مقالات

مكب‭ ‬النفايات

فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام

‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬تفسير‭ ‬واضح‭ ‬ومقنع‭ ‬او‭ ‬إجابة‭ ‬مقبولة‭ ‬على‭ ‬سؤال‭ ‬مزمن‭ ‬يقول‭: ‬لماذا‭ ‬يتعامل‭ ‬العالم‭ ‬بهذه‭ ‬الطريقة‭ ‬البطيئة‭ ‬وغير‭ ‬المسؤولة‭ ‬مع‭ ‬التداعيات‭ ‬السلبية‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬يتوافر‭ ‬عليها‭ ‬استمرار‭ ‬وجود‭ ‬مخيم‭ ‬الهول‭ ‬في‭ ‬سوريا؟‭ ‬هناك‭ ‬اكبر‭ ‬تجمع‭ ‬بشري‭ ‬لبقايا‭ ‬عوائل‭ ‬عناصر‭ ‬داعش‭ ‬الذين‭ ‬قتل‭ ‬اغلبهم،‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬نساؤهم‭ ‬واطفالهم‭ ‬يعيشون‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المخيم،‭ ‬ويتكلمون‭ ‬لغات‭ ‬أمم‭ ‬مختلفة،‭ ‬ولا‭ ‬يزالون‭ ‬تحت‭ ‬الضغط‭ ‬النفسي‭ ‬والمكاني‭ ‬مع‭ ‬أطفالهم‭ ‬بما‭ ‬يساعد‭ ‬يوما‭ ‬بعد‭ ‬آخر‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يتحولوا‭ ‬الى‭ ‬كيانات‭ ‬بشرية‭ ‬غير‭ ‬قابلة‭ ‬للانسجام‭ ‬مع‭ ‬المجتمعات‭ ‬العادية‭.‬العراق‭ ‬أكثر‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬عانت‭ ‬من‭ ‬آثار‭ ‬احتلال‭ ‬التنظيم‭ ‬لمدنه‭ ‬الرئيسة‭ ‬سنوات‭ ‬عدة،‭ ‬وبعده‭ ‬تأتي‭ ‬سوريا‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬اراضيها‭ ‬المورد‭ ‬الأول‭ ‬لموجات‭ ‬داعشية‭ ‬أغرقت‭ ‬العراق‭.‬‭ ‬منذ‭ ‬تحرير‭ ‬الموصل‭ ‬والرقة،‭ ‬يراد‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬العراق‭ ‬هو،‭ ‬البلد‭ ‬الوحيد‭ ‬المعني‭ ‬بمخلفات‭ ‬تنظيم‭ ‬داعش‭ ‬في‭ ‬سوريا،‭ ‬اذ‭ ‬هناك‭ ‬يخضع‭ ‬مخيم‭ ‬“الهول”‭ ‬لإدارة‭ ‬قوات‭ ‬غير‭ ‬نظامية‭ ‬ولا‭ ‬تتعاطى‭ ‬الحكومة‭ ‬السورية‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الهم‭ ‬العظيم،‭ ‬غير‭ ‬انّ‭ ‬العراق‭ ‬مبتلى‭ ‬بهذه‭ ‬التفاصيل‭ ‬التي‭ ‬تنمو‭ ‬يوما‭ ‬بعد‭ ‬اخر‭.‬لابد‭ ‬ان‭ ‬تسحب‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬مواطنيها‭ ‬من‭ ‬مخيم‭ ‬الهول‭ ‬بطرق‭ ‬مباشرة،‭ ‬ولا‭ ‬دخل‭ ‬للعراق‭ ‬بهذا‭ ‬كله،‭ ‬الا‭ ‬يكفي‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬المبتلى‭ ‬بإدارات‭ ‬سياسية‭ ‬شبه‭ ‬مشلولة‭ ‬ونفعية‭ ‬وانتهازية‭ ‬وقصيرة‭ ‬النظر،‭ ‬ان‭ ‬ينتظر‭ ‬كيف‭ ‬سيتدبر‭ ‬أمره‭ ‬مع‭ ‬المواطنين‭ ‬العراقيين‭ ‬الذين‭ ‬تورطوا‭ ‬مع‭ ‬التنظيم‭ ‬واصبح‭ ‬مصيرهم‭ ‬تحت‭ ‬مسقفات‭ ‬مخيم‭ ‬“الهول”،‭ ‬وباتوا‭ ‬يتكاثرون‭ ‬هناك،‭ ‬وانّ‭ ‬جيلاً‭ ‬جديداً‭ ‬من‭ ‬أطفال‭ ‬عناصر‭ ‬داعش‭ ‬المتروكين‭ ‬اقتربوا‭ ‬من‭ ‬مرحلة‭ ‬المراهقة‭ ‬وسيكونون‭ ‬شبابا‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬قليلة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬عملية‭ ‬تأهيل‭ ‬واسعة‭ ‬وكبيرة‭ ‬لدمجهم‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬لاسيما‭ ‬انّ‭ ‬أرامل‭ ‬عناصر‭ ‬التنظيم‭ ‬هن‭ ‬المصدر‭ ‬الأول‭ ‬واحيانا‭ ‬الرئيسي‭ ‬في‭ ‬التوجيه‭ ‬التربوي‭ ‬لهؤلاء‭ ‬الأطفال‭.‬هناك‭ ‬جهد‭ ‬واضح‭ ‬يبذله‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬المسؤول‭ ‬الأمني‭ ‬العراقي‭ ‬قاسم‭ ‬الاعرجي،‭ ‬لكن‭ ‬المسألة‭ ‬كبيرة‭ ‬للغاية،‭ ‬ولابدّ‭ ‬أن‭ ‬تنزل‭ ‬الدولة‭ ‬العراقية‭ ‬بثقلها‭ ‬في‭ ‬مفاتحة‭ ‬العالم‭ ‬لتحمل‭ ‬مسؤولياته‭ ‬الحقيقية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬لف‭ ‬ودوران‭.‬‭ ‬العراق‭ ‬ليس‭ ‬مكباً‭ ‬للنفايات‭ ‬البشرية‭ ‬المتطرفة،‭ ‬هذه‭ ‬الحقيقة‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬أمام‭ ‬المفاوض‭ ‬العراقي‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬المعنية‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬اخراج‭ ‬بلدنا‭ ‬من‭ ‬تحت‭ ‬احتمال‭ ‬انفجار‭ ‬القنبلة‭ ‬الموقوتة‭ ‬التي‭ ‬تستهدف‭ ‬الاستقرار‭ ‬والامن‭ ‬الاجتماعي‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬وقت‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى