مقالات

الخدمة الالزامية في الميزان

نجاح العلي

ما أن يتم الاعلان عن تقديم مشروع قانون الخدمة الالزامية لمجلس النواب العراقي، حتى تثار ردود الافعال المتشنجة بين مؤيد ومعارض ولكل منهم حجج وبراهين مقنعة ومنطقية.المعارضون للقانون يسردون التجربة المريرة اثناء تطبيقه في فترة الثمانينيات والتسعينيات من عسكرة المجتمع وضعف رواتب المجندين والمعاملة السيئة غير الانسانية في مراكز التدريب والوحدات العسكرية والعقوبات القاسية للمتخلفين عن ادائها، التي وصلت الى الاعدام في الثمانينات وقطع الاذن في فترة التسعينيات ناهيك عن ممارسات الانضباط العسكري، آنذاك التعسفية وتواجدهم في الاسواق و”الكراجات” والشوارع بشكل بوليسي يرهب الناس، ناهيك عن حملات البحث عن الهاربين او المتخلفين عبر دهم البيوت عند منتصف الليل مما اثار الخوف والرعب لدى اغلب الأسر العراقية.المشرع العراقي لا بد أن يضع في الحسبان هذه المخاوف عند سن قانون الخدمة الالزامية، وان يوفر تطمينات للشارع العراقي بعدم عودة الاجراءات التعسفية والعقوبات الانتقامية للمتخلف عن اداء خدمة العلم، وان تكون العقوبات معنوية كالغرامات المالية او عدم منح جواز سفر او الحرمان من التعيين في المؤسسات الحكومية او منح قطع الاراضي والقروض، فضلا عن العمل على زيادة شريحة المعفيين من الخدمة كالمعيل الوحيد وحملة الشهادات العليا وذوو التخصصات الطبية من أطباء وصيادلة وذوي الشهداء وغيرهم.المؤيدون للقانون يبررون أهميته من الناحية الامنية والنفسية والاجتماعية كون الجيش المؤسسة العسكرية، التي تضم جميع تلاوين المجتمع العراقي من البصرة الى زاخو بما يعزز اللحمة الوطنية بعيدا عن الهويات الفرعية الدينية والمذهبية والقومية والعرقية والمناطقية تجمعهم الهوية العراقية المحتضنة لكل الهويات الاخرى، فضلا عن بناء جيش فتي من الشباب متسلح بالتدريب البدني عالي المستوى، ومن الناحية الاجتماعية توفير مناخ ايجابي للتعارف والتبادل الثقافي بين ابناء البلد الواحد مما يقوي من النسيج المجتمعي والاطلاع على العادات والتقاليد لابناء المكونات والاقليات العراقية، وقد تتطور هذه العلاقات الاجتماعية لتصل الى المصاهرة بما يقوي العلاقات الاسرية، ويقلل من التعصب ويمنع التخندق القومي و الطائفي والمذهبي والاثني.جميع دول الجوار العراقي تفرض التجنيد الالزامي باستثناء السعودية والاردن، والحال ينطبق على اغلب دول الشرق الاوسط، بوصفها منطقة غير مستقرة امنيا ومرت ولا تزال بحروب وصراعات وتهديدات عسكرية، فما المانع من اقرار قانون الخدمة الالزامية في العراق مع توفير رواتب مجزية للمجندين؛ حسب مسودة القانون من 500 الى 750 الف دينار، واعادة النظر بسن التكليف بجعله من عمر (18 الى 25) كما هو معمول به في أغلب دول العالم ومدة الخدمة لا تتجاوز 18 شهرا، وقد تقل عن ذلك حسب التحصيل الدراسي؛ القانون ارسل الى مجلس النواب وسيكون من اول القوانين على جدول اعمال المجلس الجديد، ومن المتوقع ان يخضع لنقاشات وتعديلات كثيرة قبل اقراره.. ونحن بالانتظار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى