مقالات

ذمة‭ ‬من‭ ‬الجَمل‭ ‬أذنه

فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام

‭ ‬‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬تشكيل‭ ‬حكومي‭ ‬جديد‭ ‬يسمع‭ ‬العراقيون‭ ‬انّ‭ ‬بعض‭ ‬الوزراء‭ ‬أو‭ ‬النواب‭ ‬أو‭ ‬الرئاسات‭ ‬كشفوا‭ ‬عن‭ ‬ذممهم‭ ‬المالية،‭ ‬ويمضي‭ ‬الخبر‭ ‬بين‭ ‬طيات‭ ‬النسيان،‭ ‬ولا‭ ‬يكون‭ ‬بعد‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬المناصب‭ ‬أي‭ ‬اعلان‭ ‬مماثل‭ ‬عن‭ ‬وضع‭ ‬الذمم‭ ‬وكيف‭ ‬أصبح‭ ‬حالها‭.‬‭ ‬ويخشى‭ ‬أيّ‭ ‬مراقب‭ ‬أن‭ ‬تتحول‭ ‬هذه‭ ‬المسألة‭ ‬الضرورية‭ ‬لمحاربة‭ ‬الفساد‭ ‬وإقرار‭ ‬الشفافية‭ ‬الى‭ ‬استعراضات‭ ‬موسمية‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬واحد،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬جهات‭ ‬تمثل‭ ‬طرفاً‭ ‬آخر‭ ‬مخوّلاً‭ ‬بمتابعة‭ ‬الذمة‭ ‬المالية‭ ‬بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬الفترة‭ ‬التي‭ ‬يقضيها‭ ‬المسؤول‭ ‬في‭ ‬المنصب‭.‬

حتى‭ ‬الان‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬الية‭ ‬مكشوفة‭ ‬لوسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬عن‭ ‬الكيفية‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬فيها‭ ‬تحديد‭ ‬الذمة‭ ‬المالية‭ ‬واعلانها،‭ ‬وهل‭ ‬تشمل‭ ‬أموال‭ ‬زوجة‭ ‬او‭ ‬زوجات‭ ‬المسؤول‭ ‬وابناءهم‭ ‬ام‭ ‬انها‭ ‬خاصة‭ ‬بشخص‭ ‬واحد‭ ‬يشغل‭ ‬المنصب؟‭. ‬

كما‭ ‬انه‭ ‬لا‭ ‬يجري‭ ‬الكلام‭ ‬عن‭ ‬الذمم‭ ‬المالية‭ ‬التابعة‭ ‬للمسؤولين‭ ‬والنواب‭ ‬في‭ ‬الخارج‭ ‬او‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬جوار‭ ‬العراق‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬الأساس‭ ‬تفيد‭ ‬من‭ ‬الوضع‭ ‬السائب‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وغير‭ ‬متحمسة‭ ‬لضبط‭ ‬وضعه‭ ‬المالي‭ ‬الذي‭ ‬يدر‭ ‬عليها‭ ‬بالسيولة‭.‬‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬اتفاقيات‭ ‬دولية‭ ‬موقعة‭ ‬تخول‭ ‬الجهات‭ ‬العراقية‭ ‬مطالبة‭ ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬يثري‭ ‬فيها‭ ‬المسؤول‭ ‬بالكشف‭ ‬عن‭ ‬أمواله‭.‬

الى‭ ‬جانب‭ ‬ذلك‭ ‬كله‭ ‬يبدو‭ ‬المشهد‭ ‬اختياريا،‭ ‬اذ‭ ‬نسمع‭ ‬مرات‭ ‬انّ‭ ‬ثلاثة‭ ‬مسؤولين‭ ‬كشفوا‭ ‬عن‭ ‬ذممهم‭ ‬المالية،‭ ‬وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬بشهرين‭ ‬نسمع‭ ‬عن‭ ‬خمسة‭ ‬آخرين‭ ‬فعلوا‭ ‬الأمر‭ ‬نفسه،‭ ‬ولكن‭ ‬اين‭ ‬بقية‭ ‬المسؤولين؟‭ ‬وهي‭ ‬الفترة‭ ‬مفتوحة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬سقف‭ ‬زمني‭ ‬في‭ ‬اعلان‭ ‬اللوائح‭ ‬المالية‭ ‬الشخصية؟‭ ‬،‭ ‬ولماذا‭ ‬لايكون‭ ‬اعلان‭ ‬الذمة‭ ‬مع‭ ‬يوم‭ ‬القسم‭ ‬لنيل‭ ‬المنصب‭ ‬على‭ ‬المصحف‭ ‬الكريم،‭ ‬تلك‭ ‬النسخة‭ ‬المباركة‭ ‬التي‭ ‬يقول‭ ‬العراقيون‭ ‬على‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬انها‭ ‬تستحق‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬موسوعة‭ ‬غينيس‭ ‬للأرقام‭ ‬القياسية‭ ‬بوصفها‭ ‬اكثر‭ ‬نسخة‭ ‬من‭ ‬المصاحف‭ ‬أقسم‭ ‬كذباً‭ ‬عليها‭ ‬السياسيون‭ ‬في‭ ‬البلاد‭.‬مرت‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة،‭ ‬حلّت‭ ‬فيها‭ ‬مصائب‭ ‬كثيرة‭ ‬وكبيرة‭ ‬على‭ ‬العراقيين‭ ‬الذين‭ ‬بات‭ ‬لسان‭ ‬حالهم‭ ‬يقول‭ ‬ما‭ ‬حاجتنا‭ ‬بورقة‭ ‬لا‭ ‬نعرف‭ ‬مصيرها‭ ‬ومدى‭ ‬صدقيتها‭ ‬عن‭ ‬إعلان‭ ‬ذمة‭ ‬مالية‭ ‬لمسؤول‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬الأساس‭ ‬ذمة‭ ‬وطنية‭ ‬في‭ ‬مراعاة‭ ‬مصالح‭ ‬الشعب‭ ‬وحفظ‭ ‬ثرواته‭ ‬وسيادته‭ ‬وقراره‭ ‬الوطني‭ ‬وحقن‭ ‬دماء‭ ‬الناس؟وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬،ليتساءلوا‭ ‬كيف‭ ‬يتفشى‭ ‬الفساد‭ ‬بالساعات‭ ‬والدقائق‭ ‬وليس‭ ‬بالأيام‭ ‬والشهور،‭ ‬اذا‭ ‬كانت‭ ‬تلك‭ ‬الإجراءات‭ ‬ناجعة؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى