مقالات

النوّاب الأموات.. والحياة

د. فاتح عبدالسلام

تعجبوا‭ ‬لأن‭ ‬مرشحة‭ ‬متوفية‭ ‬منذ‭ ‬شهرين‭ ‬فازت‭ ‬في‭ ‬الانتخابات،‭ ‬كأنه‭ ‬حدث‭ ‬نادر‭ ‬،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬يلتفتوا‭ ‬الى‭ ‬ان‭ ‬الدورات‭ ‬البرلمانية‭ ‬السابقة‭ ‬كان‭ ‬تضم‭ ‬امواتا‭ ‬من‭ ‬أنواع‭ ‬شتى‭ . ‬منهم‭ ‬من‭ ‬كانوا‭ ‬موتى‭ ‬الضمائر‭ ‬وهم‭ ‬الأغلبية‭ ‬الساحقة‭ ‬ومنهم‭ ‬موتى‭ ‬الأفكار‭ ‬والعقول‭ ‬،‭ ‬وبينهم‭ ‬موتى‭ ‬في‭ ‬ملامحه‭ ‬المنتزعة‭ ‬من‭ ‬غابة‭ ‬الخوف‭ ‬خشية‭ ‬ان‭ ‬يلاقي‭ ‬أبناء‭ ‬دائرته‭ ‬الانتخابية‭ ‬يوما‭ ‬بالصدفة‭ ‬ولا‭ ‬يدري‭ ‬ماذا‭ ‬سيحل‭ ‬به‭ . ‬وكانت‭ ‬الموت‭ ‬مصيبا‭ ‬لقرارات‭ ‬الدورات‭ ‬البرلمانية‭ ‬أيضا‭ ‬وليس‭ ‬لشخوصها‭ ‬المنتجين‭ ‬والمدجنين‭ ‬في‭ ‬مصانع‭ ‬الأحزاب‭ ‬رديئة‭ ‬النوعية‭ ‬ورخيصة‭ ‬الثمن‭. ‬نواب‭ ‬موتى‭ ‬أرواحاً،‭ ‬ومتدافعون‭ ‬أجساداً‭ ‬نحو‭ ‬امتيازات‭ ‬وقوانين‭ ‬تجلب‭ ‬لهم‭ ‬ما‭ ‬فاتهم‭ ‬من‭ ‬فوائد‭. ‬في‭ ‬كل‭ ‬دورة‭ ‬‮٣٢٩‬‭ ‬نائباً،‭ ‬لم‭ ‬نسمع‭ ‬من‭ ‬أصواتهم‭ ‬سوى‭ ‬المزمجر‭ ‬أو‭ ‬المُطبّل‭ ‬أو‭ ‬المهلهل‭ ‬او‭ ‬النائح‭ ‬او‭ ‬النعّاب‭ ‬أو‭ ‬المتخرّص‭ ‬أو‭ ‬المغرض‭ ‬أو‭ ‬المدفوع‭ ‬بدناءة‭ ‬من‭ ‬خلف‭ ‬الكواليس‭. ‬لا‭ ‬قانون‭ ‬وجدنا‭ ‬تشرق‭ ‬فيه‭ ‬الحياة‭ ‬العراقية،‭ ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬مشرقة‭ ‬طوال‭ ‬عهود‭ ‬طويلة،‭ ‬ربما‭ ‬تمتد‭ ‬الى‭ ‬الفترة‭ ‬المظلمة‭ ‬نفسها‭. ‬ولا‭ ‬أحاديث‭ ‬بنّاءة‭ ‬من‭ ‬النواب‭ ‬الا‭ ‬حين‭ ‬يحمل‭ ‬رؤساؤهم‭ ‬على‭ ‬ظهورهم‭ ‬احمالاً‭ ‬لنقلها‭ ‬في‭ ‬ملاعب‭ ‬الاخرين‭ ‬في‭ ‬مناكفات‭ ‬ومهاترات‭ ‬تتخذ‭ ‬اللعبة‭ ‬البرلمانية‭ ‬حجة‭ ‬واقية‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬ان‭ ‬الذي‭ ‬يجري‭ ‬هو‭ ‬محض‭ ‬اسفاف‭ ‬وتبعية‭. ‬لا‭ ‬يعنينا‭ ‬كون‭ ‬بعض‭ ‬الفائزين‭ ‬اليوم‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬الوجوه‭ ‬القديمة‭ ‬الأكثر‭ ‬رفضاً‭ ‬من‭ ‬اغلبية‭ ‬العراقيين،‭ ‬فذلك‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬امراً‭ ‬مهما‭ ‬بعد‭ ‬انهيار‭ ‬المقاييس‭ ‬واختلاس‭ ‬المكاييل‭ ‬واختلال‭ ‬الموازين‭. ‬كم‭ ‬قانوناً،‭ ‬اظهر‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬النوّاب‭ ‬قيمة‭ ‬العمق‭ ‬الشعبي‭ ‬في‭ ‬الرأي‭ ‬والرؤية‭ ‬والحاجة‭ ‬والرغبة؟‭ ‬متى‭ ‬استشار‭ ‬نائب‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬جوقة‭ ‬النواب‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الدورات‭ ‬دائرته‭ ‬الانتخابية‭ ‬في‭ ‬شأن‭ ‬التصويت‭ ‬على‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬او‭ ‬اجتراح‭ ‬قانون‭ ‬او‭ ‬قرار‭ ‬سواء‭ ‬ورد‭ ‬مشروعه‭ ‬من‭ ‬السلطة‭ ‬التنفيذية‭ ‬او‭ ‬لم‭ ‬يرد‭. ‬يسمونها‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬انحاء‭ ‬العالم‭ .. ‬حياة‭ ‬نيابية،‭ ‬لأن‭ ‬فيها‭ ‬الحياة‭ ‬أولاً،‭ ‬وليس‭ ‬الموت‭ ‬المعنوي‭ ‬والحقيقي‭ ‬أيضاً‭. ‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى