مقالات

حكومتان‭ ‬في‭ ‬لندن‭ ‬وبغداد

فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام

‭ ‬ازمة‭ ‬تشكيل‭ ‬الحكومة‭ ‬البريطانية‭ ‬مدوية،‭ ‬وتتصاعد‭ ‬في‭ ‬الساعات‭ ‬وليس‭ ‬الأيام،‭ ‬بعد‭ ‬استقالة‭ ‬سريعة‭ ‬لليز‭ ‬تراس‭ ‬التي‭ ‬حكمت‭ ‬أربعة‭ ‬وأربعين‭ ‬يوما‭ ‬ونالت‭ ‬مباركة‭ ‬ملكة‭ ‬وملك‭ ‬في‭ ‬سابقة‭ ‬بين‭ ‬رؤساء‭ ‬الحكومات‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭. ‬لكن‭ ‬هذه‭ ‬الازمة‭ ‬الوزارية‭ ‬ذات‭ ‬الأثر‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬الشعب‭ ‬الذي‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬تضخم‭ ‬الأسواق‭ ‬وهبوط‭ ‬العملة‭ ‬ورعب‭ ‬فاتورة‭ ‬الطاقة،‭ ‬لا‭ ‬تقارن‭ ‬بأية‭ ‬ازمة‭ ‬حكومية‭ ‬في‭ ‬بلدان‭ ‬مشرقية‭ ‬كثيرة‭ ‬ومنها‭ ‬العراق‭ ‬الذي‭ ‬يصادف‭ ‬انه‭ ‬ايضاً‭ ‬بالكاد‭ ‬وجد‭ ‬رئيسا‭ ‬مكلفا‭ ‬لحكومة‭ ‬جديدة‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬بين‭ ‬رد‭ ‬وبدل‭ ‬في‭ ‬دهاليز‭ ‬الكتل‭ ‬والأحزاب‭ ‬السياسية‭.‬برغم‭ ‬تعقيد‭ ‬الازمة‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭ ‬الا‭ ‬انّ‭ ‬طريقها‭ ‬الى‭ ‬الحل‭ ‬واضح،‭ ‬وله‭ ‬مرجعيات‭ ‬فاعلة‭ ‬في‭ ‬ضبط‭ ‬حركة‭ ‬الواقع‭ ‬السياسي،‭ ‬اذ‭ ‬سيقوم‭ ‬حزب‭ ‬المحافظين‭ ‬الفائز‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬السابقة‭ ‬بتكوين‭ ‬حكومة‭ ‬بديلة‭ ‬في‭ ‬أيام‭ ‬قليلة‭ ‬جدا،‭ ‬أمام‭ ‬مراقبة‭ ‬شديدة‭ ‬من‭ ‬عيون‭ ‬الحزب‭ ‬المنافس‭ ‬الكبير‭ ‬،‭ ‬حزب‭ ‬العمال‭

.‬الاستقالات‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الحقيقية‭ ‬أساس‭ ‬ديمومتها‭ ‬وصحتها‭ ‬وتطورها‭. ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يتوقف‭ ‬عند‭ ‬منصب‭ ‬ما‭ ‬ويكون‭ ‬محتكرا‭ ‬له‭. ‬كما‭ ‬انه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬أي‭ ‬وجه‭ ‬سياسي‭ ‬يعاد‭ ‬مرتين‭ ‬وثلاث‭ ‬مرات‭ ‬الى‭ ‬واجهة‭ ‬زعامة‭ ‬حزبه‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬التمثيل‭ ‬الحكومي‭ ‬في‭ ‬خلال‭ ‬العقدين‭ ‬الأخيرين‭. ‬في‭ ‬العراق‭ ‬اليوم‭ ‬انتعشت‭ ‬آمال‭ ‬الفرحين‭ ‬بما‭ ‬يسمى‭ ‬بالولاية‭ ‬الثالثة‭ ‬وما‭ ‬أدراك‭ ‬ماهي،‭ ‬في‭ ‬اعقاب‭ ‬التكليف‭ ‬الجديد،‭ ‬وكثر‭ ‬الغمز‭ ‬واللمز‭ ‬من‭ ‬معارضين‭ ‬سياسيين‭ ‬ومن‭ ‬الشعب‭ ‬ايضا،‭ ‬وهذا‭ ‬امتحان‭ ‬حقيقي‭ ‬لصاحب‭ ‬المسؤولية‭ ‬الجديد‭ ‬في‭ ‬اجتراح‭ ‬طريق‭ ‬مختلف‭ ‬في‭ ‬الخدمة‭ ‬والسياسة‭.‬اشتقاق‭ ‬الحكومات‭ ‬من‭ ‬الأحزاب‭ ‬الفائزة‭ ‬بالانتخابات‭ ‬ليس‭ ‬عيبا،‭ ‬وحتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬معظم‭ ‬الحقائب‭ ‬منوطاً‭ ‬بحزب‭ ‬فائز‭ ‬واحد،‭ ‬لأنّ‭ ‬اللعبة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬تقتضي‭ ‬ذلك،‭ ‬والقانون‭ ‬والدستور‭ ‬هما‭ ‬الحكم‭ ‬لتقويم‭ ‬المسارات،‭ ‬ولا‭ ‬داعي‭ ‬للقلق‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬اختلال‭. ‬لكن‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬المبني‭ ‬على‭ ‬تثوير‭ ‬الانقسامات‭ ‬والإفادة‭ ‬من‭ ‬اللعب‭ ‬بها‭ ‬وعليها،‭ ‬تقتضي‭ ‬الضرورة‭ ‬تقنين‭ ‬المسار‭ -‬الديمقراطي‭- ‬ليكون‭ ‬تمثيليا‭ ‬للمجموعات‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬توافق‭ ‬له‭ ‬طاقة‭ ‬تشغيلية‭ ‬اقوى‭ ‬من‭ ‬الدستور‭ ‬ذاته‭.‬وزراء‭ ‬الحكومة‭ ‬البريطانية‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬حزب‭ ‬المحافظين‭ ‬بشكا‭ ‬اساس،‭ ‬لكنهم‭ ‬يعملون‭ ‬لصالح‭ ‬عموم‭ ‬الشعب‭ ‬البريطاني،‭ ‬ويكادون‭ ‬ينسون‭ ‬حزبهم‭ ‬في‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬تأدية‭ ‬المهام‭ ‬الوزارية‭.

. ‬أما‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬فإنّ‭ ‬مجيء‭ ‬الوزير‭ ‬من‭ ‬حزب‭ ‬معين‭ ‬أو‭ ‬جهة‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬تكريس‭ ‬الجهد‭ ‬والمال‭ ‬والامتيازات‭ ‬والفرص‭ ‬لحزبه‭ ‬او‭ ‬مجموعته‭ ‬التي‭ ‬جاء‭ ‬منها‭. ‬هذه‭ ‬ابسط‭ ‬الفروق‭ ‬وأهمها‭ ‬أيضاً‭.‬‭ ‬

لكننا‭ ‬بالتأكيد‭ ‬لسنا‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬إيضاح‭ ‬الفروق‭ ‬بين‭ ‬حكومتين،‭ ‬الأولى‭ ‬تقوم‭ ‬في‭ ‬لندن‭ ‬والأخرى‭ ‬ولادتها‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬فذلك‭ ‬أمر‭ ‬آخر‭ ‬تماماً‭.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى