مقالات

أنا هامان يا فرعون

أنا هامان يا فرعون – فراس الغضبان الحمداني

كان هامان وزير فرعون ، مطلعاً على جميع مداخله ، ومخارجه وأسراره جميعاً ، ويعرف أن كل ذلك كان إدعاءً يدعيه على نفسه ، ليرهب منه أبناء شعبه . وفي يوم من الأيام ، دخل هامان على فرعون ، فقام الحاجب بمنعه من الدخول ، بحجة أن فرعون مشغول بخلق الإبل ، وفي اليوم الثاني قابل الوزير هامان فرعون ، فعاتبه على منعه من الدخول بالأمس .فقال له فرعون : كنت مشغولا البارحة بخلق الأبل ، فألتفت إليه هامان بإستغراب وإستهجان قائلاً : على هامان يا فرعون! فصارت جملته مثلاً ، تناقلته الأجيال ، ويضرب ذلك المثّل عندما يدعي أحداً ما أمراً بالكذب ، محاولاً خداع من يتحدث معه ، فيقال ذلك المثّل تأكيداً أن متلقي الكلام لم يصدقه ، بل وواثق من كذبه .الأحمق هو من يمضي به العمر ولا يتعظ بالوقائع فالحياة تجارب مرة لابد من إستثمارها والتعلم منها ، والحكمة نتاج التجربة وهي أن تتبع مكامن المعرفة والدراية وتحتكم إلى العقل والضمير في المواقف الصعبة ، ومن تساوى يوماه فهو مغبون ، وهذا ما تعلمته من حياتي حتى وجدتني حكيما غاية الحكمة وأفهم غاية الفهم وأتعظ من كل حدث أو موقفكم سأعيش؟ لا ادري ، وفي كل الأحوال سيكون هناك وقت أغادر فيه الحياة وسواء عشت يوما أو مائة عام فالنهاية واحدة . وهناك من عاش ألفا إلا خمسين في قومه كنوح ثم دعاهم إلى النجاة ولم يتعظوا فأهلكهم الطوفان ، وقد عاش إبراهيم عمرا طويلا قضاه في الصلاح والمحبة ونشر السلام ، وهناك من عاش سبعين أو ثمانين أو ناهز الخمسين كفرعون ثم أهلكه الله غرقا . والمهم هو كيف تقضي سني حياتك فهناك من يعيش في الصلاح وهناك من يعيش الفساد والظلم والجبروت وفرعون كان واحدا من عتاة الأرض وطغاتها وقد جاءه موسى بالحجج والبراهين والأدلة والعلامات ونذر العذاب ومر بمواقف عديدة مع بني إسرائيل وسبب لهم القهر والهوان ثم أنزل الله عليه وعلى قومه البلاءات ولم يتعظ كالنمل والدم والمرض وإبتلاه بالعلل وأصاب ولده الذي طلب من موسى الدعاء له بالشفاء وحين هرب بنو إسرائيل لحق بهم إلى البحر الأحمر وإنفلق البحر وخرجوا منه سالكين طريقا أراده الله وحين هم فرعون وجيشه بالدخول طغى عليه الماء وفاض وبقي جثة هامدة ومومياء كما في الصورة معي وعبرة للناس في الأرض ترويها الألسنة إلى يومنا هذا .نحن هنا في مواجهة معادلة الربح والخسارة فمن يربح هو من يتعلم من تجاربه ويستفيد منها ويحقق مكاسب في العلم والمعرفة والمال وهناك من يتضرر ولكنه يتعلم أكثر من أخطائه ثم إن هناك من لا يستطيع فهم الحياة ويرتكب الحماقات تلو الحماقات ويضيع في المشاكل وبالتالي فعلى الإنسان أن يستفيد من عمره طال أو قصر في كسب الخير والرحمة بالناس ومساعدتهم في كل حاجاتهم التي هي السبيل لبيان المواقف الحقة والتي تسجل للناس وتستلزم منهم الفائدة بأكثر ما يمكن من ذلك في حياة عابرة وماضية وتكاد تكون مجرد أيام وتنقضي .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى