العربية والدولية

أردوغان وفتح القسطنطينية.. أكاذيب تفضح استغلال الدين

يواصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان استغلال الدين في تحقيق مكاسب سياسية لتبرير أطماعه الاستعمارية بالمنطقة، وكذلك تثبيت حكمه عبر صرف الأنظار عن الأوضاع الاقتصادية المتردية والغضب الشعبي إزاء تعامل الحكومة مع أزمة وباء كورونا.

ولطالما يتشدق أردوغان بفتح القسطنطينية في محاولة منه لاستغلال بعض الموروثات الدينية عند المسلمين، لتثبيت أركان حكمه، كما يجد من الدين “مطية” وسلعة رائجة لقمع معارضيه بالحديد والنار.

ونهاية الشهر الماضي، قال أردوغان، في كلمة بمناسبة الذكرى 567 لفتح القسطنطينية، إنه “في الذكرى 600 لفتح إسطنبول التي توافق عام 2053، سنترك لشبابنا بلاد تليق بعظمة أجدادهم وبالسلطان محمد الفاتح”.

أكاذيب الرئيس التركي المتتالية حول علاقته بفتح القسطنطينية، وتعامله مع هذا الحدث الإسلامي بخبث عثماني يخرج هذا الحدث الكبير من سياقة التاريخي ويجعل منه “مادة دسمة” يجد فيها أردوغان ملاذه لتحقيق أطماعه الاستعمارية في الداخل والخارج، بحسب مراقبين.

ومع اعتياد أردوغان الكذب بالأحداث التاريخية لخلق زعامة واهية، يحاول أيضا استغلال “ورقة المساجد” في الداخل التركي لتحقيق مكاسب سياسية وإنقاذ شعبيته المترنحة نتيجة وباء كورونا والانهيار الاقتصادي في بلاده.

لكن دار الإفتاء المصرية صفعت أردوغان بلطمة جديدة، مؤكدة، في تقرير لها الإثنين، أنه “لا صله بينه وبين هذا الفتح والنصر الكبير”، مبددة بذلك أوهامه التي يتذرع بها لتحقيق مطامعه الاستعمارية في دول مثل ليبيا وسوريا وغيرهما. 

وردت على ادعاءات أردوغان، قائلة، إن “فتح القسطنطينية هو فتح إسلامي عظيم بشر به النبي صلى الله عليه وسلم، وتم على يد السلطان العثماني الصوفي العظيم محمد الفاتح، أما أردوغان فلا صلة له بمحمد الفاتح”.

وأكدت، في تقريرها، أن أردوغان مستمر في استخدام سلاح الدين لتثبيت أركان حكمه ولتحقيق مطامعه الاستعمارية خارج حدود تركيا حتى الآن.

وأضافت أن “الخطاب الإفتائي في الداخل التركي يرسِّخ للديكتاتورية المطلقة لأردوغان ومشروعه العثماني الذي يسعى جاهدًا لتنفيذه ولو على حساب شعبه وأبناء وطنه”.

وأشارت إلى أن 92% من الخطاب الديني والفتاوى بالداخل التركي ترسّخ لديكتاتورية أردوغان، كما أنه يوظف المساجد للحصول على تأييد كتل انتخابية جديدة بعد تهاوي شعبيته.

ويحاول الرئيس التركي بتلك التصريحات البائسة، والتي بباطنها التمسك بالموروث العثماني، تحقيق استقرار داخلي وهمي وانتصارات على خصومه السياسيين بعد تفشي وباء كورونا والبطالة والفقر وإنهاك جيشه في صراعات خارج حدود تركيا.

اللعب بورقة المساجد 

كما يستخدم أردوغان “ورقة المساجد” في الداخل التركي لتحقيق مكاسب سياسية وإنقاذ شعبيته المترنحة نتيجة وباء كورونا والانهيار الاقتصادي لبلاده.

ومن أكثر الأمثلة الدالة على ذلك، هو إحياؤه لحادث تحّويل كنيسة “آيا صوفيا” إلى مسجد لتهدئة الطائفة المتدينة من الشعب التركي ولمغازلة الناخبين.

ومع توظيف النظام التركي لشعارات تسييس الدين، عاد موضوع تحويل آيا صوفيا إلى مسجد ليصبح سلاحًا انتخابيًّا بيد أردوغان وجنوده يرفعونه كلما احتاجوا إلى أصوات العامة من الأتراك.

وتقول دار الإفتاء المصرية، في هذا الصدد، إن تجديد الحديث الآن عن موضوع تحويل الكنيسة القديمة “آيا صوفيا” إلى مسجد، وما رافقه من نشر مقطع فيديو لأردوغان وهو يتلو القرآن في رمضان الماضي، هي موضوعات استهلاكية لكسب تأييد الطبقات المتدينة.

وأكدت أن قضية تحويل آيا صوفيا إلى مسجد طُرحت منذ عقود، بيد أنها ظلت أداة وسلاحًا دعائيًّا بيد مختلف السياسيين في حملاتهم لاستقطاب الناخبين من قبل أردوغان.

وأوضحت أن “آيا صوفيا”، بُنيت ككنيسة خلال العصر البيزنطي عام 537 ميلادية، وظلت لمدة 916 سنة حتى احتل العثمانيون إسطنبول عام 1453، فحولوا المبنى إلى مسجد.

وفي عام 1934، تحولت آيا صوفيا إلى متحف بموجب مرسوم صدر في ظل الجمهورية التركية الحديثة.

وبين الحين والآخر يلعب أردوغان بهذا الملف إلا أنه لن يتحرك لإتمامه، فهو يكسب كثيرا من المؤيدين من وراء تصريحاته المدافعة عن آياصوفيا دون أن ينفذ على أرض الواقع، فهي ورقة مهمة دأب على استخدامها لدغدغة مشاعر الأتراك.

اتهام المعارضة بالكفر

ورغم تشدقه بالدين وإظهار نفسه بأنه” حامي حمى المسلمين والخليفة المزعوم”، ومدافعا عن قضاياهم، يكفر أردوغان المعارضة التركية ويعاملها بوحشية مطلقة.

كما يصف الرئيس التركي كل معارضي نظامه بـ”كفار” و”أعداء الإسلام”ـ بحسب تقرير دار الإفتاء المصرية.

وقالت إن أردوغان يعامل المعارضة بطريقة وحشية بلا استثناء، وذلك بعد إضافة الحكومة التركية إلى هيئات إنفاذ القانون عنصرًا جديدًا ذا خلفية دينية.

وأوضحت أن الجهات الأمنية التركية تتعامل حاليا مع المعارضين لنظام أردوغان، والمشتبه بهم باعتبار أنهم “كفار” أو “أعداء الإسلام”، بسبب الفتاوى التي تطلقها تلك الجهات والتي تعطي ذريعة ومبررًا للتنكيل بالخصوم السياسيين.

كما نوهت إلى فتوى أخرى لعالم الدين التركي “خير الدين كرمان”، وهو محسوب على نظام أردوغان، حيث قال:” إن الضرر الذي يلحق بجماعة صغيرة جائزٌ في مقابل تحقيق المصالح العامة للأمة”.

وقالت إن المعسكر الأردوغاني وحزب العدالة والتنمية كثيرًا ما يردِّدون مثل تلك الفتاوى التي تتنافى بشكل واضح مع مبادئ الشريعة الإسلامية وحقوق الإنسان على حدٍّ سواء.

ولفتت إلى أن أردوغان بعد تمكنه من السلطة، بدأت تظهر لديه نزعته التاريخية وهي “الاستئثار بالسلطة”، وبدأ يقترب من التنظيمات الإرهابية ويبتعد عن الديمقراطيين والجماعات المعتدلة بالداخل التركي وخارجه.

 الإخوان وخطط أردوغان

وحول الحديث عن الخارج التركي، أكدت دار الإفتاء المصرية، أن أردوغان لا يزال يراهن على جماعات الإسلام السياسي للدفاع عن مصالح أنقرة داخل بلدانهم.

وجاء تجنيد دعاة ومفتين، مثل الصادق الغرياني وعبد الله المحيسني وخالد المشري في ليبيا؛ كمحاولة من الرئيس التركي لترسِّيخ النزعة الاستعمارية التي تؤمن بها حكومة أنقرة وهي من صميم عقيدتها.

بدوره، قال وليد فكري، الباحث في التاريخ العثماني، لـ”العين الإخبارية” إن أردوغان يتاجر بفكرة استعادة ما يسمى بـ”الخلافة العثمانية”، ويستخدم في ذلك القراءة الماضوية للتاريخ، بهدف تعزيز أطماعه في المنطقة. 

وأوضح فكري أن السياسة التركية قائمة علي تعزيز معتقدات لدي جماعات الإسلام السياسي وهي عودتهم للخلافة المزعومة، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن هذه الجماعات تجهل التاريخ وحقيقة ما حدث في الماضي.

وتعليقا على استغلال أردوغان لفتح القسطنطينية، قال الباحث المصري وليد فكري إن نظام أردوغان يحاول استغلال بعض الموروثات الدينية عند المسلمين كفتح القسطنطينية، ويتعامل مع الحدث الإسلامي بخبث عثماني كأن يتحدث عن استعادة الخلافة أو الفتح العثماني لمصر أو الشام، مشددا على أن أردوغان يخرج حدث فتح القسطنطينية من سياقة التاريخي. 

وأشار إلى أن “فتح القسطنينة ليس حدثا يمكن تعميمه كما يفعل النظام التركي، لأن أي غزو عثماني لدولة عربية هو احتلال.”

وأضاف فكري أن” التدخل بالقوة في البلاد وارتكاب المجازر ونهب الثروات والتتسبب في جهل وفقر ومرض الشعوب وانتشار التعصب بينها من سمات الاحتلال التركي للبلدان العربية”.

متابعة / الاولى نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى