مقالات

وصية أم وصرخة وطن

عبد الستار رمضان

(صحيح اني أمرأة‌ كبيرة لكن قلب الام دليله ..أنت مو ابني، لكن اني فرحت من شفتك وتعرفت عليك، أريدك ما تتنازل عن كرامتك كرامة بلدك ، تحلم بنفس حلم ابني، لان ابني مات لانه شريف ..ابني استشهد لان صرخ للحق وقال اريد وطن وما رضى بالباطل… وصيتي ألك لا تنسى بلدك، صير مثل محمود حر وطالب ببلدك أيكون أحلى بلد، بهالحالة راح أموت واني مرتاحة واكول أكو من یشیل صرخه‌ ابنی محمود).بهذه الكلمات المؤثرة والاداء الذي تجاوز الواقع الى الحد الذي لا يمكن ان نسميه تمثيلاً بل صورة من صور حياة العراقيين الذين تفاعلوا واندمجوا في المشهد الاخير من احدى حلقات مسلسل (مامات وطن)، الذي عرضته قناة (الشرقية) والذي حسب ما توفر لنا من وقت متابعة وكمشاهد بسيط ان نقول انه من أفضل وانجح الاعمال التي نحتاج اليها خصوصا في هذا الشهر الفضيل، الذي غالبا مايكون هناك مكاناً او اكثر من مكان فارغ على مائدة الافطار لابن او اخ او عزيز حبيب غائب او مُغيب لأي سبب كان. وصية ام محمود هزّت كل من تابعها واعادت لنا الثقة بالفن العراقي الذي اصابه ما أصاب المجتمع العراقي وأكد هذا المسلسل بكل العاملين ممثلين وفنيين ومنفذين انهم ابطال بكل المعنى لجرأة المواضيع والافكار التي يطرحونها، والتمثيل الذي كان اقرب للواقع أو الواقع بعينه، لكن السؤال الذي لا نجد له اجابه: هل ان هذا المشهد رآه وتأثر به الناس العاديين، ام شاهده وتأثر به السياسيون واصحاب القرار؟ ألم يؤثر فيهم؟ ألم يستفز الجانب الانساني فيهم؟! ألم يؤثر في نفسياتهم وهم ينظرون من خلال أم محمود الى آلاف وربما عشرات آلاف الامهات اللواتي فقدن ابنائهم والكثير منهم لا يوجد له قبر او خبر حتى ترتاح النفس بالبكاء. شهداء انتفاضة تشرين وقبلهم مئات الآلاف وربما لا نبالغ الملايين من ابناء الشعب العراقيين شهداء وضحايا الانفال وحروب الجيش العراقي التي خاضتها الحكومات السابقة، والمواطنين الذين تم اعدامهم وتصفيتهم وتغييبهم ودفنهم في مقابر جماعية، او تذويبهم في احواض التيزات او دفنهم وهم احياء وضحايا الارهاب والابرياء القابعون في السجون والمعتقلات العلنية والسرية وآلاف آلاف الامهات والزوجات والبنات والاخوات والحبيبات اللواتي في قلوبهن اوجاع وآلام واحزان وفواجع أكثر من أم محمود وصرخة الوطن الذي انتم مسؤولون عنه وعما جرى له وفيه. وصية ام محمود لنا جميعا أن لا ننسى العراق مثلما لا نستطيع أن ننسى أحباءنا الغائبين، ويظل مطلبنا ان يكون بلدنا حراً وأحلى بلد كما ورد في وصية أم وصرخة وطن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى