مقالات

” تلك الصيحة أول جرس يقرع في ساحة الثورة الكبرى التي ستطيح برؤوس الفساد”

الكاتب : مؤيد عبد الستار

إستمرت انتفاضة تشرين التي اشتعلت في ساحة التحرير منذ أشهر على توهجها فهي سليلة عدة انتفاضات واعتصامات بدأت إرهاصاتها في شارع المتنبي وساحة التحرير وساحة الاندلس ، منها كانت 

على شكل احتفالات ومنها على شكل مهرجانات ثقافية ومنها كانت احتجاجات على الخدمات والبطالة وغير ذلك من اشكالات الوضع السياسي الجائر الذي أوغلت فيه الاحزاب والقوى السياسية في غيّها واستمرأت نهب الاموال دون حسيب ورقيب، فضاعت مليارات الدولارات من ميزانية العراق في أكبر سرقة لم يحدث لها مثيل في تاريخ دول العالم الثالث . 

امتازت التظاهرات بمشاركة الشباب ، ذكورا واناثا ، وهو ما شكل ظاهرة كانت تفتقر لها تظاهرات العراقيين يوم كانوا يتظاهرون ضد نظام صدام حسين في الخارج على سبيل المثال ،لان التظاهر داخل العراق كان شبه مستحيل لقوة القمع والتنكيل الذي كان يتعرض له كل من ينبس بهمسة أو ببنت شفه ضد النظام الصدامي .

كما ساهم انتشار الانترنيت ، واستخدام الهواتف الحديثة في الاطلاع على مواقع التواصل الاجتماعي والاستفادة من تبادل الاراء ونشر الصور والفيديوهات وسرعة انتقال الاخبار واطلاع العالم والراي العام العراقي على ما يحدث ويجري في العراق من استغلال لموارد الدولة ونهبها دون تقديم الخدمات الضرورية مثل الماء والكهرباء وخدمات المجاري وسحب مياه الامطار ونشر صور الفيضانات التي  كانت تتعرض لها المدن وعلى الاخص بغداد وأشهر مثال على ذلك صخرة عبعوب التي أصبحت مثار سخرية وفضاء واسعا لنقد السلطة وأزلامها ما فتح الباب واسعا لتحجيم المسؤولين وازاحة الهالة التي كانوا يتمتعون بها ، وظهروا كاقزام فاشلين أمام عزيمة الشباب التي تجلت في النزول الى الشوارع والساحات وكشفت عجز وفشل المسؤولين في إدارة الدولة .

أضاف السفر الى دول الجوار مثل ايران وتركيا واذربيجان ولبنان  والاردن ودبي وبعض بلدان اوربا وتبادل الزيارات مع العراقيين في المهجر وانتشار ثقافة السفر وحب الاستطلاع لدى الشباب والتعرف على العالم والدول المتقدمة ، كل ذلك أضاف وعيا جديدا لدى الشباب وحرك طموحهم لان يسابقوا الزمن ويعيشوا في عراق لا يقل تقدما عن البلدان الجارة .

قدم الكتاب والفنانون ورموز العلم من داخل العراق وخارجه أفكارا جادة مؤثرة في الوعي الاجتماعي للشباب الباحث عن المعرفة من طلاب الجامعات والثانويات والفئات العمرية الفاعلة في حقل العمل والابداع الثقافي والفني ، والهم الاعلاميون وكتاب الاعمدة  الصحفية والدراسات الاجتماعية والمقالات السياسية التحريضية قطاعات واسعة من الشباب المتطلع الى حياة أفضل ، واضطلعت بعض القوى والمنظمات السياسية التقدمية بدور لايستهان به في تنظيم صفوف الشباب وتدريبهم على العمل التنظيمي وزجهم في حملات النهوض الثقافي والسياسي مما كان له كبير الاثر في ازدياد زخم الاحتجاجات التي كانت في بداية الامر خجولة ومقصورة على مجموعات ونخب ثقافية قليلة سرعان ما نمت وكسبت الاف الشباب المتعطش الى كل جديد في الثقافة والفن والمعرفة والعلوم .

انحازت قطاعات واسعة من المجتمع العراقي الى جانب النخب المحتجة على الواقع المتردي والفساد المنتشر بين صفوف الفئة الحاكمة في أعلى هرم السلطة ، وشعر الجميع بثقل الفساد السياسي والاداري والمالي ، فاكتوت جماهير واسعة بنار الرشوة والفساد وشراء الذمم وبيع المناصب وهروب رؤوس السلطة السياسية ورموز الاسلام السياسي بمئات الملايين من الدولارات التي سرقوها من ثروة البلاد  دون وخزة ضمير رغم ادعائهم الايمان والصلاة بكرة وعشيا ويطمغون جباههم بوسم العبادة متوهمين ان المواطنين لا يفقهون شيئا ، فطلعت الجماهير تصرخ بوجوههم : باسم الدين باكونا الحرامية .

 وكانت تلك الصيحة أول جرس يقرع في ساحة الثورة الكبرى التي ستطيح برؤوس الفساد والخيانة مثلما أطاحت ثورة تموز المجيدة برؤوس  النظام الملكي الفاسد .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى