مقالات

العراق والموازنة الإنفجارية

العراق والموازنة الإنفجارية – عبد الجبار الجبوري

تعيش العملية السياسية، صراعاً مع بعضها ،حول تقاسم كعكة الموازنة الانفجارية المقررة لثلاث سنوات قادمة، وهي أكبر موازنة في تاريخ العراق، والمنطقة،والتي مازالت في طور مناقشات الكتل الكبيرة، التي تتحّكمّ في توزيع مبالغ الموازنة بينها،وتتقاتل من أجلها، وكلّ طرف ،يريد الإستحواذ على أكبر قدر من الكعكة، لآن الكتل تنتظرها جولة قاسية ،في إنتخابات مجالس المحافظة، وتخطّط للفوز بأعلى المقاعد في جميع المحافظات،وتفوز بالمناصب،هذا هو أهم سبب لتأخر التصويت وإقرار الموازنة ،التي مازالت تتعثر في التوافق على بنودها، وآخر يوم أمس حيث هدّد الحزب الديمقراطي الكردستاني، بعدم التصويت وحضور جلسة يوم السبت المقرر التصويت فيه ،حيث إعترض على فقرتين 18 و19 من الموازنة ،ويصرُّ على عدم حذفهما منها، وإعتراضات أطراف أخرى ،وبهذا سيتلكأ وسيطول إقرارها،وسط جو من الصراعات السياسية الأخرى، في ظل هذا التهديد الذي نراه إبتزاز سياسي لعرقلة الإقرار، لطرف على حساب أطراف أخرى في وقت ينتظر شعب العراق على أحر من الجمر التصويت عليها، ويعلم الجميع أن نينوى وحدها خمسة ملايين نسمة ،وحصتها هي (11 بالمئة) من الموازنة ، تم تخصيص 2 بالمئة فقط ، في حين هناك محافظات أقل من ثلاثة مليون نسمة ،خصص لها أضعاف ما خصص لنينوى،ومعروف حاجة نينوى المدمّرة ،بعد خروجها من حرب عالمية طاحنة ضد تنظيم دااعش الارهابي، ولكن إستفراد أحزاب السلطة ،وتقاتلهم على الإستحواذ على الموازنة وتوزيعها الغير عادل بينهم ولاحزابهم ، هو من حوّل العراق الى دولة فاشلة أولاً ،وثانيا الدولة الاولى في الفساد والمخدرات في المنطقة،إذن الموازنة لن تقرّ في المدى المنظور، وسيبقى الشعب العراقي، يتظاهر في الشوارع دون أن يلّتفت له أحد، باحثاً عن فرصة عمل ولقمة عيش،يقابله أحزاب متخمة من السحت الحرام، لايهمها ما يلاقيه الشعب من حرمان وعوز،ومشاريع معطلة ، وبطالة متفاقمة، وفساد يضرب عمق مفاصل السلطة، وسلاح منفلت يتحكم في الفساد ،وشعب جائع ينتظر رحمة من لارحمة بقلبه،في التعيينات وتنفيذ مشاريع إستراتيجية تقلّل من نسبة البطالة المرعبة، ومعامل صناعية متوقفة منذ دخول الغزاة الامريكان وللآن، وفشل إداري لم يسبق أنْ مرّ على العراق، بسبب تولّي مسؤولون فاشلون، لايملكون اية خبرة إدارية وأية كفاءة ، إضافة الى أن أغلبهم ينتمون الى أحزاب السلطة الفاسدة ،وإلاَ مَن يسرق الوزارات ومشاريعها ووارداتها،ومَن يشرّع الفساد ،ويغطي على الفاسدين ،من سرقات القرن وأنت نازل، غير هذه الأحزاب التي تسيّدت على شعب العراق، منذ أول يوم للاحتلال الغاشم،ومازالت تعتاش على المال الحرام والمحاصصة الطائفية في توزيع المناصب والمشاريع،اليوم جميع العراقيين ، مستاؤون من تأخر إقرار الموازنة ووصلت الامور حد الانفجار، لتعطل الحياة كلها، وافلاس الوزارات والحكومات المحلية، بسبب السرقات وامتصاص دم المواطن في الروتين القاتل في دوائرها ، وحصر الفساد في رموزها السياسية التي تقود ادارات الوزارات والمحافظات، وخير مثال وأقربه هو استعاء محافظ ذي قار لهدر المال العام ، وقبله الوزير الفلاني واتهام المحافظ الاخر ، وهكذا تتخبط الحكومة في اداراتها بسبب آفة الفساد وفشل الادارات، لأن من يقودها إما فاسد وفاشل، وإما جاهل في الإدارة وعديم الخبرة والكفاءة، بعد تسريح الآف مؤلفة ،من الكوادر الوسطية، ذات الخبرة والكفاءة العالية والخدمة الطويلة، نعم الدولة تتخبّط في قراراتها ، وخططها الإدارية ،بسبب المحاصصة الطائفية والحزبية ،التي حوّلت العراق ،الى دولة فاشلة بكل شيء ،حتى في الرياضة ،التي طالتها يدُّ المحاصصة اللعينة،فماذا بقي إذن من دولة كانت الأولى في التعليم والصحة ، والأولى في التصنيع العسكري والفني ،والأولى في المشهد الثقافي والفني والادبي ، الى دولة تشحد من مواطنين كي يقيموا لها مهرجان للسينما وللشعر وللمسرح ، لإفلاسها وعدم قدرتها على إقامة مهرجان ولو خجول ،في أي نوع ثقافي وفكري وأدبي،والسبب يعود أيضاً لعدم وجود تمويل لهذه الفعاليات الحيوية، التي كان يتميّز بها العراق ،في عموم المنطقة ،نعم عدم تقسيم الثروة وتموّيل المشاريع والفعاليات والتعيينات وغيرها بشكل عادل، وإستحواذ الأحزاب على أموال الموازنةـ هو السبب في تعثرها وتأخرها،إضافة الى تبويبها لثلاث سنوات، حتى تكتمل عندهم صورة الفساد، بأبشع صوره المرعبة، وتنتفخ بطونهم وجيبوبهم، والشعب يتضوّر جوعاً وحرماناً،العراق يفشل في التصويت على موازنة إنفجارية تأريخية ، بسبب الفساد وألإستئثار في السلطة …العراق والموازنة الإنفجارية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى