مقالات

ملاحظات سريعة عن الموازنة

ملاحظات سريعة عن الموازنة – طالب سعدون

يمكن لأي مراقب من الداخل ، وحتى من الخارج ، أو أي مواطن غير متخصص بالمال والاقتصاد أن تتكون لديه فكرة وملاحظات عن الموازنة ، لانها تمس حياته مباشرة وتعكس مستوى بلاده الاقتصادي .. – الموازنة أحد مؤشرات السياسة المالية لأي بلاد في الدنيا ، وتعكس التنوع الاقتصادي ، ومستوى النمو فيه من خلال أداء القطاعات الانتاجية والخدمية وأبواب الانفاق عليها وتحفيزها لكي تساهم في زيادة هذا النمو ، وبالتالي تجد أثارها واضحة سنة بعد أخرى على تطور البلاد نحو الافضل وارتفاع مستوى معيشة المواطن والخدمات التي تقدم له ..والموازنة تعكس سياسة الدولة أيضا وفلسفة النظام وخطط الحكومة وبرامجها التنموية السنوية والمستقبلية مجسدة بالارقام على الورق لتراها فيما بعد فعلا على الارض ..فأين نحن من هذه القاعدة السياسية – الاقتصادية ؟وهل تحقق الموازنة في العراق هذا الهدف ؟– أيام وينتهي عام 2020 دون موازنة ، وكان صعبا جدا من الناحية الاقتصادية والصحية ، فيما يدور الان حراك اعلامي وسياسي وتكهنات حول موازنة عام 2021 قبل صدورها ..فهل ستكون مختلفة أم كسابقاتها في الاعوام الماضية ، أم موازنة أمر واقع فرضته جائحة كورونا وتداعياتها الاجتماعية والاقتصادية على العالم بما في ذلك اسعار النفط ؟-في العراق تشابهت الموازنات لأنها تعتمد كليا على النفط كمورد رئيس ، باستثناء نسبة بسيطة جدا من موارد اخرى كالضرائب ..-والعجز هو السمة الاساسية في الموازنات ويزداد العجز كلما تراجعت اسعار النفط ، ناهيك عن حالة عدم الاستقرار التي تنعكس على الموازنة وفرص الاستثمار فيها .– الموازنات خالية من التنوع الاقتصادي ..– عندما يغيب التخطيط عن الموازنات تكثر المفاجآت ، كما حصل مع تأخر الرواتب ، ويلعب فيها الحظ والقدر ، لانها مرتبطة بسعر النفط ..– لم تكن الموازنات اكثر من جداول تخمينية للايرادات والنفقات على حد تعبير أحد الخبراء الاقتصاديين ..– ولذلك تحولت الحكومة الى محاسب ، والبرلمان الى ممثل لمصالح ضيقة وساحة لصراعات سنوية بين الكتل ، وتجلى ذلك بوضوح في الخلاف حول نسبة حصة الاقليم في الموازنة وصرف رواتب موظفي الاقليم ما لم يسدد الاقليم ايرادات النفط وغيرها وحصة المحافظات وغالبا ما يحل الخلاف بالتوافق ، وتغيب النظرة الوطنية التكاملية للعراق . . وهناك توقعات بان الخلافات ستكون أكبر من السابق لتزامن مناقشة الموازنة واقرارها مع الانتخابات والخلافات بين المركز والاقليم بعد اقرار قانون الاقراض .-حالة غريبة أن تتحول حكومة العراق الى محاسب ، وهي حالة لا تناسب حجــمه ودوره وسمــعته الدولية وتاريخه في الادارة والحضارة ..– لقد تعاملت الموازنات مع العراق وكأنه وجد على الارض ليعيش يومه ، أو يحيا مواطنه ليأكل فقط ، ومع ذلك حرمت نسبة الفقر العالية المواطن الفقير من أدنى مستلزمات الحياة الطبيعية للانسان ..-إن أخطر ما في النفط أنه أصبح (يعيل) وزارات ومؤسسات ، بضمنها ما يُصنف ضمن المؤسسات الانتاجية التي يفترض بها أن (تعيل) البلاد ، وتكون لها حصتها الواضحة في النهوض بها ، وتساعدها في الانفاق على مؤسسات أخرى كالصناعة والزراعة والسياحة ، وليس أن (تُعال) أو تكون عبئا عليها ، أو تشاركها، أوتنافسها في عائد النفط الآخذ بالتناقص .– النفط يخضع للسوق وليس لارادة الدولة وحاجتها ولذلك يقيد حركتها وقدرتها على تقديم الحلول لمعالجة الازمات الاقتصادية ، فلتجأ الى الاقتراض كما حصل مع ازمة الرواتب .لقد كشف تراجع أسعار النفط كم هي الازمة الاقتصادية والمالية كبيرة ، ، وكم هو مؤثر غياب دور القطاع الخاص ، وكم هو خطير الفساد ، ليس في المال فقط ، وانما في الادارة أيضا عندما لا يكون الانسان في مكانه المناسب ، ويمنح وظيفة أو منصبا ، ليس من استحقاقه الوظيفي ودون تقدير لدور الوظيفة والمنصب في قيادة المؤسسة وتمكينها من أن تؤدي دورها الوطني والتنموي في عملية البناء والنهوض ، وليس أن تكون عبئا على الموازنة ، وتأخذ من نصيب مؤسسات خدمية اخرى..وذلك من صلب مهمة الاصلاح أيضا ..-إصلاح يعتمد رؤية مستقبلية تقوم على اسس وبرنامج يحقق نموا اقتصاديا يؤهلها لتحقيق اقتصاد حقيقي متنوع مستدام تقل فيه نسبة الاعتماد على النفط سنة بعد أخرى ..-اصلاح يعتمد اجراءات سريعة وحاسمة والعمل بسياقات الدولة الصحيحة واجراءاتها القانونية في التخلص من الفساد والوظائف الوهمية والفائضة والفضائية وازدواج الرواتب وتقليص رواتب ومخصصات الدرجات الخاصة وتقليص النفقات وزيادة الموارد غير النفطية من المنافذ الحدودية وتشغيل المصانع المتوقفة وغيرها .-نعم هو امر كبير، لكنه ليس بالامر العسير اذا ما توفرت إرادة سياسية قوية وروح وطنية ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى