أو صحية أو تعليمية مع إهمال كبير للصناعة وإغلاق معاملها ومنشاتها الصناعية وإهمال الزراعة وتدمير الأراضي الزراعية لكي يبقى العراق يستورد كل شيء من إيران ودول الجوار في تبذير واضح لأموال البلد ولتعزيز اقتصاد هذه الدول على حساب اقتصاد العراق , وإمعانا في تدمير بنية المجتمع العراقي وتعطيل عمليات البناء والتطور والتقدم فقد تم إبعاد الكفاءات العراقية العلمية والأكاديمية الخبيرة والمجربة عن المناصب المهمة في الدولة في كل الحكومات والتي أصبحت حكرا للأحزاب الفاشلة وأعضائها من أنصاف المتعلمين والأميين ,ومن الوسائل الأخرى لتدمير بنية المجتمع العراقي هي نشر الجهل والأمية والفقر والبطالة حيث وصلت نسب الأمية والفقر الى نسب مخيفة واضطر طلاب المدارس لترك مدارسهم والعمل لإعالة عوائلهم بعد ان أصبح الفقر ظاهرة كبيرة وخطيرة في بلد يعد من أغنى دول العالم أما خريجو الكليات فمصيرهم البطالة وكل عام تزداد جيوش الخريجين العاطلين لترتفع نسب البطالة الى أكثر من 40% ودون حلول لهذه الظاهرة التي تسببت بمشاكل اجتماعية كبيرة لهؤلاء وعوائلهم , ولتحقيق اكبر تدمير لبنية المجتمع العراقي فقد ساهمت أمريكا وأحزاب السلطة في انتشار المخدرات التي كان العراق خاليا منها وازداد تعاطي المخدرات بين الشباب بشكل ملفت للنظر وتسببت هذه الآفة في مشاكل اجتماعية كبيرة وتسببت في جرائم لم يعرفها العراق سابقا كزنا بالمحارم وقتل الأب لابنه وقتل الابن لأبية وأمه وعائلته كما ازدادت عمليات الانتحار التي لم يعرفها العراق سابقاً بسبب البطالة والفقر والمخدرات وازدادت نسب الجرائم وانتشرت عصابات الجريمة المنظمة وعصابات الخطف للحصول على الفدية بشكل كبير كما ارتفعت عمليات السطو المسلح وعمليات الاغتيالات التي كانت تنفذها ميليشيات تابعة لأحزاب السلطة لتصفية خصومها ومنتقدي سياستها الفاشلة , وإمعانا في تدمير المجتمع وقيمه وبسبب الفقر والعوز انتشرت عمليات الاتجار بالبشر وبالأعضاء البشرية وبيع الفقراء لأعضائهم البشرية بل ووصل الأمر بالبعض الى بيع أطفالهم للحصول على ما يسد رمقهم , وبسبب ضعف الحكومات وضعف القوات المسلحة التي بنتها أمريكا والأحزاب الموالية لها ازدادت النزاعات العشائرية ولأسباب تافهة والتي تسببت في كثير من عمليات القتل والتهجير وإغلاق الطرق كما مارست بعض العشائر الضغط والابتزاز لشركات النفط الأجنبية والعراقية للحصول على مكاسب مالية ووظائف لأبنائها دون ان تتمكن الحكومات من وضع حد لأعمال هذه العشائر أو الحد من النزاعات العشائرية التي أصبحت ظاهرة تهدد السلم المجتمعي , وهكذا نجحت أمريكا ومن جاءت بهم من أحزاب طائفية في تدمير بنية المجتمع العراقي وتدمير قيمه ومبادئه النبيلة وقتل روحه الوطنية وأصبح الانتماء للعشيرة والطائفة والمذهب والقومية هو الغالب على الانتماء للوطن والوطنية في عراق ما بعد الاحتلال ومع مرور السنين تعمقت هذه الظاهرة وازدادت انتشاراً لتزيد الانقسام القومي والديني والطائفي بين مكونات شعباً كان متآخياً يعيش في سلام ووئام ووحدة وطنية لا مثيل لها وبذلك حققت أمريكا وحلفائها وأعداء العراق من دول الجوار أهم أهدافهم لإبقاء العراق مقسما عرقيا وطائفيا وسياسيا واجتماعيا وليبقى ضعيفا مفككا متخلفاً في جميع ميادين الحياة يسهل بل سهل عليهم ابتلاعه ونهب ثرواته وأمواله وإخضاعه لإرادتهم وتامين جانبه وتحييده وإبعاده عن قضايا أمته المصيرية ومنها القضية الفلسطينية وإبعاد خطره عن الكيان الصهيوني .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى