مقالات

رعاية المتفوقين في العراق

رعاية المتفوقين في العراق – علي كريم خضير

لكلِّ عظيمٍ قصةٌ في الحياة، وتكاد تكون قصصهم مثار الإهتمام بما تنطوي عليه من مفارقات غريبة تستحق الإعجاب والتوثيق. ونتيجةً لما ذكرناه، تحتاج هذه الفئات إلى تعهدٍ من الرعاية والمساندة كي تنهض قائمة بنفسها، منتصرةً على عوامل الإحباط والفشل التي تعترض طريقها في الوصول إلى غايتها المنشودة من أجل رسم مستقبل الإنسان وتقدمه.

ومن أبرز هذه الحالات الانسانية والمظاهر الأثيرة التي تستحوذ على العاطفة، ويجد فيها العقل ضالته من الحكمة والدراية هي تلك الشواهد المتكررة في كل عام دراسي لبعضٍ من طلبتنا الأعزاء الذين يتحصَّلون على معدلات عالية جداً في امتحانات الدراسة الإعدادية، وتشكو عوائلهم الفقيرة من تأمين المصروفات اللازمة لهم بهدف اكمال دراستهم في الجامعات العراقية، لاسيِّما وأن بعضهم من عوائل فلاحيِّة لاتستطيع أن تمارس عملاً آخر لأسباب عدِّة؛ منها البعد المكاني عن مراكز المحافظات، وحسن الطويِّة التي هم عليها في كيفية درِّ معائشهم، وأن حياة المدينة حياة أخرى تستلزم مؤهلات جديدة يفتقد إليها الرجل الذي يقطن الأرياف والقصبات النائية عن المدينة. ولاشكَّ أن هولاءِ الأفراد يشكلون قيمة كبيرة للبلد، وأنَّ الحفاظ عليهم ورعايتهم يعدُّ من أبسط الحقوق التي ينبغي أن تقوم بها الدولة، إذ ليس من الطبيعي التفريط بهذه الثروة البشرية الفاعلة والقادرة على تغيير الواقع جذرياً، لو أتيح لها الأمكانات والقدرات المؤهلة من نحو الدعم المادي والمختبرات المتكاملة في جميع الأختصاصات العلمية، كما أن ترسيخ فكرة الاهتمام بهذه الشريحة سوف يترك بدوره آثاراً نفسية جيدة في ذهنية المبدع ويعمّق من انتمائه لوطنه، ويدفعه إلى تقديم المزيد، وينبغي أن ينسحب هذا الاهتمام إلى شرائح مبدعة أخرى في المجتمع لتعظيم أدوات العطاء ورفع شأن البلاد الذي أوهنته الحروب والفتن، وأيقظته همم الرجال وسواعد الأبطال في محافل كثيرة ومناسبات شتَّى. وخير وسيلة تبرز فيها عناية الدولة بهذه الفئات هو أن تصوغ قانوناً يقرُّهُ مجلس النواب العراقي يحفظ حقوقهم في المجتمع ويعطيهم اندفاعة من الحماس والاصرار على العطاء والإبداع للإرتقاء بالجانب العلمي والبحثي، وأن يخضع المتميزون منهم إلى عناية أكبر وأشمل بهدف تحقيق العدالة وإعطاء كلِّ ذي حقٍّ حقَّه من الجهد والمثابرة، وتوجيه الدولة بتوفير السكن الملائم لهم؛ لأنهم مادة الوطن وثروته وكنزه الدفين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى