مقالات

لماذا‭ ‬لا‭ ‬نحب‭ ‬السياسيين؟

فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام‭ ‬‭

‬القاسم‭ ‬المشترك‭ ‬لكل‭ ‬العراقيين‭ ‬حين‭ ‬يجتمعون‭ ‬في‭ ‬مقهى‭ ‬أو‭ ‬مكان‭ ‬عام‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬وليمة‭ ‬أو‭ ‬عند‭ ‬السفر‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬المنازل،‭ ‬هو‭ ‬كره‭ ‬السياسيين‭ ‬أشخاصاً‭ ‬وأفعالاً،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬انّ‭ ‬الصحيح‭ ‬هو‭ ‬كره‭ ‬الفعل‭ ‬وليس‭ ‬الشخص‭. ‬وهذه‭ ‬ظاهرة‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬تدرس‭ ‬من‭ ‬المختصين‭ ‬بجدارة‭.‬

السياسيون‭ ‬من‭ ‬طواقم‭ ‬الحُكم‭ ‬بكل‭ ‬العناوين‭ ‬والألوان‭ ‬والقياسات،‭ ‬يصبحون‭ ‬بعد‭ ‬سنتين‭ ‬أو‭ ‬ثلاث‭ ‬أو‭ ‬خمس‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬الماضي‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يحب‭ ‬أن‭ ‬يتذكره‭ ‬أحد‭.

انّ‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬صرفه‭ ‬السياسيون‭ ‬على‭ ‬تقاسم‭ ‬الموازنة‭ ‬وخطوات‭ ‬إقرارها‭ ‬تحت‭ ‬سقف‭ ‬العملية‭ ‬السياسية‭ ‬الخفيض‭ ‬كان‭ ‬يكفي‭ ‬لإنجاز‭ ‬مشاريع‭ ‬لو‭ ‬جرى‭ ‬صرف‭ ‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬نفس‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬وزراء‭ ‬ولجان‭ ‬نيابية‭ ‬ومحافظين‭. ‬حتى‭ ‬الذي‭ ‬يتوافر‭ ‬من‭ ‬السياسيين‭ ‬على‭ ‬سمات‭ ‬شخصية‭ ‬فيها‭ ‬“خير”‭ ‬سيكون‭ ‬بسعر‭ ‬سلطة‭ ‬غارقة‭ ‬في‭ ‬بحر‭ ‬متلاطم‭ ‬من‭ ‬الفساد،‭ ‬لم‭ ‬تظهر‭ ‬منه‭ ‬سوى‭ ‬مويجات‭ ‬من‭ ‬الزبد‭ ‬تمثلت‭ ‬بسرقة‭ ‬القرن‭.‬إنّ‭ ‬لعبة‭ ‬اختصار‭ ‬مسلسل‭ ‬الفساد‭ ‬بمصطلح‭ ‬سياسي‭ ‬مرحلي‭ ‬تزيد‭ ‬في‭ ‬انهاك‭ ‬البلاد‭ ‬وجعلها‭ ‬تحت‭ ‬رحمة‭ ‬برميل‭ ‬النفط‭ ‬الذي‭ ‬يصرف‭ ‬عائده‭ ‬على‭ ‬الرواتب‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تخضع‭ ‬الى‭ ‬مراجعة‭ ‬حقيقية‭ ‬تنصف‭ ‬المواطن‭ ‬بحسب‭ ‬الجهد‭ ‬الخلاق‭ ‬أو‭ ‬الإداري‭ ‬أو‭ ‬العادي‭ ‬الذي‭ ‬يبذله‭.‬‭ ‬من‭ ‬هنا‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يحب‭ ‬السياسيين،‭ ‬هذا‭ ‬ليس‭ ‬حُكماً‭ ‬مطلقاً‭ ‬بسبب‭ ‬وجود‭ ‬طبقات‭ ‬المنتفعين‭ ‬المتوزعين‭ ‬على‭ ‬الحصص‭ ‬الحزبية‭ ‬والطائفية،‭ ‬لكن‭ ‬ماعدا‭ ‬ذلك‭ ‬فإنَّ‭ ‬الحكم‭ ‬مطلق‭ ‬بامتياز‭

. ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬لي‭ ‬انَّ‭ ‬المحافظ‭ ‬الفلاني‭ ‬بنى‭ ‬شارعاً‭ ‬أو‭ ‬مدرسة‭ ‬أو‭ ‬انّ‭ ‬الوزير‭ ‬العلاني‭ ‬يعمل‭ ‬في‭ ‬زيارة‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬او‭ ‬سواه‭. ‬تلك‭ ‬اعمال‭ ‬من‭ ‬صلب‭ ‬الواجب‭ ‬الوظيفي،‭ ‬كما‭ ‬انها‭ ‬مشاريع‭ ‬مرتبطة‭ ‬بموازنات‭ ‬سابقة‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬تنفذ،‭ ‬وانّ‭ ‬تقصير‭ ‬وزراء‭ ‬سابقين‭ ‬في‭ ‬تنفيذها‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬انّ‭ ‬الوزير‭ ‬اللاحق‭ ‬الذي‭ ‬يتابعها‭ ‬متفضل‭ ‬على‭ ‬البلاد‭.‬لقد‭ ‬مرّت‭ ‬على‭ ‬العراق‭ ‬حكومات‭ ‬سابقة،‭ ‬مسخرة‭ ‬بمعنى‭ ‬الكلمة،‭ ‬والفرصة‭ ‬الان‭ ‬لكي‭ ‬تثبت‭ ‬الحكومة‭ ‬جدارة‭ ‬في‭ ‬تبني‭ ‬المواطن‭ ‬بوصفه‭ ‬رأس‭ ‬مال‭ ‬البلاد،‭ ‬وليس‭ ‬شيئاً‭ ‬فائضاً‭ ‬عن‭ ‬الحاجة‭ ‬يُرمى‭ ‬مع‭ ‬المهملات‭ ‬ولا‭ ‬أحد‭ ‬يتذكّره‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬ترميم‭ ‬المواسم‭ ‬الانتخابية‭ ‬العليلة‭.

‬العالم‭ ‬ابدى‭ ‬اهتماماً‭ ‬كبيراً‭ ‬في‭ ‬قرار‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬شن‭ ‬حرب‭ ‬احتلال‭ ‬العراق‭ ‬لمناسبة‭ ‬مرور‭ ‬عشرين‭ ‬سنة‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬الحرب‭ ‬،‭ ‬وقابل‭ ‬ذلك‭ ‬الاهتمام‭ ‬عدم‭ ‬مبالاة‭ ‬من‭ ‬البلد‭ ‬المعني‭ ‬بتلك‭ ‬الكارثة‭ ‬التي‭ ‬يعاني‭ ‬منها‭ ‬العالم‭ ‬بدرجات‭ ‬مختلفة‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭ ‬بسبب‭ ‬ما‭ ‬افرزته‭ ‬من‭ ‬موجات‭ ‬إرهابية‭. ‬وانني‭ ‬أرى‭ ‬لو‭ ‬انّ‭ ‬الطواقم‭ ‬التي‭ ‬حكمت‭ ‬العراق‭ ‬في‭ ‬عقدين‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬نقلته‭ ‬الى‭ ‬مرتبة‭ ‬البلدان‭ ‬الصالحة‭ ‬للحياة‭ ‬التي‭ ‬تليق‭ ‬بأغنى‭ ‬بقاع‭ ‬النفط‭ ‬بالعالم،‭ ‬لكان‭ ‬ذلك‭ ‬مبرراً‭ ‬لعدم‭ ‬تذكر‭ ‬حرب‭ ‬احتلال‭ ‬البلد‭ ‬كوننا‭ ‬صنعنا‭ ‬البديل‭ ‬الذي‭ ‬يمثل‭ ‬حاضراً‭ ‬قادراً‭ ‬على‭ ‬طي‭ ‬صفحة‭ ‬الماضي،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬انها‭ ‬لن‭ ‬تطوى‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬كتابة‭ ‬تاريخ‭ ‬منصف‭ ‬للبلاد‭ ‬التي‭ ‬حكمها‭ ‬فرد‭ ‬واستخف‭ ‬بمصيرها‭ ‬وتركها‭ ‬للمجهول،‭ ‬وحكمها‭ ‬بعده‭ ‬افراد‭ ‬واستخفوا‭ ‬بتاريخها‭ ‬ومستقبلها‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى