مقالات

هلوسة‭ ‬فكرية حول‭ ‬الكسب‭ ‬والثروة

-د.نزار محمود

كنت‭ ‬قد‭ ‬تعرفت‭ ‬على‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأصدقاء،‭ ‬جمعتنا‭ ‬مقاعد‭ ‬المدرسة‭ ‬الابتدائية‭ ‬فتزاملنا،‭ ‬وكانوا‭:‬‭

(‬أ‭) ‬انحدر‭ ‬من‭ ‬أسرة‭ ‬موسرة‭ ‬ورثت‭ ‬عن‭ ‬اسلافها‭(‬ب‭) ‬انحدر‭ ‬من‭ ‬أسرة‭ ‬فقيرة‭ ‬معدمة،‭ ‬تستأجر‭ ‬غرفة‭ ‬عند‭ ‬أسرة‭ ‬لقاء‭ ‬خدمتها‭ ‬لها‭(‬

ت‭) ‬انحدر‭ ‬من‭ ‬أسرة‭ ‬يعمل‭ ‬ربها‭ ‬طبيباً‭ ‬وله‭ ‬عيادة‭.‬‭(‬ث‭) ‬انحدر‭ ‬من‭ ‬أب‭ ‬تاجر‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭(‬ج‭) ‬انحدر‭ ‬من‭ ‬أسرة‭ ‬فقدت‭ ‬معيلها‭ ‬وتعمل‭ ‬ربتها‭ ‬في‭ ‬خياطة‭ ‬ملابس‭(‬

ح‭) ‬انحدر‭ ‬من‭ ‬أسرة‭ ‬دينية‭ ‬ذات‭ ‬مقام‭ ‬اجتماعي‭

‬خ‭) ‬انحدر‭ ‬من‭ ‬أسرة‭ ‬يعمل‭ ‬ربها‭ ‬فلاحاً‭ ‬في‭ ‬مزرعةهناك‭ ‬بعض‭ ‬المبادىء‭ ‬التي‭ ‬نحتاج‭ ‬الى‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬صحتها‭:‬

ان‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬لا‭ ‬إرادي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬يحاسب‭ ‬عليه‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أي‭ ‬طرف،‭ ‬ولا‭ ‬يقاس‭ ‬اعتباره‭ ‬على‭ ‬أساسه”‭.

لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬عوامل‭ ‬القوة‭ ‬اللا‭ ‬ارادية‭ ‬أسباباً‭ ‬لهيمنة‭ ‬أصحابها‭ ‬على‭ ‬الآخرين”‭.‬ليس‭ ‬من‭ ‬العدالة‭ ‬وليست‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬المساواة‭ ‬الإنسانية‭ ‬أن‭ ‬تغمط‭ ‬حقوق‭ ‬جهود‭ ‬الآخرين”‭.‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يعيش‭ ‬البعض‭ ‬على‭ ‬امتصاص‭ ‬دماء‭ ‬الآخرين‭ ‬والنهش‭ ‬في‭ ‬أجسادهم”‭.‬‭” ‬لا‭ ‬يصح‭ ‬أن‭ ‬تأخذ‭ ‬من‭ ‬الدنيا،‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬تعطيها،‭ ‬فهناك‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬يقوى‭ ‬على‭ ‬العطاء‭”.‬‭”‬ان‭ ‬النظام‭ ‬الصحيح،‭ ‬بكل‭ ‬قوانينه‭ ‬وأنظمته‭ ‬وميكانيكياته،‭ ‬هو‭ ‬ذلك‭ ‬النظام‭ ‬الذي‭ ‬يعين‭ ‬غير‭ ‬القادر‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬قادراً،‭ ‬وغير‭ ‬الراغب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬متحمساً،‭ ‬ويحول‭ ‬الكسول‭ ‬الى‭ ‬نشيط‭ ‬والجاهل‭ ‬الى‭ ‬عالم،‭ ‬والأناني‭ ‬الى‭ ‬مضح،‭ ‬والضعيف‭ ‬الى‭ ‬قوي،‭ ‬والمتشائم‭ ‬الى‭ ‬متفائل،‭ ‬والسارق‭ ‬إلى‭ ‬أمين‭”.‬عندما‭ ‬بدأ‭ ‬الشيوعيون‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬حلمهم‭ ( ‬وهمهم‭) ‬كانوا‭ ‬قد‭ ‬اتخذوا‭ ‬شعاراً‭: “‬من‭ ‬كل‭ ‬حسب‭ ‬طاقاته،‭ ‬ولكل‭ ‬حسب‭ ‬حاجاته‭”‬،‭ ‬لكنهم‭ ‬بعد‭ ‬حين‭ ‬اكتشفوا‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬أمراً‭ ‬غير‭ ‬واقعياً‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬البشر‭. ‬عدلوا‭ ‬عن‭ ‬ذلك،‭ ‬وغيروا‭ ‬شعارهم‭ ‬لمرحلة‭ ‬ما‭ ‬أسموها‭ ‬بالاشتراكية‭ ‬الواقعية،‭ ‬ليصبح‭: ” ‬من‭ ‬كل‭ ‬حسب‭ ‬طاقاته،‭ ‬ولكل‭ ‬حسب‭ ‬إنجازه‭”. ‬وهنا‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬التنويه‭ ‬الى‭ ‬الخصوصيات‭ ‬الاشتراكية‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬الانجاز،‭ ‬حتى‭ ‬انهم‭ ‬اسموا‭ ‬التنافس‭ ‬بالمباريات‭ ‬الاشتراكية‭. ‬بيد‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬للصين‭ ‬تمرد‭ ‬أمضى،‭ ‬تجاوزوا‭ ‬به‭ ‬حتى‭ ‬مبادىء‭ ‬سوق‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الاجتماعي‭ ‬في‭ ‬تحفيزهم‭ ‬للمنتجين‭.‬ما‭ ‬أريد‭ ‬قوله‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬السرد‭: ‬أن‭ ‬من‭ ‬يقتل‭ ‬الأنا‭ ‬الفردية‭ ‬بحجة‭ ‬الأنا‭ ‬الجمعية،‭ ‬هو‭ ‬إنسان‭ ‬واهم‭ ‬غير‭ ‬واقعي،‭ ‬وبالتالي‭ ‬يغتصب‭ ‬من‭ ‬الانسان‭ ‬بهجة‭ ‬الحياة‭.‬دعه‭ ‬يعمر‭ ‬الأرض‭ ‬التي‭ ‬اشتراها‭ ‬بماله‭ ‬النظيف،‭ ‬وبرفع‭ ‬اركان‭ ‬بيته‭ ‬الجميل‭ ‬بعرق‭ ‬جبينه‭ ‬النقي‭.‬وهنا‭ ‬يأتي‭ ‬دور‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬صون‭ ‬ملكيته‭ ‬ومنع‭ ‬التجاوز‭ ‬عليها،‭ ‬لا‭ ‬بل‭ ‬ودفع‭ ‬الآخرين‭ ‬لنشر‭ ‬الإعمار‭ ‬في‭ ‬الأرض،‭ ‬في‭ ‬استثمار‭ ‬دون‭ ‬استغلال،‭ ‬وفي‭ ‬تعمير‭ ‬دون‭ ‬تخريب،‭ ‬وفي‭ ‬تجفيف‭ ‬منابع‭ ‬الكسب‭ ‬الحرام‭ ‬والدخول‭ ‬الطفيلية‭.‬ولنتذكر‭ ‬نحن‭ ‬البشر‭ ‬جميعاً‭ ‬بأننا‭ ‬مسافرون‭ ‬زائلون،‭ ‬وبأن‭ ‬الملكية‭ ‬ليست‭ ‬مطلقة،‭ ‬وانما‭ ‬نحن‭ ‬مستخلفين‭ ‬عليها،‭ ‬نكسبها‭ ‬بالحلال‭ ‬ونتصرف‭ ‬بها‭ ‬بما‭ ‬يثمرها‭ ‬ويجعلنا‭ ‬راضين‭ ‬مرضين‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى