مقالات

التجاوز المستمر على حقوق العراق المائية

سامي الزبيدي

بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 واضطراب الأوضاع السياسية والأمنية في البلد وانشغال الحكومات التي تعاقبت على الحكم في الفساد والسرقة ونهب أموال البلاد وعدم اهتمامها بتوفير الخدمات الأساسية للشعب العراقي وتفريطها بسيادة العراق وتنازلها عن حقوقه التاريخية في أراضيه ومياهه لدول الجوار مقابل بضعة ملايين من الدولارات استلمها الخونة والفاسدين من السياسيين كما حدث في اتفاقية خور عبد الله المذلة مع الكويت وتنازل ساسة الفشل والفساد عن جزء من أراضي الوطن لها وغض نظر كل الحكومات عن التجاوزات الإيرانية على المناطق الحدودية واستيلائها على عدة آبار نفط عراقية , واخطر تجاوزات إيران كانت على حقوق العراق المائية التي تكفلها الاتفاقيات الدولية للدول المتشاطئة والتي ضربتها إيران عرض الحائط وكانت تجاوزاتها في هذا الاتجاه ذات منحيين خطرين الأول تغيير مجرى عدد من الأنهار التي تنبع من إيران وتصب في العراق وإعادة مياهها الى الأراضي الإيرانية والثاني غلق أنهار أخرى ومنع مياهها من الوصول الى المدن العراقية خصوصاً في فصل الصيف مما سبب مشاكل ومعاناة كبيرة لأبناء شعبنا في تلك المدن بالإضافة الى التأثير الكبير على الزراعة في العراق , فقد خسر العراق في السنين الأخيرة 80 بالمئة من المياه المتدفقة إليه من إيران ووصلت هذه السنة أكثر من هذه النسبة بكثير بعد ان قطعت إيران مياه 35 نهر ورافد وغيرت مجرى أخرى مثل الكارون والوند والكرخة ناهيك عن السدود العديدة التي بنتها إيران على الأنهار التي تنبع من أراضيها وتدخل العراق حيث قررت بناء 152 سداً للتحكم والاستفادة من الأنهار الداخلة للعراق, أما أهم الأنهار والروافد التي قطعتها إيران أو حولت مجراها الى داخل الأرضي الإيرانية هي :1- نهر الوند _ خانقين . 2- نهر الزاب الصغير_ السليمانية . 3- نهر كارون _شط العرب. 4- نهر دويريج العمارة .5- نهر الكرخة _العمارة هور الحويزة .6- نهر الطيب _ العمارة .7- هر كلال _ زرباطية الكوت . 8- نهر كليكر _ مندلي . 9- نهر قره توه _ ديالى . 10- نهر هيركينه يشكل الحدود الفاصلة بين العراق وإيران . 11- نهر زرين جوي الكبير .12- وهناك انهار وروافد عديدة أخرى لا يسع المجال لذكرهاأما ما يخص تركيا فقد بنت العديد من السدود على نهري دجلة والفرات مما اثر بشكل كبير على كميات المياه المتدفقة من النهرين الى العراق وتسببت في مشاكل لمحافظات مجرى النهرين بالإضافة الى تأثير نقص مياه دجلة والفرات على الزراعة في العراق بشكل كبير وحرمت مساحات كبيرة من الأراضي التي كانت تزرع سقياً من المياه متجاوزة على الاتفاقيات الثنائية بين البلدين التي تضمن تدفقات مائية كافية للعراق واهم السدود التي بنتها تركيا في السنين الأخيرة هو سد السو على نهر دجلة وهو واحد من 22 سداً بنتها تركيا جنوب شرقها على نهري دجلة والفرات وهو واحد من اكبر أربعة سدود تركية ويبلغ طوله 1820 متر وارتفاعه 235 متر وعرضه 2000 متر ومساحة حوضه 30000 متر ويستوعب 93, 20 بليون متر مكعب وبسبب هذا السد سيخسر العراق 50 بالمئة من المياه المتدفقة إليه من تركيا وهذا يشكل خطرا كبيرا على السكان وعلى الزراعة في العراق فنقص المياه المتدفقة من تركيا ستكون له آثار اقتصادية كبيرة نتيجة تأثير ذلك على الزراعة وعلى الفلاحين كما سيتسبب في مشاكل بيئية لان نوعية المياه التي تأتي من سد السو لقلتها فإنها تحتوي على نسبة عالية المواد الكيماوية والأسمدة التي يستخدمها المزارعين الأتراك.اتفاقيات دوليةونتيجة لتجاوز إيران وتركيا على حصص العراق المائية وعلى الأنهر والروافد التي تنبع من أراضي الدولتين وتصب في العراق متجاهلتين كل القوانين والاتفاقيات الدولية والثنائية التي تضمن حق الدول المتشاطئة في مياه الأنهر فان هذه التجاوزات إذا استمرت وإذا استمرت الدولتين في مساعيها لإيذاء العراق وتعطيشه فان العراق سيكون أرضاً بلا انهار عام 2040 وستزداد مشاكل الجفاف الشديد وتكون ذروتها في عام 2025 ولا ادري لماذا لا يفعل العراق مثلما تفعل مصر والسودان ضد إثيوبيا لبنائها سداً واحداً على نهر النيل الأزرق فمذ عشر سنوات والاعتراضات المصرية والسودانية مستمرة ولم تفلح منظمة الدول الأفريقية في حل المشكلة التي عقد مجلس الأمن الدولي قبل أيام جلسة خاصة بسد النهضة الأثيوبي الذي تعارض مصر والسودان الملء الثاني له لأنه يؤثر عليهما وهددت مصر باستخدام كل الوسائل لضمان حقوق مصر وشعبها في حالة استمرار إثيوبيا في ملء السد تلميحا الى استخدام القوة العسكرية لثني إثيوبيا عن سياستها العدائية فاين العراق الذي سلبت إيران كل حقوقه في المياه وجففت أنهاره مستغلة للأسف ظروف العراق الحالية فقد قطعت إيران المياه عن عدد من الأنهار العراقية التي تنبع من أراضيها وغيرت مجرى انهار أخرى لتصب داخل أراضيها وتمنع وصولها الى العراق مما تسبب في كارثة بيئية في شط العرب وزرباطية وبعقوبة ومندلي وغيرها ناهيك عن تأثر الزراعة بشكل كبير في هذه المناطق وحدوث نقص كبير حتى في مياه الشرب ونقص كبير في المخزون المائي في سد دوكان ودربندخان وبحيرة حمرين ومع ذلك لم يقدم العراق شكوى واحدة ضد إيران على الرغم من ان أطلاقات إيران من المياه عبر الأنهر المشتركة هذه السنة بلغ صفراً حسب تصريح وزير الموارد المائية في العراق كما ترفض إيران استقبال أي وفد عراقي لمناقشة مشاكل المياه وقد لمح الوزير في حالة استمرار إيران في سياستها المائية العدائية سيضطر العراق للجوء الى المنظمات الدولية وهذا مستبعد حالياً في ظل سيطرة الأحزاب الموالية لإيران على السلطة ولا ادري لماذا لم يلجأ العراق الى المنظمات الدولية وإيران تتجاوز على حقوقنا المائية منذ سنين طويلة والحكومات في صمت مطبق على هذه التجاوزات وغيرها , أما تركيا فقد تعهدت بإطلاق حصة جيدة من المياه تكفي احتياجات العراق الزراعية وغيرها وبحدود مقبولة وهذا ما حدث فعلاً والمفاوضات معها مستمرة لزيادة الاطلاقات المائية للعراق.حقوق مائيةولضمان حقوق العراق المائية مع إيران ومنع تجاوزها المستمر منذ سنين طويلة على الاتفاقات الثنائية وعلى المواثيق الدولية الخاصة بالدول المتشاطئة على العراق اتخاذ العديد من الإجراءات التي ترغم إيران على الاستجابة لمطالبه وحقوقه منها إيقاف استيراد المنتجات الصناعية والزراعية من إيران والاستعاضة عنها بمنتجات الدول العربية كسوريا والأردن ولبنان ومصر ودول الخليج العربي وهي أجود وارخص من المنتجات الإيرانية وإيقاف استيراد الغاز والمشتقات النفطية والكهرباء من إيران واستيرادها من الدول الخليجية وبأسعار أرخص وجودة أعلى وفي حالة عدم استجابة إيران لمطالب العراق بعد هذه الإجراءات يقوم العراق بتقديم الشكاوى الأصولية ضد إيران للمنظمات الدولية ذات العلاقة , والأمر نفسه ينطبق على تركيا إذا استمرت في تجاوزها على حصص العراق المائية مع وقف تصدير النفط عبر ميناء جيهان التركي والاستعاضة عنه بخط سوريا والعربية السعودية بعد تأهيلهما وخط الأردن عند إكماله وبغير هذه الإجراءات سيبقى العراق يعاني من نقص المياه ومن التجاوز الكبير على حقوقه في المياه من قبل إيران وتركيا والتي تكفلها قوانين الدول المتشاطئة والاتفاقيات الثنائية المبرمة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى