مقالات

هل فات أوان تدارك هذا المنحدر

د. فاتح عبدالسلام

التحرر من النشر الحكومي للكتاب وضوابطه أمر يستحق الاشادة به في كل العهود السياسية، ذلك ان الضوابط الابداعية والعلمية كانت موجودة تحت سقف سياسي خفيض. اليوم توجد سقوف عدة خفيضة تبعا لتغير مسار المحرمات في النشر، بدل سقف واحد، لكن مع غياب واضح للاشتراطات الفنية اللائقة. يبدو النشر سائبا في بعض الجوانب، وكل من لديه بضعة دولارات في جيبه بات قادرا على نشر كتاب في اي شيء من دون اية ضوابط علمية وثقافية وفنية. وإذا كان النشر السريع والسهل للكتب يمر من دون اية عين رقابية بالمعنى الفني وليس القمعي والسياسي فإن تراكمات هائلة ستكون حصيلة عشرين سنة من تاريخ البلاد من دون ثمار نوعية في المعرفة، والعلم، والثقافة، والابداع. اقترح ان تطلب المكتبة الوطنية التي تمنح رقم الايداع الوطني للكتاب او ما يمثل دائرة الرقابة والمطبوعات او لجنة تنتدبها وزارة الثقافة بالاشتراك مع بعض الوزارات كالتعليم العالي والجامعات في استحداث اللجان الدائمة للخبراء، الذين تحال إليهم الكتب التي يريد اصحابها طبعها على نفقتهم الخاصة للنظر في استيفاء شروطها الفنية. إذ ليس معقولا أن تصدر كتب تحمل اسم رواية أو قصة أو ديوان شعر أو دراسة فكرية، وهي مليئة بالأغلاط اللغوية والاملائية والمنهجية خالية من الشروط الفنية للنوع الادبي ، وينسحب ذلك على كتب في مجالات معرفية أخرى . المشهد يبدو سائباً فعلاً، لاسيما ان دور النشر الخاصة لا تعنى بالنواحي الفنية ويهمها فقط تغطية تكاليف طباعة الكتاب واضافة عنوان جديد من دون تكلفة الى قائمة منشوراتها. لجان الخبرة امر ضروري للارتقاء بالذائقة ومستوى الكتب، حفاظاً على سمعة الثقافة العراقية بمجالاتها الابداعية كافة. أدرك ان مصيبة نشر الكتب على هذا النحو المشوه مرتبطة بسياق من مصائب استسهال منح الشهادات العليا، لنجد لجان مناقشة لرسائل الماجستير والدكتوراه يسخر الجمهور غير المختص من مستوياتها واغلاقها الواضحة وعدم المامها بالمواضيع المناقشة. ثمة انحدار كبير في الجانب الثقافي والعلمي والأكاديمي، وهناك مسؤوليات مشتركة وجهات عدة متورطة في هذا الانحطاط، والمسألة لم تعد متعلقة بوزير او رئيس مؤسسة، فربما كان انجراف هذا المنحدر اكبر من امكانات بعض العناوين المهم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى