مقالات

العفو الخاص للمحكومين … انهُ امرٌ دُبر بليل

وسام الكعبي

في ظل الأزمة العالمية لفيروس كورونا بشكل عام وفي العراق بشكل خاص وتوالي الأزمات على هذا البلد ، كالذي يقود قارباً خشبياً بائس (لكنهُ من أفضل أنواع الخشب واندرها ويحمل في ثناياه كُل ما طاب وندر) ملأتهُ الثقوب وارتخت المسامير التي تربط الواحهُ بعضها إلى بعض بسبب السياسة ، فضلاً عن أن هذا القارب فقد شراعهِ مُنذ فترة طويلة وليس فيه مُحرك وهو بدون مجاذيف وهو يسير نحو دوامة مائية كبيرة والجو لا يساعد على إن يطفو هذا القارب بأمان في عمق البحر ..

فأحد الثقوب الكبيرة هو ثقب فيروس كورونا التي عجزت عن إيقافهِ الدول العُظمى وبقي العراق يُلملم شتاتهُ بكوادر شجاعة من الصحة والقوات الأمنية و فتيان التعفير للحشد الشعبي والمتطوعين وتَبرُع ميسوري الحال ، حتى نهض هذا البلد بجراحهِ وسط سقوط الجميع كقطع الدومينو وأثبت عظمتهُ ..
الثقب الأخر ، العجز عن إختيار شخصية غير جدلية لمنصب مؤقت قد يكون توقيتهُ عاماً واحداً وتفشي ظاهرة ترامي الاتهامات بالعمالة للدول الأخرى أو إستخدام المُصطلح الدارج في كواليس واروقة السياسة ( انطيني واصوتلك) فضلاً عن الحرب العالمية الإلكترونية الثالثة التي تقودها جيوش وسائل التواصل الإجتماعي بهدف تسقيط المُنافسين بطرق غير أخلاقية بعيداً عن المنافسة المشروعة في خدمة القاعدة الشعبية للناخبين أو الهدف من هذهِ الجيوش ترويض العقول لأمر يحتاجه السياسي بهدف الضغط على منافسه لأن الشعوب تنشرح للمشاهد ، ومن هنا يمكن السيطرة على عقولها وقلوبها وتحقيق الغاية مهما كانت الوسيلة ..
وثقب الفساد الذي يكاد يكون كالمرساة التي تمسك السفينة المتهالكة الممتلئة بالثقوب ويحاول اغراقها في وحل التدني في كل مفاهيمه فتجد المواطن يدفع ليأخذ ما تم اقرارهُ دستورياً حتى أصبح البشر يُلامس وقائع فلم الاجنبي (In Time) الذي يتمحور على حاجة البشر للوقت الملموس الذي يتبادلونه بالمال أو السرقة من أجل الاستمرار في الحياة وكما يسمونه (وقت الحياة) ، لكن نحن الآن لدينا قواسم مُشتركة مع هذا الفلم لكن فقط إن استبدلنا الوقت بالرشوة ليكون العنوان الجديد (رشوة الحياة) فالمجتمع مُقسم وفق طبقات والتي يفصل بينها رشوة الحياة وحيث يعيش الفقراء في أحياء تكون فيها رشوة الحياة صغيرة بحيث يحصلون على إنجاز معاملة أو استكمال إجراء .. الخ ، بينما يعيش السياسيون في مدن عامرة بحيث يكون متوسط رشوة الحياة لديهم مرتفع جداً يصل إلى عدة قرون أو مايزيد على ذلك كثيراً ..
واختتم بثقب ليس الأخير من نوعهِ لأن الثقوب كثيرة ولا يسعني ذكرها بأجمعها ، وهو الثقب الذي سنمر عليه مرور الكرام وباللكنة الشعبية المُتداولة (لنستبدله بمصطلح المزروف) فلدينا سياسيين محنكين (يُريدون يسوون حلاوة بجدر مزروف) من خلال العفو الخاص للمحكومين أو إطلاق سراح الموقوفين والمحكومين الذي تتهامس به رئاسة الجمهورية ليُلاعب طبقات كبيرة من المتهمين ابتداءً من ازلام النظام السابق ولغاية الأن والتهامس الأخير الذي ارتقى اسلوبهُ ليكون مكتوباً وبعنوان (إصدار عفو خاص عن المحكومين) والمتضمن توصيات لرئيس الجمهورية ليتم الأخذ بها عند إصدار مراسيم العفو ضمن نطاق صلاحيتهِ الممنوحة وفقاً للدستور والتي تحتوي على ثغرات جمة (رزوف هواي) ومنها جرائم لم يتم ذكرها وسيتمتع أصحابها بالعفو(للعلم الجرائم التي تم ذكرها أغلبها مبهمة أو ناقصة مثل جرائم الاتجار / أي اتجار يقصد ، لأنها كلمة في القانون تُسمى (كلمة مطاطية) بالإمكان تفسيرها أكثر من تفسير وكذلك لم يتم التطرق لجرائم القتل ولا لجرائم التحرش الجنسي ولا للجرائم الإلكترونية (التي تشمل السرقة الإلكترونية والابتزاز الإلكتروني وقرصنة المواقع الحكومية والمدنية .. الخ) وكذلك جرائم التزوير (لأن التوصية شملت جرائم التزوير في محررات رسمية للحصول على منصب ، ولم يتم التطرق لبقية التفرعات من التزوير) وكذلك لم يتم التطرق للجرائم الإقتصادية وجرائم العبودية وجرائم الترحيل القسري والقائمة تطول) ومن مجمل الذين سيتمتعون بالعفو جزء من ازلام النظام السابق وافراد القاعدة ومليشيات التهجير والقتل الطائفية ..

لكن الغريب في الموضوع إن السياسيين المُحنكين يهمهم جيشهم الواقعي الذي يقبع خلف القضبان دون تناول موضوع المُطالبة بأعدام الإرهابيين حتى أننا لا نجد حصيلة أعداد المراسيم الجمهورية الخاصة بالإعدام لهذهِ الحكومة الفتية التي تُعاني من خلل في النمو بالتالي أصبح خبر تنفيذ الأحكام القضائية حلماً لا يرتقي لمُستوى الرؤية لكي يتم تفسيره من قِبل المُعبرين حتى أننا أصبحنا نلمس نعمة فيروس كورونا التي انستهم خلافاتهم التي كانت دائماً ما تُترجم بعمليات إرهابية بسيارات مفخخة تارة وتارة أخرى بعمليات إغتيال ولكن هذه النعمة مُتاحة للجميع حتى في دول العالم قلت نسبة الجريمة وقلت نسبة العمليات الإرهابية وما شاكل ذلك ، فضلاً عن إنحناء الانُوف التي كانت تُلامس السماء بسبب هذهِ النعمة التي لا تُرى بالعين ، وبات السياسي يعمل بجيشهِ الإلكتروني الذي ليس لديه عيد وطني ضمن التقويم السنوي والطريف في الأمر جيش إلكتروني محجور صحياً يُحرك عقول مُخالفة للحجر دون معرفة العواقب التي يَخفيها الزمن في قادمهِ المجهول ..

حتى بات هذا السياسي (يسوي حلاوة بجدر مزروف) وهذا الأمر دُبر بليل .. والعاقبة للباقي بالبيت خيرٌ وحُسنى .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى