مقالات

نصوص‭ ‬عقابية

فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام

‭ ‬التجارب‭ ‬المريرة‭ ‬والمتكررة‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الدستور‭ ‬العراقي‭ ‬تعطي‭ ‬الانطباع‭ ‬القوي‭ ‬انّ‭ ‬هذا‭ ‬الدستور‭ ‬كان‭ ‬غير‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬نفسه‭ ‬من‭ ‬مستهدفيه‭ ‬الذين‭ ‬يفترض‭ ‬انهم‭ ‬حماته‭ ‬كونهم‭ ‬كانوا‭ ‬أساس‭ ‬تشريعه‭ ‬والمساهمين‭ ‬في‭ ‬كتابته‭ ‬وظهوره‭ ‬قبل‭ ‬سنوات‭.‬

لا‭ ‬توجد‭ ‬أية‭ ‬ضمانات‭ ‬يمكن‭ ‬الاستناد‭ ‬اليها‭ ‬في‭ ‬النظر‭ ‬الى‭ ‬مستقبل‭ ‬آمن‭ ‬للدستور‭ ‬العراقي‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬التطبيق‭ ‬على‭ ‬الواقع،‭ ‬اذا‭ ‬استمر‭ ‬النهج‭ ‬القديم‭ ‬في‭ ‬التعاطي‭ ‬مع‭ ‬الشؤون‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬الكبرى‭.‬

أول‭ ‬خطر‭ ‬يواجه‭ ‬الدستور‭ ‬هو‭ ‬الخروقات‭ ‬التي‭ ‬تستهدف‭ ‬المُدد‭ ‬الدستورية‭ ‬المستحقة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬كل‭ ‬نتائج‭ ‬انتخابات‭. ‬

وهذا‭ ‬الامر‭ ‬لا‭ ‬نهاية‭ ‬له،‭ ‬لسبب‭ ‬جوهري‭ ‬هو‭ ‬انّ‭ ‬الدستور‭ ‬نفسه‭ ‬لا‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬بنود‭ ‬عقابية‭ ‬رادعة‭ ‬للمُتسببين‭ ‬في‭ ‬الخروقات‭ ‬والتجاوز‭ ‬على‭ ‬نصوصه‭.‬خبراء‭ ‬الدستور‭ ‬مدعوون‭ ‬الى‭ ‬التفكير‭ ‬جدياً‭ ‬في‭ ‬انّ‭ ‬أيّ‭ ‬تعديل‭ ‬ممكن‭ ‬للدستور‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬جوهرياً‭ ‬بما‭ ‬يزيل‭ ‬أي‭ ‬تأويلات‭ ‬غامضة‭ ‬لنصوصه‭ ‬ويجعله‭ ‬حدا‭ ‬فاصلا‭ ‬بين‭ ‬الأشياء‭ ‬والمواقف‭ ‬والقوانين‭ ‬حين‭ ‬يلتبس‭ ‬بعضها‭ ‬مع‭ ‬البعض‭ ‬الآخر،‭ ‬لاسيما‭ ‬تلك‭ ‬البنود‭ ‬التي‭ ‬تثير‭ ‬الخلافات‭ ‬حول‭ ‬الثروة‭ ‬والقضايا‭ ‬الإدارية‭ ‬بين‭ ‬بغداد‭ ‬واربيل‭ ‬والفترات‭ ‬الدستورية‭ ‬المتصلة‭ ‬بتداول‭ ‬السلطة،‭ ‬الى‭ ‬جانب‭ ‬الحاجة‭ ‬لنصوص‭ ‬تعاقب‭ ‬كلّ‭ ‬مَن‭ ‬يخترق‭ ‬الدستور‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬قضت‭ ‬بإخراجه‭ ‬من‭ ‬المعادلة‭ ‬السياسية‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬خرقه‭ ‬كبيراً‭ ‬ومتعمداً‭ ‬ومؤذياً‭ ‬لاستقرار‭ ‬البلد‭.‬الحياة‭ ‬التي‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬يضبط‭ ‬ايقاعها‭ ‬دستور‭ ‬قوي‭ ‬وقوانين‭ ‬مستوحاة‭ ‬من‭ ‬روح‭ ‬الدستور،‭ ‬تكون‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬استيعاب‭ ‬التفاصيل‭ ‬العراقية‭ ‬بما‭ ‬يوحد‭ ‬المنهج‭ ‬العام‭ ‬للاستقرار‭ ‬في‭ ‬البلاد‭. ‬

كما‭ ‬تحتاج‭ ‬حياتنا‭ ‬الجديدة‭ ‬الى‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬أوضاع‭ ‬الطوارئ‭ ‬الا‭ ‬في‭ ‬حالات‭ ‬عظيمة‭ ‬الأثر‭ ‬وخاصّة،‭ ‬كالحروب‭ ‬والكوارث‭ ‬الطبيعية،‭ ‬واعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬أوضاع‭ ‬السجون‭ ‬والمعتقلات‭ ‬والتحقيقات‭ ‬والصلاحيات‭ ‬المطاطية‭.‬ربما‭ ‬يفتح‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الانتقال‭ ‬الى‭ ‬النظام‭ ‬الرئاسي‭ ‬باب‭ ‬صيانة‭ ‬نصوص‭ ‬الدستور‭ ‬من‭ ‬العبث‭ ‬تحت‭ ‬عناوين‭ ‬التوافقات‭ ‬والضرورات‭ ‬السياسية‭.‬لقد‭ ‬مرّ‭ ‬العراق‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬وليس‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬حروب‭ ‬النظام‭ ‬السابق‭ ‬فقط،‭ ‬بحالة‭ ‬عسكرة‭ ‬شديدة‭ ‬الوضوح‭ ‬في‭ ‬الشارع،‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬اغلب‭ ‬اثارها‭ ‬واضحة‭ ‬،‭ ‬وهذا‭ ‬سياق‭ ‬خارج‭ ‬طبيعة‭ ‬الحياة‭ ‬المدنية‭ ‬للمجتمع‭ ‬والدولة‭. ‬

لا‭ ‬بدّ‭ ‬من‭ ‬وقفة‭ ‬مراجعة‭ ‬قوية،‭ ‬وتذكّر‭ ‬دروس‭ ‬الماضي‭ ‬القريب‭ ‬في‭ ‬ان‭ ‬كثرة‭ ‬القوات‭ ‬وتعدد‭ ‬التسميات‭ ‬في‭ ‬التشكيلات‭ ‬المتعسكرة‭ ‬لا‭ ‬تقي‭ ‬من‭ ‬النهايات‭ ‬السيئة‭ ‬والانهيارات‭ ‬العظيمة‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى