مقالات

من اخلاقيات السوق الرأسمالي

د. نزار محمود

يقام‭ ‬اليوم‭ ‬وغداً‭ ‬في‭ ‬برلين‭ ‬لقاء‭ ‬حول‭ ‬شرعنة‭ ‬تناول‭ ‬المخدرات‭ ‬يضم‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬‮٥٠٠٠‬‭ ‬مهتم‭ ‬بقطاع‭ ‬المخدرات‭ ‬من‭ ‬تجار‭ ‬ورجال‭ ‬أمن‭ ‬ومالية‭ ‬واقتصاد‭ ‬وصحة‭ ‬واجتماع‭ ‬وعلم‭ ‬نفس،‭ ‬وبالطبع‭ ‬من‭ ‬المتعاطين‭ ‬والمدمنين‭ ‬على‭ ‬المخدرات‭

. ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬التعاطي‭ ‬والادمان‭ ‬على‭ ‬المخدرات‭ ‬في‭ ‬اوروبا‭ ‬الغربية‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬التحديد‭ ‬من‭ ‬الموضوعات‭ ‬المحرمة‭ ‬أو‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تتضمن‭ ‬سوى‭ ‬العقوبات‭ ‬والردع‭ ‬والتكفير،‭ ‬أو‭ ‬باعتبارها‭ ‬من‭ ‬الجرائم‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والآفات‭ ‬الصحية‭ ‬والقضايا‭ ‬التي‭ ‬تهز‭ ‬الامن‭ ‬المجتمعي،‭ ‬وانما‭ ‬اصبح‭ ‬يجري‭ ‬التعامل‭ ‬معها‭ ‬من‭ ‬زوايا‭ ‬مختلفة‭ ‬منها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والمالية‭ ‬التي‭ ‬باتت‭ ‬تتصدر‭ ‬أولويات‭ ‬الحديث‭ ‬كما‭ ‬سنسلط‭ ‬الضوء‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭ ‬الذي‭ ‬دفعني‭ ‬اليه‭ ‬وأدهشني‭ ‬ماجاء‭ ‬في‭ ‬خبر‭ ‬الاعلان‭ ‬عنه،‭ ‬مضموناً‭ ‬وأسلوباً،‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مؤسسة‭ ‬اذاعة‭ ‬برلين‭ ‬براندينبورغ‭ ‬هذا‭ ‬الصباح‭.‬

لقد‭ ‬تحدث‭ ‬الاعلان،‭ ‬وفي‭ ‬معرض‭ ‬ما‭ ‬يتوقع‭ ‬ان‭ ‬يسفر‭ ‬عنه‭ ‬اللقاء‭ ‬من‭ ‬نتائج‭ ‬ايجابية‭ ‬تنعكس‭ ‬في‭ ‬جملة‭ ‬الامور‭ ‬التالية‭:

ان‭ ‬شرعنة‭ ‬تناول‭ ‬المخدرات‭ ‬ستساهم‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬مليارات‭ ‬اليوروات‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الضرائب‭.‬

كما‭ ‬سيساهم‭ ‬تخفيض‭ ‬النفقات‭ ‬على‭ ‬اجهزة‭ ‬الامن‭ ‬والقضاء‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬تلك‭ ‬الغلة‭.‬‭ ‬هذا‭ ‬اضافة‭ ‬الى‭ ‬ان‭ ‬هذه‭ ‬الاجراءات‭ ‬ستخلق‭ ‬آلافاً‭ ‬من‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭!‬لم‭ ‬أصدق‭ ‬نفسي‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬أقرأ‭ ‬وأسمع‭!! ‬

بيد‭ ‬أنني‭ ‬تداركت‭ ‬أمري‭ ‬وفهمت‭ ‬معنى‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬مجتمع‭ ‬تزداد‭ ‬فيه‭ ‬قبضة‭ ‬الربح‭ ‬على‭ ‬رقبة‭ ‬الاقتصاد‭.‬جلست‭ ‬مطرقاً‭ ‬برأسي،‭ ‬مهدئاً‭ ‬من‭ ‬روعي،‭ ‬مستعرضاً‭ ‬صوراً‭ ‬أخرى‭ ‬ومتأملاً‭ ‬فيها‭ ‬معان‭ ‬كثيرة‭ ‬أخرى‭. ‬

تذكرت‭ ‬أحكام‭ ‬الإعدام‭ ‬في‭ ‬بلدي‭ ‬سابقاً‭ ‬لمن‭ ‬يتعامل‭ ‬بالمخدرات،‭ ‬وعقوبات‭ ‬وروادع‭ ‬قانونية‭ ‬واجتماعية‭ ‬أخرى‭ ‬هنا‭ ‬وهناك‭.

تصفحت‭ ‬صور‭ ‬حانات‭ ‬الخمر‭ ‬واللهو‭ ‬الماجن‭ ‬وبيوتات‭ ‬الدعارة‭ ‬وشرعيتها،‭ ‬ولم‭ ‬أنس‭ ‬حمايتها‭ ‬الامنية‭ ‬والصحية‭ ‬وايرادات‭ ‬ضرائبها‭ ‬التي‭ ‬يعتاش‭ ‬منها‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬العاجزين‭ ‬والعاطلين‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬وحتى‭ ‬مشاركتها‭ ‬في‭ ‬مرتبات‭ ‬ومخصصات‭ ‬الساسة‭ ‬والبرلمانيين‭!‬

هونت‭ ‬على‭ ‬نفسي‭ ‬توتري‭ ‬وانفعالي،‭ ‬حملت‭ ‬جريدتي‭ ‬واتجهت‭ ‬صوب‭ ‬سوق‭ ‬تبضع‭ ‬اشتري‭ ‬فيه‭ ‬ارغفة‭ ‬خبز‭ ‬وشيئاً‭ ‬من‭ ‬خضرة‭ ‬لأمضي‭ ‬الى‭ ‬بيتي‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى