مقالات

المياه مصير الحياة

جاسم مراد

ليست هي قضية انتقائية ولاهي قابلة للمساومات ، ولا يمكن جعلها قضية مرهونة بأخلاقية الاخرين ، وإنما المياه مصير حياة الناس ، وهي جوهر الدفاع عن الوطن ، ففي هذا العام وما سبقه ، باتت المياه تشكل هاجساً حقيقياً للعراق ، ومثل هذا الملف يجب أن يحظى باهتمامات اعلى السلطات العراقية ، وان لا يكون خاضعاً لصدف الزيارات لبعض المسؤولين لإيران وتركيا وسوريا ، فمحافظة ديالى باتت على شفا اليباس بسبب إقامة ايران العديد من السدود ومنع تدفق حصة العراق ، والحال نفسة بالنسبة لتركيا ، فهي الدولة التي أنشئت العديد من السدود وبات حق العراق من المياه المضـــــــــمون دوليا خاضعاً لرغبات السلطات هناك .تربطنا مع هاتين الدولتين علاقات اقتصادية ليست موجودة مع الدول الأخرى المجاورة للعراق ، فقد وصل حجم الميزان التجاري التركي للعراق بحدود 20مليار دولار ، ومع ايران وصل الى 19مليار دولار وهو في تزايد مستمر ، ولم تحترم هذه الدول تلك التطورات المهمة في الميزان التجاري ، ولا حتى حقوق العراق المائية ، ففي كل عام يشهد العراق ظروفا قاسية في شحة المياه ، وصل بعظها كما هو لسكان محافظة ديالى الى حفر الابار لتغطية حاجة الناس ، ناهيك لهلاك الكثير من الأراضي الزراعية نتيجة توقف الإيرادات المائية من ايران ، كما إن دجلة والفرات يحدث فيهما نقصا حادا في المياه جراء السدود التركية وحجز حصة العراق بسبب هذه السدود مما تسبب بصعود اللسان الملحي لشط العرب.كان من المفترض أن لا تكون هذه المسألة الحيوية جداً رهينة لزيارات وزارة الخارجية لتلك الدول ، وإنما يتوجب أن تكون ضمن أولويات رئاسات الدولة العراقية ، ولنا حكمة وتجربة من جمهورية مصر العربية حيث اكد السيسي في احدى خطبه ، بأن مصر لا يمكن أن تقبل بأي حال من الأحوال أن يكون النيل وشعب النيل رهينة لأمزجة ومواقف اثيوبيا في بناء سد النهضة وتقليل حصة مصر التاريخية من المياه ، وفي ضوء ذلك أبلغت مجلس الامن الدول والدول الافريقية بخطورة ممارسات اثيوبيا .نحن لا نقول إن السلطات العراقية أن تذهب الى حدود التهديد للدفاع عن حقوقها المائية ، وإنما استعمال العديد من الأوراق التي تملكها وبالخصوص في المجالات الاقتصادية .المسألة ليست متعلقة في شحة المياه بسبب الموقفين لتركيا وإيران ، وإنما هناك الكثير من البحيرات التي أنشئت على اكتاف دجلة والفرات لسياسيين متنفذين في السلطة والدولة ، وأصبحت لجنة الزراعة والمياه والاهوار في مجلس النواب عاجزة عن وقف هذه التجاوزات حيث اكد احد أعضاء اللجنة من النواب في حديث تلفزيوني لبرنامج المحايد بأن اللجنة أصدرت قراراً بإلغاء هذه التجاوزات التي باتت تؤرق الفلاحين وأصحاب الأراضي الزراعية إلا إن قيادة البرلمان أوقفت هذا القرار بسبب ضغط الأحزاب والقوى السياسية المستفيدة حصرا من تلك البحيرات .ملوثات المعامللقد باتت الأنهار وكذلك دجلة والفرات تعيش حالة من الاختناق بسبب التلوث الذي تسببه بقايا المستشفيات وملوثات المعامل وغيرها ، ويبدو إن الجهات المسؤولة وهي وزارة الصحة والبيئة وامانة بغداد وإدارة الموارد المائية لم تراعي هذا التلوث وتتخذ الإجراءات الكفيلة بمنعة ومخاطر تسببه على حياة الناس .بات من الضرورة بمكان أن تتخذ الحكومة العراقية خطة عمل راهنة ومستقبلية لحماية حقوق العراق المائية على وفق على ما هو مثبت دولياً ، وهذا الأمر يقتضي تنشيط الحوارات مع تركيا وايران وتثبيت حقوق العراق بحيث لا تكون خاضعة لأمزجة تلك الدول لكونها مصيرية للبلاد والشعب .وبالضرورة يمكن التأكيد ، بأن الدولة الضعيــــــــفة والتي تتجاذب عبر مواقــــــف الأحزاب والكيانات الأخرى على وفــــــــق علاقاتها مع هاتين الدولتين فأنها لم تكن بمستوى الدفاع عن اهم قضية في حياة العراقيين والبشرية جمعاء وهي المياه ، وعلى الجميع أن يدرك بأن التحولات البيئية في العالم قد خلقت شحة في المياه وزيادة في حجم التصحر في العــــــــديد من بلدان العالم ، والعــــــــراق سيكون المتضرر إذا بقي الوضـــــــع على ما هو عليه ، نظام ضعيف ومحاصصة طائفية وعرقــــــية تنخر جــــــسد البلاد .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى