مقالات

ضبط التوقيت على ساعة فيينا

د. فاتح عبدالسلام

مع‭ ‬عودة‭ ‬إيران‭ ‬الى‭ ‬المفاوضات‭ ‬النووية‭ ‬في‭ ‬فيينا‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬الشهر‭ ‬الجاري‭ ‬سوف‭ ‬تعيد‭ ‬ساعة‭ ‬المنطقة‭ ‬كلها‭ ‬توقيتاتها‭ ‬تبعا‭ ‬لما‭ ‬ستفرزه‭ ‬الجولات‭ ‬المبكرة‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬المفاوضات‭ ‬التي‭ ‬تصفها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بأنها‭ ‬الحد‭ ‬الفاصل‭ ‬بين‭ ‬اتفاق‭ ‬حقيقي‭ ‬ونقطة‭ ‬اللاعودة‭ ‬وخسارة‭ ‬ما‭ ‬تحقق‭ ‬من‭ ‬مكاسب‭ ‬سابقة‭. ‬هناك‭ ‬حدثان‭ ‬مرتبطان‭ ‬فعلياً،‭ ‬وليس‭ ‬رسمياً،‭ ‬بالمفاوضات‭ ‬حول‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني،‭ ‬الحدث‭ ‬الأول‭ ‬هو‭ ‬موعد‭ ‬الانسحاب‭ ‬الأمريكي‭ ‬للقوات‭ ‬القتالية‭ ‬من‭ ‬العراق‭ ‬مع‭ ‬نهاية‭ ‬اليوم‭ ‬الأخير‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬العام‭. ‬والحدث‭ ‬الثاني‭ ‬مسار‭ ‬المفاوضات‭ ‬الإيرانية‭ ‬السعودية‭ ‬التي‭ ‬تجري‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬وتنتظر‭ ‬عقد‭ ‬جولتها‭ ‬الخامسة،‭ ‬ولايزال‭ ‬الطرفان‭ ‬ينظران‭ ‬اليها‭ ‬بحذر‭ ‬وتحفظ،‭ ‬لكنهما‭ ‬يتطلعان‭ ‬بدرجات‭ ‬متفاوتة‭ ‬الى‭ ‬المضي‭ ‬فيها‭. ‬غير‭ ‬انَّ‭ ‬تداعيات‭ ‬استئناف‭ ‬المفاوضات‭ ‬في‭ ‬فيينا‭ ‬ستظهر‭ ‬سريعا‭ ‬سلباً‭ ‬او‭ ‬إيجاباً‭ ‬على‭ ‬الحدثين‭ ‬اللذين‭ ‬مكانهما‭ ‬بغداد،‭ ‬وهنا‭ ‬تكمن‭ ‬أهمية‭ ‬أن‭ ‬ينجو‭ ‬العراق‭ ‬من‭ ‬أزمات‭ ‬المنطقة‭ ‬وتصفيات‭ ‬حساباتها‭ ‬وافرازاتها‭ ‬السلبية‭ ‬المفاجئة،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬تقول‭ ‬السلطات‭ ‬العراقية‭ ‬انها‭ ‬عملت‭ ‬من‭ ‬اجله‭ ‬ولحفظ‭ ‬البلد‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬اية‭ ‬شظايا‭ ‬تتقاذفها‭ ‬الازمات‭. ‬لكن‭ ‬هل‭ ‬يمكن‭ ‬التسليم‭ ‬بقدرة‭ ‬بغداد‭ ‬على‭ ‬حفظ‭ ‬نفسها‭ ‬من‭ ‬التداعيات،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬وجود‭ ‬انقسام‭ ‬في‭ ‬التكوينات‭ ‬السياسية‭ ‬والمسلحة‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬العراقية‭ ‬والتي‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬بحد‭ ‬ذاتها‭ ‬شرارات‭ ‬للحريق‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يصلنا‭ ‬اللهب‭ ‬البعيد؟‭ ‬انه‭ ‬سؤال‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬الركون‭ ‬الى‭ ‬اجاباته‭ ‬من‭ ‬وحي‭ ‬التصريحات‭ ‬الرسمية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬كل‭ ‬الخارطة‭ ‬السياسية‭ ‬العراقية‭ ‬ذات‭ ‬مسارات‭ ‬واحدة‭ ‬تحت‭ ‬سقف‭ ‬السيادة‭ ‬الوطنية‭. ‬في‭ ‬الأفق‭ ‬يلوح‭ ‬خطر‭ ‬ثان،‭ ‬وهو‭ ‬التفسيرات‭ ‬الذاتية‭ ‬لفصائل‭ ‬أو‭ ‬أحزاب‭ ‬أو‭ ‬شخصيات‭ ‬للاتفاق‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬العراقي‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الإمكانات‭ ‬الاستشارية‭ ‬الامريكية‭ ‬وليس‭ ‬القتالية‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الانسحاب‭ ‬الرسمي‭. ‬وهنا‭ ‬سيكون‭ ‬الاجتهاد‭ ‬تبعاً‭ ‬لتضرر‭ ‬مصالح‭ ‬ولوقع‭ ‬التأثيرات‭ ‬الخارجية،‭ ‬وسيجد‭ ‬البلد‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬مطاطي‭ ‬لا‭ ‬استقرار‭ ‬فيه‭ ‬لقرار‭ ‬أو‭ ‬اتفاق‭ ‬،‭ ‬وتلك‭ ‬احدى‭ ‬بدايات‭ ‬النهاية‭ ‬نحو‭ ‬المجهول‭ ‬التي‭ ‬نختم‭ ‬معظم‭ ‬مقالاتنا‭ ‬بالتحذير‭ ‬منها،‭ ‬والتي‭ ‬هناك‭ ‬مَن‭ ‬يراها‭ ‬بوضوح‭ ‬من‭ ‬مراصد‭ ‬مهمة،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يتجاهل‭ ‬رؤيتها‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬العراقية،‭ ‬أو‭ ‬يرونها‭ ‬ولا‭ ‬يقدرون‭ ‬أهميتها‭ ‬وخطورتها‭ . ‬‭ ‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى