العربية والدولية

“الحرب الخفية” التي تشنها إسرائيل ضد المنشآت النووية الإيرانية

لفت الخبير هانز روهلي في مجلة المصلحة الوطنية الأمريكية إلى أن حرب “الظل” الإسرائيلية ضد إيران مع تدمير الجزء الواقع تحت الأرض من منشأة التخصيب النووي في نطنز، بلغت حاليا ذروتها.

وأشار روهلي وهو خبير كان تولى سابقا رئاسة فريق التخطيط بوزارة الدفاع الألمانية، إلى أن إيران أبلغت في 11 أبريل عن “حادث” في منشأة نطنز النووية أدت إلى قطع إمداداتها بالكامل.

وفي البداية، لم يتم تقديم أي تفسير. إلا أنه في اليوم التالي، تحدث العديد من المسؤولين الإيرانيين عن “تخريب” من خلال “هجوم إرهابي”.

وحاول القادة الإيرانيون في البداية خلق انطباع بأن الضرر كان ضئيلا، وادعوا أنه سيتم استعادة السعة الكاملة للمنشأ قريبا. وكان أحد أسباب التقليل من أهمية “الحادث”، وفق الخبير، هو عدم منح إسرائيل أي انتصار.

ورصد روهلي أن كل ذلك لم يكن مجديا، وبحلول بحلول اليوم الثالث، عندما بدأت تظهر تقارير أكثر موثوقية عن الضرر، لم يعد من الممكن احتواء تدفق المعلومات، وانتهت محاولة التقليل من شأن “الحادث” عندما أفاد المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، بهروز كمالوندي على شاشة التلفزيون الإيراني من سريره في المستشفى أنه سقط أثناء تفتيش المصنع فجأة في هوة عمقها سبعة أمتار.

وأكد بيان متلفز آخر صدر عن علي رضا زكاني، رئيس مركز الأبحاث في البرلمان الإيراني، أن الانفجار دمر “آلاف” أجهزة الطرد المركزي، وأن ما حدث في نطنز كان أكثر بكثير من مجرد “حادث”.

ورجّح الخبير الألماني أن يكون جهاز الاستخبارات الإسرائيلي الموساد قد نجح، ربما بمساعدة الجماعات الإيرانية المناهضة للحكومة، من تهريب عبوة ناسفة إلى منشأة تخصيب اليورانيوم في نطنز وفجرها عن بعد.

وعن معمل نطنز لتخصيب اليورانيوم، قال الخبير إنه “مجمع من ستة مبان على مساحة 220 ألف متر مربع. وتتكون منشأة الإنتاج الفعلي من قاعتين تم حفرهما على عمق ثمانية أمتار في الأرض. وجرى في عام 2004  تقوية سقف القاعة تحت الأرض بعدة أمتار من الخرسانة المسلحة وحوالي 25 مترا من التربة”.

ورأى روهلي أن الموساد يبدو أنه الآنقد “تسلل إلى منشأة نطنز وأدخل كمية غير معروفة من المتفجرات شديدة الانفجار (ربما من نوع C4) إلى القاعات تحت الأرض”.

ووفق ذلك استنتج الخبير أن الانفجار كان مدمرا، “وقد تكون القاعات التي تم فيها تخصيب اليورانيوم قد دمرت إلى حد كبير. وربما لم ينج أي قطعة من حوالي 5000 جهاز طرد مركزي.

وعزا الخبير سبب هذا المستوى من الدمار إلى دقة أجهزة الطرد المركزي، لافتا إلى أن أدريان ليفي وكاثرين سكوت كلارك كانا وصفا في كتابهما الخداع كيف دمرت سلسلة من الزلازل القوية بين عامي 1989 و 2005 العديد من أجهزة الطرد المركزي الباكستانية “P-1”.

وأشار روهلي إلى أن هذا النوع من  أجهزة الطرد المركزي، التي كانت تنتج اليورانيوم 235 عند 1500 دورة في الثانية، لا يمكن أن تتعرض لأدنى اهتزاز دون التدمير الذاتي في النهاية بسبب الاختلالات.

وافاد أيضا في هذا الشأن بأن الزلازل كشفت أن جهاز الطرد المركزي الذي “تعرض للصدم”، لا يمكن إصلاحه وأصبح غير صالح للاستخدام بشكل دائم.

وعلى الرغم من هذه الحقائق، لا يزال البعض من وسائل الإعلام يتمسك بفكرة مفادها أنه، على سبيل المثال، بعد هجوم جوي على نطنز، يمكن للإيرانيين إصلاح أجهزة الطرد المركزي المتضررة على الفور.

وذكر  الخبير أن غلام رضا أغازاده الرئيس السابق لوكالة الطاقة الذرية الإيرانية، وصف مدى حساسية أجهزة الطرد المركزي الفائقة، وكشف في مقابلة تلفزيونية عام 2006 عن مشاكل بلاده في التعامل مع تحديات تكنولوجيا أجهزة الطرد المركزي.

ونسب روهلي لأغازاده قوله في تلك المناسبة: “في المراحل الأولى من عملنا، أدركنا أن أجهزة الطرد المركزي لدينا بها العديد من الأعطال. لم نتمكن من تحديد السبب، لعدم وجود مراجع أو كتب يمكننا الرجوع إليها لحل هذه المشكلة. بعد جهد جهيد، لاحظنا أنه عندما قام خبراؤنا بتجميع أجهزة الطرد المركزي، لم يرتدوا قفازات من القماش. لقد أدركنا أنه إذا قمت بتجميع أجهزة الطرد المركزي بأيد عارية، فقد ينتقل القليل من العرق من بين الأصابع إلى “الدوار”، ويزيد الكتلة. وعندما يلف الدوار، تصبح تلك مشكلة تؤدي إلى عدم توازن جهاز الطرد المركزي تماما، ما يؤدي إلى انفجاره. عندما أقول أنه ينفجر، فإنه لا ينفجر فحسب، بل يتحول إلى مسحوق”.

ورصد الخبير أن “عقيدة بيغن” تنطبق الآن أكثر من أي وقت مضى. وهذه العقيدة تنص على أن “إسرائيل لن تسمح تحت أي ظرف للعدو بتطوير أسلحة دمار شامل يمكن استخدامها ضد الإسرائيليين”.

وقال في هذا السياق إن صياغة رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن هذا المبدأ عام 1981، في اليوم التالي لنجاح سلاح الجو الإسرائيلي في الهجوم على مفاعل أوزيراك العراقي، لم يكن مصادفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى