مقالات

أنتهازية الدول الكبرى في الحرب على الأرهاب

لـ حيدر الصراف

الاولى نيوز / مقالات

أنتهازية الدول الكبرى في الحرب على الأرهاب
بداية الأحتكاك الفعلي بين أمريكا و الأرهاب المتمثل في ( القاعدة ) كانت بعد ان احتلت القوات الأمريكية العراق و اسقطت النظام القائم وقتها عندها تفتقت الأذهان عن خطة لتجميع الأرهابيين من كل اصقاع العالم في مكان واحد و بعيد عن اراضي الولايات المتحدة و اوربا فكان ذلك المكان هو العراق الذي فتحت جميع حدوده ( لأستقبال ) الأرهابيين و من كل الجنسيات و بمختلف التسميات فكانت الجموع الأرهابية تتدفق على العراق متخذة منه ساحة المواجهة مع جيوش الحلفاء بقيادة امريكا و قد قالها الرئيس الأمريكي حينها بوضوح و دون أي مواربة ان تكون شوارع بغداد هي ميدان المعركة مع الأرهاب بدلآ عن شوارع واشنطن و نيويورك .
كانت المواجهة العسكرية شرسة و عنيفة تدور رحاها في شوارع بغداد و ازقة المحافظات و وجد كل من لديه ثأرآ من الحكومة الأمريكية و الحكومات الحليفة معها فأن الأبواب مفتوحة امامه لتصفية الحسابات و محاربة تلك الجيوش و النيل منها فكانت مخابرات الدول المجاورة تدير ( جيوشآ اسلامية ) و تمولها و تدربها و ترسلها الى العراق لقتال جيش الأحتلال الأمريكي فكانت الحرب الدموية التي استنزفت طاقات الشعب العراقي البشرية و الأقتصادية و هشمت نسيجه الأجتماعي في حرب طائفية همجية لا رحمة فيها .
يبدو ان خطة الأمريكان تلك المتمثلة بتجميع الأرهابيين و المجرمين المتدينين في مكان معين بعيدآ عن اراضيهم و مصالحهم قد نجحت بدليل ان ( الروس ) قد راقت لهم تلك الخطة فأعتمدوها و أخذوا الدروس و العبر منها في تجميع اولئك الأرهابيين الأسلاميين و الذين تعج بهم جمهوريات آسيا الوسطى من بقايا جمهريات الأتحاد السوفييتي المنحل فكانت الوجهة هي الأراضي السورية فقد تدفق الالاف من اولئك ذو البشرة البيضاء و اللحى الحمراء متوارثين تلك الهمجية و القسوة من جدهم الأول ( جنكيزخان ) عندما اجتاحت جيوشه المناطق ذاتها اما الآن فقد صارت ( سوريا ) المكان المفضل لتجمعهم و قتالهم في سبيل أقامة ( دولة الخلافة الأسلامية ) .
كما كان الأمر من قبل في العراق من زحف جماعي للأرهابيين المختلفين في سحناتهم و لغاتهم و جنسياتهم الا انهم متفقين في اجرامهم و تعطشهم للدماء اما هذه المرة صارت وجهتهم الى سوريا و كما كانت الخطة الروسية المستنسخة عن تلك الأمريكية فقد تجمع اولئك الأرهابيين من جمهوريات الأتحاد الروسي الآسيوية و غيرها بعيدآ عن الأراضي و المدن الروسية و تم دفعهم الى الأراضي و المدن السورية فكان اولئك المحاربون الأجانب من الشراسة و التدمير الشئ المرعب و قد يرجع ذلك الى انهم في بلاد ليس لهم فيها حرث او نسل .
اما السوريين اصحاب البلاد الشرعيين و المتددة جذورهم فيها عمق التأريخ القديم فقد وجدوا انفسهم هائمين تائهين تبتلعهم امواج البحر العاتية تارة او تتلقفهم معسكرات اللأجئين البائسة تارة اخرى بينما بلادهم الغنية تلك صارت مسرحآ لنزوات و نزاعات اقوامآ قدموا اليها من خارجها و عاثوا فيها تدميرآ و تخريبآ فكانت النكبة الكبرى التي حلت على السوريين ارضآ و شعبآ و مستقبلآ .
بدلآ من منع اولئك المجرمين القتلة من الوصول الى سوريا و تأجيج الصراع و النزاع بين ابناء شعبها كان بأمكان السلطات الروسية فعل ذلك الا انها تركت الباب لهم مفتوحآ للمغادرة الى ارض ( الجهاد ) بغية التخلص منهم هناك و بدأت حربها على الأرهابيين الأجانب في سوريا بقصف تجمعاتهم و اماكن تواجدهم بالطائرات و الصوايخ العابرة و كانت تلك الهجمات تلحق بالشعب السوري و بناه الأقتصادية و العمرانية اشد الأذى و التدمير و سقوط الضحايا من المدنيين و بشكل يكاد يكون يوميآ و كأن اولئك الأرهابيين القادمين من جمهوريات الأتحاد الروسي لم يكتفوا من سفك الدم السوري حتى جاءت الطائرات و الصواريخ الروسية تلاحقهم بقصف عشوائي لا يفرق بين المقاتلين و المدنيين .
هناك في السياسة لا صداقات دائمة و لا عداوات دائمة انما هناك مصالح دائمة هذه الحقيقة التي لم يستوعبها و يفهمها حكام الدول العربية الا ما ندر فكان التعامل بالمفهوم ( البدوي ) البدائي في العلاقات بين الدول و الحكومات ما جعل الكثير من الأمور في ضبابية غير واضحة المعالم و منها ايهام الرأي الشعبي العربي ان تلك الدول الكبرى انما جاءت بجيوشها و أساطيلها لحماية شعوب المنطقة و الدفاع عنها لكنها في الحقيقة جاءت لتدافع عن مصالحها و أمن شعوبها و ليذهب من تبقى من العالم الى الجحيم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى