تقارير وتحقيقات

العراق يحتل المرتبة الاولى بعدد المغيبين قسرياً في العالم

ان حقوق الانسان باتت من اهم سمات تطور الانسانية والعيش بسلام وطمأنينة وسط التزامات وتعهدات يقوم بها من يمتلك القرار في تسيير الدولة وبناء ركائزها المجتمعية ومفاصلها الانتاجية والوظيفية والسياسية والاقتصادية التي تنصب بمحصلتها في خدمة الانسانية والانسان بوصفه الركيزة التي تبنى عليها المجتمعات المتطورة.
ولقد أقرت منظمات حقوقية أن انتهاكات حقوق الإنسان بالعراق أكبر من إمكانياتها, لكنها شددت على أن وجودها هام وضروري، وخاصةً بأن مبادئ حقوق الإنسان لا تزال دون الرعاية أو الاهتمام خاصة مع وجود الأعداد الكبيرة من المعتقلين الذين لا يزالون بانتظار دورهم بالمحاكم والمجالس القضائية.
وقوع أعمال ومحاولات قتل، وتهديدات، ومضايقات ضدّ العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان في العراق
فأستمرت سلسلة أعمال قتل مستهدفة جرت في السنوات الاخيرة خاصة بعد عام ٢٠١٩ تظاهرات تشرين الاول ضد قادة الحركة الاحتجاجية لمناهضة الفساد وتأييد الحقوق الأساسية والكرامة للشعب العراقي
 
التحديات التي تواجه ناشطي العراق:
التحديات التي توجهها حقوق الانسان ولاسيما في العراق تحديات كبيرة وصعبة تراكمت بفعل عقود من الزمن اختلفت فيها السياسات والاقتصاد والبنية الاجتماعية وغيرها من مقومات تقدم الشعوب عبر التاريخ… فالعراق لم يكن كسائر الدول الاخرى ولاسيما الدول النامية ويمتص ثرواتها وعقولها ونتاجاتها العلمية والانسانية.
وقد أعرب المقرر الخاص عن قلقه حيال حالة المدافعين عن حقوق الإنسان في جميع البلدان، بما في ذلك كلٌّ من الديمقراطيات الناشئة والبلدان حيث المؤسسات والممارسات والتقاليد الديمقراطية مترسّخة. ولكّنه ركّز بشكل خاص على البلدان التي تشهد نزاعًا مسلحًا داخليًا أو اضطرابات أهلية شديدة، والتي لا تضمن بالكامل أو على الإطلاق حماية لحقوق الإنسان، أو لا توفّر لها بالكامل أو على الإطلاق الضمانات القانونية والمؤسسية اللازمة.
وبحسب احصاءات وزارة الداخلية العراقية للمدة الواقعة بين تشرين الاول ٢٠١٩ الى ايار ٢٠٢٠ استشهد ما يقارب من ٣٢ الى ٧٠ ناشط مدني من المدافعيين عن حقوق الانسان، اما في عام ٢٠٢١ تم اغتيال ما يقارب ٢٠ ناشط مدني وعلى الرغم من تشديد رئيس وزراء المرحلة مصطفى الكاظمي على محاسبة وايقاف القائمين بهذه الاغتيالات لكن هو نفسه تعرض لمحاولة اغتيال في منزله فتم استهداف المنزل بصواريخ من قبل المليشيات الخارجة عن القانون.
اغتيال السيدة ريهام يعقوب بتاريخ 19 أغسطس/آب 2020، وهي طبيبة ومدافعة بارزة عن حقوق الإنسان وقادت مسيرات نسائية شكَّلت جزءًا من الحركة الاحتجاجية التي بدأت في مدينة البصرة عام 2018 .تعرّضت السيدة يعقوب إلى القتل في وسط المدينة على يد مسلّحَين مجهولَين كانت السيدة يعقوب منذ عام 2018 مستهدفة في حملة كراهية ضخمة ضدها على الإنترنت وقد تعرّضت لتهديداتٍ عديدة. لقد فتحت الشرطة تحقيقًا في هذا الاعتداء ولكن لم يتمّ ورود أية معلومات بشأن تحديد هوية الجناة
 
التغييب والاخفاء القسري لناشطي حقوق الانسان:
بات الاختفاء القسري والتغييب و سيلة من وسائل إنفاذ القانون ، فبالرغم من مصادقة العراق على  اتفاقية حقوق الانسان الا ان الحكومة العراقية  لم تلتزم في تطبيق اهم موادها  من خلال عدم تشريع القوانين التي تجرم الاختفاء  او تعزز الحماية من هذا الانتهاك و تحفظ كرامة الاشخاص من التعرض له، اذ خلت التشريعات العراقية من اي مادة قانونية تجرم الاختفاء القسري، حيث ان بعض الضحايا اعتقلوا من بيوتهم والاخر من الشارع او تتمادى الجهات المعنية بالحماية فتقوم بتغييب الناشطين وحبسهم لفترات طويلة دون محاكمة.
ان الاهمال الحكومي والتقصير تجاه حماية الاشخاص من هذا الانتهاك جعل من العراق يحتل المرتبة الاولى بعدد المغيبين قسريا في العالم، تزايد اعداد الجماعات المسلحة في العراق وغياب سلطة الدولة في محاسبتهم بل وصل الحد الى الوقوف معهم في تنفيذ اوامرهم  ليشكل بذلك انتهاكا للمادة ال17 من الاتفاقية مما يسبب عدم امكانية محاسبة المسؤولين عن الاختفاء القسري نتيجة لكثرة الجهات المسلحة على انتهاك هذا الحق .
كما حدث ف اغتيال المؤرخ والباحث في الشؤون الأمنية والإستراتيجية والجماعات المتطرفة، ومختص بملف تنظيم داعش وأنصارها (هشام عبد الجبّار الهاشمي), الذي اغتاله ثلاث مسلحين بإطلاق النار عليه وهو داخل سيارته وكانوا راكبين دراجاتهم النارية، وجرت العملية أمامَ بيته بمنطقة زَيُّونة في العاصمة بغداد في مساء 6 يوليو 2020،
وبعد القاء القبض على من نفذ جريمة القتل واعترافه بجريمتة والجهات التي حرضته ودعمتة على تنفيذ الجريمة فقد تم تأجيل محاكمتة لستة مرات متتالية حتى اخر تاجيل بتاريخ ٢٠٢٢/٨/٣١ ، بالرغم من مطالبة الناشطيين المدنيين والمدافعين عن حقوق الانسان بمحاكمته لينال جزاءه العادل وهناك احتمالات واتهامات وجهة للحكومة بتهريب القاتل .
 
التوصيات:
اولا: تشريع قانون يجرم الاعتداء على الناشطين في حقوق الانسان وبان بأن الاختفاء القسري جريمة مستقلة في القوانين العراقية النافذة مما يشكل انتهاكا صريحا لأحكام المادة (6) من اتفاقية حقوق الانسان ويجب التنويه الى ان الدولة العراقية غير جادة في تنفيذ فقرة ( و ) من المادة (17) من هذه الاتفاقية والتي تتمثل في تحديد الجهات والأجهزة الأمنية المخولة قانونا بتنفيذ اوامر القبض على الاشخاص واحتجازهم مما يفضي الى صعوبة التحقق من مصيرهم ومعرفة اماكن ايداعهم والمعلومات المتعلقة بهم ،اضافة الى عدم وجود تشريع قانوني نافذ يجبر السلطة على توفير قاعدة بيانات لجميع المحتجزين في مراكز الاحتجاز او السجون .
نود الاشارة بان هناك مسودة قانون لتجريم الاختفاء القسري تمت قرائتها الاولى في عام 2014 . الا انها تعرضت للمماطلة والتسويف من قبل مجلس النواب العراقي ولم يتم اقرارها الى يومنا هذا .
ثانياً: التحقيق من الانتهاكات الجارية والتبليغ عنها عن طريق قيام الناشطين في حقوق الانسان بدعم هكذا انشطة ونشرها وتوعية المجتمع بأهميتها، يمكن اني يساعد في وضع حد لهذه الاغتيالات ومنع تكرار وقوعها ، وحث الضحايا على اللجوء الى المحاكم.
بالاضافة الى قيام المدافعين عن حقوق الانسان ومن هم مختصين في مجالات القانون والتدريبات السياسية بتقديم المشورة للضحايا ودعم تأهيلهم.
ثالثاً : تفعيل دور الشرطة المجتمعية ونظراً لصعوبة تولي الناشطيين في حقوق الانسان وحدهم عملية التوعية والمدافعة فدور الاجهزة الامنية له اهمية كبيرة وبشكل خاص دور الشرطة المجتمعية كونها اقرب اختصاصاً الى افراد المجتمع عن غيرها من الاجهزة الامنية، فمشاركتهم عن طريق تأمين السرية التامة للمشتكي، وكذلك استحداث اقسام او مكاتب تخص حالات الاغتيال والتغييب للناشطين له دور مهم وفعال بسبب زيادة حالات الاغتيال بشكل كبير جداً.

تحقيق لـ م.م لمى كريم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى