مقالات

شيخ العشيرة والتجاوز على القوانين

شيخ العشيرة والتجاوز على القوانين – مارد عبد الحسن الحسون

اقرأ بين الحين والاخر على صفحات (الفيس بوك) تغريدات لشيوخ عشائر فيها تجاوزات واضحة على المسؤوليات الاعتبارية التي يجب ان يحافظوا عليها ، واحياناً تصلني رسائل نصية من اصدقاء ومعارف يهمهم استطلاع رأيي في تغريدات من هذا النوع ، وعن مساحة الرأي التي لا يجوز لشيخ العشيرة ان يتجاوزها احتراماً للاعراف الاجتماعية وتقديراًً للرأي العام ورفضاً عن طيب خاطر ادخال جاهه الشخصي في مجاهل لا تليق به….وبقدر ما يسعدني اهتمام ابناء العشائر بأستخدام هذه الوسيلة الاعلامية ، ولكن المؤسف ان بعض شيوخ العشائر غير مدركين لحدود مساحة الحرية المتاحة لهم للبت في قضايا معينة. ان هذا البعض يطرحون انفسهم اصحاب مسؤولية مفتوحة ويحاولون الادلاء بأرائهم من دون ان يقدروا مخاطر ما يدلون به ، فهم ينشرون كل ما يرد في اذهانهم من دون اعتبار ان هناك اراء تسيء للقيم المرعية وتستخف بقوانين الدولة العراقية، بل ويحاولون استخدام لغة امرية لتنفيذ توجيهاتهم .يقول الامام علي بن ابي طالب عليه السلام (رحم الله امرئً عرف قدره ولم يتعد طوره) ، بمعنى يتعدى حدوده في البت بهذه القضية او تلك ، اي لا يجوز ان يجعل من نفسه قاضياً له الحق في اصدار الاحكام وينتظر من الاخرين تنفيذها .لقد نسى او تناسى هؤلاء الشيوخ حقيقة ان الدولة العراقية بكل مكوناتها من حكومة ومجتمع تخضع لقوانين وتشريعات ملزمة، وليس من حق اي عراقي ان يتجاوز عليها في اصدار اوامر تبخس روح هذه القوانين والتشريعات ، وتختزل الامور ضمن مزاعم تمس سلطة التشرع والبت الحكومي ، والانكى يستخدمون لغة الاوامر والفرضمن خلال وقائع ميدانية ملموسة ، اجد ان هناك متنفذين يحركون شيوخ عشائر الى هذه المواقف خلافاً للمنطق والا بماذا تفسر صدور اوامر من شيوخ عشائر بشأن شروط حمل السلاح الشخصي خلافاً لقوانين ولوائح حكومية تحدد طبيعة هذا الاجراء ، وبماذا نفسر تدخل شيخ عشيرة بمنع متخاصمين في عشيرته او مع عشيرة اخرى من اللجوء الى القضاء الحكومي ، ويعطي لنفسه الحق في الحكم بينهم والذي في الاغلب يكون غير عادل ، وكيف يكون مقبولاً اجتماعياً ان يتدخل شيخ عشيرة ويفرض على احد اتباعه تزويج ابنته الى هذا الشخص او ذاك من دون اعتبارات للعائلة المعنية ، وبالاخص رأي المرأة . لاشك ان من يشجع على هذه التصرفات غياب السلطة الحكومية ضمن مواقعها القانونية او بالحد الادنى ضعفها ، او تاخرها عن الحضور الذي يخوّلها الضبط الامني العام ، ولاشك ايضا ان بعض الموظفين الحكوميين ومنهم ضباط شرطة يغضون النظر عن هذه التصرفات خشيةً ، او مجاملةً ، وبالتالي يتوهم شيخ العشيرة انه في مأمن من المساءلة القانونية .ان انحراف بعض شيوخ العشائر الى هذا الطريق يعكس نية فاسدة لا يمكن ان يقوم بها الا من نصبّوا انفسهم بغير وجه حق اما الشيوخ الحقيقيين الذين ورثوا هذه المنزلة بالاستحقاقات التاريخية المعروفة يترفعون عن تلك التصرفات المشينة.وعلى العموم ( كل لشة تتعلگ من كرعانها) كما يقول المثل الشعبي وصاحب المنزلة الاجتماعية الرفيعة لا يمكن له ان يتصرف هكذا حيث( لايصح في النهاية الا الصحيح) . ان المنزلة الاجتماعية والقيادية الحقيقية لشيــخ العشيرة لا تتأسس من كثرة تدخلاته في شؤون ليس من اختصاصه وانما من خلال وعيه الوطني والاخلاقي انه ينبغي ان يكون عوناً (للزينات) في المساعدة الجادة على تطبيق القانون ومن هنا تكون وظيفته الاجتماعية بمثل وظيفة رئيس منظمة مدنية حقوقية يقتضي وجوده على رأسها تعميق التصرفات الصحيحة وان لا يكون بديلا للرأي القانوني فهو الضامن الاكيد لكل الحقوق والتوجهات وهنا ياتي دور الديوان او المضيف مثل مقر المنظمة الحقوقية التطوعية مدرسة بحق وحقيقة للتداول الحر والمناقشة الهادئة والوصول الى الرأي السديد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى