مقالات

المذاهب الأربعة وزيارة النبي الأكرم ( ص ) ..؟

أبا ذر احمد الباحث

المذاهب الأربعة وزيارة النبي الأكرم ( ص ) ..؟
إن من تتبع كلمات العلماء وأهل الاختصاص حول زيارة قبر النبي وشد الرحال إليه, لوجد أنها سنة عريقة تواطأ عليها جميع المسلمين وإجماع العلماء , بل رغّبوا فيها وحثوا عليها ,فشيخنا العلامة الاميني قد استقصى كلمات الأعلام في المذاهب الأربعة , فذكر (42) نصاً من أقوال فقهاء المذاهب الأربعة ,كلهم يؤكدون على استحباب الزيارة , منهم [أبو الحسن الماوردي , القاضي عياض المالكي , إسحاق بن راهويه وهو شيخ البخاري , عقد الحافظ ابن الجوزي الحنبلي,ومحي الدين النووي الشافعي,والشيخ موفق الدين عبد الله بن احمد بن قدامة المقدسي الحنبلي … والقائمة تطول ].
وإذا أردنا ان نقف على المعنى الإجمالي , للعقل الجمعي لهؤلاء الأعلام ونستنطق الرأي للمذاهب الإسلامية في مسالة زيارة قبر الرسول (ص) , فلنقف عند كلام ( الشوكاني ) في كتاب (نيل الاوطار 5/94 حيث قال : [[ ذهب الجمهور إلى إنها مندوبة ,وذهب بعض المالكية ,وبعض الظاهرية إلى إنها واجبة ,وقالت الحنفية إنها قريبة من الواجبات .. ( إلا الجسم الطفيلي الغريب ابن تيمية ) … ثم قال : وذهب ابن تيمية الحنبلي إلى إنها } غير مشروعة { ,وتبعه على ذلك بعض الحنابلة ]].
ابن تيمية وكعادته في التشويش والنصّب لابد أن يتدخل ويبدي الرأي في كل فضيلة تحسب على النبي وال علي (ص),حيث قسم الزيارة إلى سماطيّن
  • زيارة شرعية
  • زيارة بدعية
الزيارة البدعية عرفها بالتسليم على الميت ,والصلاة عنده , والدعاء عندهُ وبحقهِ فقال: إن هذا ليس مشروعاً باتفاق أئمة المسلمين .. الملاحظ إن تيمية في كل قضية وفضيلة لبيت النبي يشاهد إجماع واتفاق العلماء عليها , فهو يخالفها ويعطي الرأي المخالف ثم يكذب ويدعي إن هذا ( باتفاق أئمة المسلمين ) ونحن بينّا لكم بعض الاشراقات من أقوال ونفحات أئمة المذاهب الأربعة .
المشكلة الحقيقية تكمن ان هذا الكائن , يصادر العقول ويؤمن بنظرية تغيّب الوعي ويطبقها على اتباعهِ , فنرى مثلاً , إن الرسول (ص) الذي قد اتهمهُ ابن تيمية ورماهُ بالبدعة ,نشاهدهُ كان مواظباً دائما على الزيارة والدعاء لنفسهِ عند قبور البقيع .. ففي صحيح مسلم :2/671؛مسند احمد:5/353 روى مسلم عن بريدة قال:[ كان رسول الله إذا خرج إلى المقابر يعلمهم ان يقولوا : السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وانّا إن شاء الله بكم لاحقون,انتم لنا فرط,ونحن لكم تبع ,نسأل الله لنا ولكم العافية ] …. أوليس قوله :((ونسأل الله لنا ولكم العافية )) دعاء للنفس عند قبور المؤمنين ؟!!.
العجيب وكل العجب ,ان الملتفت إلى أبده البديهيات والمطلع على فنون اللغة البسيطة وخلاصة المنطق وبعض الدروس الأصولية الفقهية من الحلقة الأولى , يرى إن دلالة (الأمر بالدعاء) في الكتاب والسنة مطلقة تـعم كل الأمكنة بلا تخصص .. ولكن ابن تيمية يخترع ويتبرع بتخصصاً من نفسه, مادام الأمر يتعلق بالروح القدسية للنبي (ص) فيجعل الزيارة عند قبر الرسول شركاً !!؟ …. فيقول ابن تيمية, لما سألْ عن زيارة النبي في مجموع الفتاوى:27/19,طبعة القاهرة,دار الوفاء,ط2, 1421هـ (( وأما زيارته فليست واجبة باتفاق المسلمين , بل ليس فيها أمر في الكتاب ولا في السنة ))… وهنا أحببنا أن نرد عليه ونكشف كذبهُ وكيف يدعي إنها باتفاق المسلمين من لحاظيين ..
اللحاظ الأول :: العقل يؤمن ان ابن تيمية مخالف (للإجماع) فالمسلمين القاصدين للحج في جميع الأوقات ,وعلى تباين الديار واختلاف المذاهب ,قد دأبوا على الوصول إلى المدينة المشرفة لقصد زيارته ويعدون ذلك من أفضل الأعمال ولم ينقل إن أحدا أنكر ذلك عليهم , فكان اجماعاً (انظر: نيل الاوطار : 5/97 ).
اللحاظ الثاني :: أقدمْ الأئمة الأربعة الإمام مالك رحمه الله .. قال مالك لأبي جعفر المنصور ,في مناظرة جرت بينهما رواها القاضي عياض في (الشفا) قال : ناظر المنصور الإمام مالكاً في مسجد رسول الله (ص) فقال له مالك : ياامير المؤمنين , لا ترفع صوتك في هذا المسجد , فان الله تعالى أدب قوما فقال (( لاترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي..)) ومدح قوما… وذم قوما …. وإن حرمتهُ ميتاً كحرمته حياً , فاستكان المنصور وقال : يا أبا عبد الله , أستقبل القبلة وادعوا , أم استقبل رسول الله(ص) ؟ فقال مالك : ولمّ تصرف وجهك عنهُ ؟ وهو وسيلتك , ووسيلة أبيك ادم إلى الله تعالى يوم القيامة ؟ بل استقبله واستشفع بهِ , فيشفعه الله تعالى ..
قال الله تعالى (( ولو إنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله …))
وهنا يقول احد المحققين الرساليين المعاصرين في اقتباس جميل من بعض محاضراته بعنوان بحوث : تحليل موضوعي في العقائد والتاريخ الإسلامي , حيث يذكر هناك ..
النبي الأكرم يردُّ السلام على زوّاره
الإيضاح للنووي حاشية الهيثمي ، أخرج أبو داود بسند صحيح عن رسول الله قال : ( ما من أحد يسلّم عليّ إلّا ردّ الله عليّ روحي حتى أرد عليه السلام(
يعلق المحقق قائلاً :
قول : تأمل هذه الفضيلة العظيمة , وهي ردّهُ “صلّى الله عليه وآله وسلم” على المُسَلِّـمْ عليهِ , إذ هو “صلى الله عليه وآله وسلم” حيّ في قبره كسائر الأنبياء , لما ورد مرفوعًا , الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون ، ومعنى ردّ روحه الشريفة , ردّ الروح النطقية في ذلك الحين للردّ عليه .
الكاتب
أبا ذر احمد الباحث

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى