مقالات

أنقذوا العراق قبل أن نستفيق على كارثة تحرق الأخضر واليابس

مجاشع التميمي

المراقب للتطورات الاقتصادية والسياسية في العالم يشعر بقلق شديد فالقوى السياسية العراقية تعيش بمنأى عن كل التحديات والمشاكل والأزمات ولا تبالي بما سيحصل في السنوات القليلة المقبلة؛ والخطر الأكبر يكمن في المورد الرئيس لحياة العراقيين وهو النفط لأن أغلب الدول بدأت تتخلى عن وقود السيارات وتحولها إلى الوقود النظيف، وأول تلك الدول هي النرويج التي أعلنت في العام 2025 حيت قررت التخلي بشكل كامل عن النفط وهذا الاجراء سيطبق في دول العالم كافة خلال العقد المقبل، وهذا ما تم الاتفاق عليه بحسب اتفاقية باريس التي وقع عليها العراق الذي يعد أحد أهم الأهداف في المسودة النهائية يتعلق بتخفيف العراق من انبعاثات الغازات الدفيئة، والتزامه بتنفيذ مساهماته المحددة وطنياً من عام 2021 حتى عام 2030، والذي يقود إلى خفض بنسبة 1-2٪ من انبعاثاته.معلوم أن 76% من أي برميل نفط يذهب كوقود للسيارات، والسؤال هنا ماذا لو تخلى العالم عن وقود السيارات التقليدي النفطي أين سيذهب النفط العراقي؟.العديد من دول المنطقة النفطية اتخذت القرارات ووضعت الخطط تحسباً لانهيار الطلب على النفط ومنها المملكة العربية السعودية على سبيل المثال حيث أنها أخذت بعين الاعتبار المخاطر التي ستواجهها في حال تم تغيير وجهة العالم بشأن النفط من خلال تطوير القطاعات الانتاجية غير النفطية حتى أصبحت الايرادات غير النفطية للسعودية كبيرة جداً كما زادت الإيرادات النفطية بنسبة 17% في الربع الأخير من العام الماضي، مقارنة بنفس الربع من عام 2021، كما نمت الإيرادات غير النفطية في نفس الفترة بنسبة 19%. وحقق الاقتصاد السعودي خلال عام 2022 نمواً بنسبة 8.7 بالمئة، عند أعلى مستوى منذ 11 عاماً، كما أنه الأعلى بين دول مجموعة العشرين، حيث استفادت المملكة من انتعاش أسعار النفط خلال العام الماضي إلى جانب تعافيها من آثار جائحة كورونا.ويبدو جلياً أن الرياض قامت بشراء كبريات مصافي النفط في العالم ومنها استحواذ شركة النفط السعودية العملاقة “أرامكو” في العام 2017 بشكل كامل على مصفاة نفط “بورت آرثر”، التي تعد الكبرى في الولايات المتحدة بعد اتفاق مع شركة “شل” الهولندية التي كانت تملك نصف أسهم شركة “موتيفا انتربرايزس” المشغلة للمصفاة، وبهذا ضمنت المملكة تصدير النفط السعودي للولايات المتحدة الأميركية في حال قل الطلب عليه، كما أن شركة “سابك” السعودية وبالتعاون مع “أرامكو” قد بدأتا العام الماضي بأول مشروع فريد من نوعه بالمملكة لتحويل البترول الخام إلى بتروكيماويات في مدينة رأس الخير بسعة تبلغ 400 ألف برميل يومياً، وهذا يعد ابتكاراً مهماً يحتاج إلى إعمام، ولكم أن تتخيلوا أن العراق لغاية الآن لا يمتلك مصافي لتكرير النفط ويشتري كميات كبيرة من المشتقات النفطية من الخارج في الوقت الذي توصلت السعودية إلى تقنية تحويل النفط الخام إلى بتروكيماويات.خطط المملكة السعودية تعمتد التوسع حيث إن “أرامكو” السعودية بدأت أعمال البناء في مصفاة متكاملة ضخمة ومجمع بتروكيماويات في شمال شرقي الصين، وباستخدام تقنيات خفض الانبعاثات التي تمكن من تصنيع منتجات منخفضة الكربون وكيمياويات ومواد متقدمة.وما يحصل في السعودية لم يكن الفريد في المنطقة وخاصة الدول التي تحسب حسابها للسنوات المقبلة فقد بدأت شركة البترول الكويتية العالمية (Q8) بتطوير خدماتها حتى أصبحت من أكبر الشركات التي تزود مطارات العالم بوقود الطائرات بينها مطار غاتويك الواقع جنوب العاصمة البريطانية لندن بوقود الطيران المستدام “إس إيه إف”.وهنا نتساءل أين العراق من الخطط المستقبلية؟ فمنذ العام 2005 ونحن نسمع عن موازنات لكنها تخلو من استراتيجيات لتلافي الصدمات المقبلة وكل ما موجود هي سياسة تعيينات في القطاع الحكومي وغياب الاستثمارات واستمرار دمار القطاعات الإنتاجية حتى بات العراق سوقاً لبضائع الدول المجاورة.اذا هي دعوة قبل فوات الآوان لأن العراق وصل تعداد سكانه إلى 42 مليون نسمة بينهم نحو 8 مليون عراقي يستلمون رواتب من الدولة وفي حال حصول أي أزمة ستكون هناك ردة فعل كبيرة من شأنها أن تحرق الأخضر واليابس، ففي التقرير الأخير للبنك الدولي الذي صدر في كانون الأول الماضي بشأن التنمية والمناخ في العراق ذكر الفقرة التالية “بينما يتخلى العالم عن الوقود الاحفوري سيضعف الطلب على صادرات النفط العراقية.. هذا يؤدي إلى تقليص القطاع العام ويؤدي إلى خلق تحديات كبيرة في أي بلد، وهذه التحديات ستكون شديدة في العراق، ولن يؤدي هذا إلى تسريح عمال القطاع العام وقطع المصدر الرئيس لدخل الأسرة فحسب، بل إلى إلغاء وصول الأسر إلى أنظمة الحماية الاجتماعية أيضاً”، وهذا ما تم للأسف بسبب ضعف وضحالة العقلية السياسية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى