مقالات

خمس جزر

فاتح عبدالسلام

في‭ ‬العراق‭ ‬اليوم‭ ‬خمس‭ ‬جزر‭ ‬سياسية،‭ ‬وثمة‭ ‬بحر‭ ‬مضطرب،‭ ‬وهناك‭ ‬فنارات‭ ‬هنا‭ ‬وهناك‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يلتفت‭ ‬اليها،‭ ‬والجميع‭ ‬منشغل‭ ‬بنفسه‭ ‬على‭ ‬انفراد‭ ‬مثير‭ ‬للدهشة‭.‬

الجزيرة‭ ‬الأولى،‭ ‬ما‭ ‬عبرت‭ ‬عنه‭ ‬صورة‭ ‬اجتماع‭ ‬الرئاسات‭ ‬الأربع،‭ ‬اذ‭ ‬جرى‭ ‬التأكيد‭ ‬في‭ ‬الاجتماع‭ ‬على‭ ‬كلام‭ ‬بروتوكولي‭ ‬شكلي‭ ‬ينتمي‭ ‬الى‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬أنواع‭ ‬اسقاط‭ ‬الفروض‭ ‬وملء‭ ‬الشاشات‭ ‬ليس‭ ‬أكثر،‭ ‬ولو‭ ‬كان‭ ‬الذي‭ ‬قيل‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الاجتماع‭ ‬يعني‭ ‬احدا‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬السياسية‭ ‬لما‭ ‬حدث‭ ‬هذا‭ ‬الفتق‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬الصورة‭ ‬التي‭ ‬حاولت‭ ‬مختلف‭ ‬قوى‭ ‬العالم‭ ‬تثبيتها‭ ‬على‭ ‬حال‭ ‬ما‭ ‬طوال‭ ‬عقدين‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬جدوى‭

.‬‭ ‬الجزيرة‭ ‬الثانية‭ ‬هي‭ ‬الاطار‭ ‬التنسيقي،‭ ‬حيث‭ ‬تقوم‭ ‬فوق‭ ‬ترابها‭ ‬معازف‭ ‬التصريحات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يجمعها‭ ‬بوصلة‭ ‬وليس‭ ‬لها‭ ‬خطة‭ ‬واضحة‭ ‬لمواجهة‭ ‬الازمة‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬الاطار‭ ‬على‭ ‬دراية‭ ‬عميقة‭ ‬بها‭ ‬منذ‭ ‬أيام‭ ‬بعيدة،‭ ‬وكان‭ ‬تداركها‭ ‬ممكناً‭ ‬بصحبة‭ ‬تنازلات،‭ ‬ربما‭ ‬لا‭ ‬يلحظها‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬العراقيين،‭ ‬الذين‭ ‬اعتادوا‭ ‬على‭ ‬حدوث‭ ‬توافقات‭ ‬وتقاسمات‭ ‬،‭ ‬وربما‭ ‬كانوا‭ ‬سيعدون‭ ‬التنازلات‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬التوافقات‭.‬

أما‭ ‬الجزيرة‭ ‬الثالثة‭ ‬فهي‭ ‬التيار‭ ‬الصدري‭ ‬،‭ ‬الذي‭ ‬خرج‭ ‬عمله‭ ‬من‭ ‬نطاق‭ ‬الاجتماعات‭ ‬والاتصالات‭ ‬الى‭ ‬الشارع‭ ‬،‭ ‬وصارت‭ ‬خطوة‭ ‬العودة‭ ‬الى‭ ‬الطاولات‭ ‬صعبة‭ ‬،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬التيار‭ ‬في‭ ‬جزيرة‭ ‬منفصلة،‭ ‬كواقع‭ ‬حال‭ ‬توصيفي‭ ‬للمشهد‭.‬‭ ‬

هناك‭ ‬جزيرة‭ ‬شبه‭ ‬غارقة‭ ‬للعرب‭ ‬السُنة،‭ ‬تظهر‭ ‬وتختفي‭ ‬بحسب‭ ‬علو‭ ‬الأمواج،‭ ‬وربّما‭ ‬كانت‭ ‬ارضها‭ ‬متحركة‭ ‬قد‭ ‬تدفع‭ ‬بها‭ ‬رياح‭ ‬عاتية‭ ‬الى‭ ‬اية‭ ‬ناحية‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬مفاجئ‭. ‬وفي‭ ‬المشهد،‭ ‬جزيرة‭ ‬قديمة،‭ ‬هي‭ ‬إقليم‭ ‬كردستان،‭ ‬ربما‭ ‬يرى‭ ‬فيها‭ ‬بعضهم‭ ‬فنارات‭ ‬ودلالات‭ ‬طريق‭ ‬بعض‭ ‬الوقت‭ . ‬يمر‭ ‬موج‭ ‬عاتٍ‭ ‬من‭ ‬قربها،‭ ‬ثمّ‭ ‬تغمرها‭ ‬نسمات‭ ‬تُلطف‭ ‬الصيف‭ ‬السياسي،‭ ‬ما‭ ‬تلبث‭ ‬الأجواء‭ ‬ان‭ ‬تعود‭ ‬ملبدة،‭ ‬حين‭ ‬تصفو‭ ‬الاحوال‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬او‭ ‬بين‭ ‬متخاصمين‭ ‬في‭ ‬الإطار‭ ‬والتيار‭.‬‭ ‬حتى‭ ‬هذه‭ ‬الساعة،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬سَكنة‭ ‬الجزر‭ ‬الخمس‭ ‬ماكثين‭ ‬فوق‭ ‬ترابها‭ ‬وقد‭ ‬أقفل‭ ‬كل‭ ‬فريق‭ ‬بابه‭ ‬على‭ ‬نفسه‭ ‬واتباعه،و‭ ‬لم‭ ‬ينزل‭ ‬احد‭ ‬منهم‭ ‬خائضاً‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬المحيط‭ ‬والمحدق،‭ ‬والذي‭ ‬يخشاه‭ ‬الجميع‭ ‬،‭ ‬ولعل‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬سيبقى‭ ‬الى‭ ‬أمد‭ ‬بعيد‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى