مقالات

لماذا ترعى أمريكا الآن وبقوة مشروع الربط الكهربائي بين العراق والخليج؟!

كتب/ د. جواد الهنداوي .

لم تغفلْ امريكا عن ضبط إيقاع العلاقات بين العراق ودول الخليج و توظيفها، لا في زمن النظام الدكتاتوري السابق، ولا في زمن النظام الديمقراطي الحالي .في إطار العلاقة العراقية – الخليجية، وَظّفتْ امريكا أمريّن أساسيّن و استراتيجيّن وهما: الأمن والطاقة، والكهرباء ،بطبيعة الحال من مُفردات الطاقة .أصبحت التسميات السائدة على الحروب التي توّرط فيها العراق ، أبان حقبة النظام الدكتاتوري السابق، مرتبطة بأسم و بجغرافية الخليج .ابتدأت بالحرب العراقية الإيرانية ،و بأسم حرب الخليج الأولى ، وحرب الخليج الثانية ، إشارة الى احتلال الكويت ، وحرب الخليج الثالثة ،إشارة الى تحرير الكويت. وكانت امريكا حاضرة ،سياسيا و عسكرياً ،في إضرام و أطالة و أختتام جميع تلك الحروب .لم يتمتع العراق بالأمن ،في ظل النظام الديمقراطي الحالي ، ومنذ عام ٢٠٠٣، و ذلك بسبب الإرهاب الممنهج و المدروس والمنظّم ، و امريكا و بعض دول الخليج ساهموا في صناعته و إدامته و توظيفه ، و وفقاً لتصريحات رؤساء و سياسيين امريكيين وخليجيين ، و دراسات وتقارير لمفكرين وسياسيين وصحفيين دوليين .أفتقرَ العراق ، و لايزال ، الى الامن و الاستقرار و ايضاً الى خدمات الطاقة الكهربائية ، وتشير تصريحات رسمية عراقية و اجنبية (ألمانية و امريكية) ، الى دور امريكي في ديمومة أزمة الكهرباء و تسيسها و توظيفها ،كحال ظاهرة الإرهاب و الفصائل المسلحّة ، والدور الامريكي في ديمومة أزمة الكهرباء لا يُلغي ابداً دور الفساد والفاسدين في استغلال الأزمة و أثراء غير مشروع لاحزاب و سياسيين و منتفعين .توسّط و دفاع امريكا الآن و بقوة عن مشروع الربط الكهربائي بين دول الخليج و العراق ، و مشاركتها في الاجتماعات بين مجلس التعاون الخليجي و الطرف العراقي في ٢٠٢٠/٧/١٨ يتزامن مع ظاهرتيّن : الأولى هي ظاهرة التطبيع بين اسرائيل وبعض الدول الخليجية ، و الثانية هي ظاهرة بدء التخطيط لمشاريع مشتركة في مجال الطاقة بين اسرائيل وبعض الدول الخليجية ، وشروع اسرائيل و بقوة في مشاريع نقل الطاقة من الشرق الى اوربا . تريد و تسعى اسرائيل الى ان تكون معبراً اساسياً لنقل و تسويق الطاقة وخاصة الغاز من الدول العربية الى اوربا .سعى العراق ، منذ اكثر من ثمان سنوات ، الى مشاركة الدول الخليجية و المجاورة في حل أزمة الكهرباء ، ولكن وللأسف ، أمتنعت بعض الدول الخليجية عن تقديم ايّة مساعدة ولاعتبارات سياسية ، وحالت مشاكل فنيّة دون قدرة الدول المجاورة الاخرى كالكويت مثلاً من تقديم المساعدة .ارتباط العراق خليجياً في توريد الطاقة الكهربائية أمرٌ ايجابي و خطوة في الاتجاه الصحيح ،حتى و إنْ جاءت متأخرة ، ولكن ما هو اهم هو أنْ يبادر العراق ويسعى الى انتاج ما يحتاجه من الطاقة الكهرائية ، و أنَّ تُعين امريكا العراق في قدرته على بناء منظومته في انتاج الطاقة الكهربائية . ولكن لن تُقدِمْ امريكا على اعانة العراق او السماح له بإنتاج ما يحتاجه من الطاقة الكهربائية .لماذا ؟أصبحت الطاقة الكهربائية ،كالنفط ، منتوجاً سياسياً ، وعنواناً آخر لاستقلال القرار السياسي للدولة ، ليس فقط في العراق ،وانّما في لبنان وفي سوريا وفي اليمن و في ايران ، واصبحت مووسسات الطاقة الكهربائية الفنية والإدارية لها الأولوية في تعرضّها للقصف والتدمير عند اندلاع حرب ، و عُرضة للاستهداف والتخريب، من قبل الجماعات الإرهابية ، او بواسطة هجمات سيبرانية او بواسطة الفساد المالي والإداري .المصلحة الصهيونية والمتمثلّة بالسياسة الامريكية و الاسرائيلية تسعى لتجريد الدول العصيّة على إطاعة امريكا والرافضة للتطبيع مع اسرائيل من حق الاستقلال السياسي والاقتصادي .الاستغلال الأمثل لموارد العراق الطبيعية والاكتفاء الذاتي الطاقة الكهربائية هي مفاتيح الاستقلال و الاستقرار والتمنية ، و لا أظنُّ بأنَّ في مصلحة أعداء العراق استقلاله و استقراره و تنميتهِ . بقاء الدولة في المنطقة منغمسة في مواجهة الإرهاب والفتن والفساد ،و عاجزة عن توفير الخدمات الأساسية للمواطن والمجتمع هو هدف اسرائيل و امريكا ، و هما يحرصان و يسعيان على استخدام الامن والكهرباء والطاقة والدولار وحتى الخبز وسائل لهيمنتهما، ولتركيع الدول والمجتمعات حسبَ ارادتهما .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى