مقالات

مهمة المثقف

وجدان عبدالعزيز

لكل مجتمع عدة شرائح، ومنها شريحة المثقفين، التي تتحلى بالتميز عن بقية الشرائح بتأثيرها السلبي والايجابي، نتيجة فاعليتها الاجتماعية وحضورها الثقافي، وقد تتبوأ هذه الشريحة مكانة ريادية في بلورة هوية ذلك المجتمع وبالتالي فان هذه الشريحة تتحمل مسؤولية كبيرة في تنمية اتجاه المجتمع، من خلال بث الوعي بين صفوفه وتنمية ممارسة النقد الايجابي للافكار بين افراده، ولكن هذه الشريحة في مجتمعنا العراقي تتحلى بالانعزال، نتيجة عدم الالتفات من قبل الحكومات السابقة واللاحقة اليها، فبقيت تعيش حالة التهميش والالغاء، وهذا الامر يجعل المثقف يشعر بالغربة، كونه يحمل رؤية وقراءة مجتمعية لايستطيع الجميع قراءتها مثله، وعليه التخلص من من هذه السلبية، ومن حالات التزلف والتملق للسلطة على حساب اهدافه السامية في تنمية روح المواطنة، بعيدا عن مشاعر دينية او قومية ضيقة، والالتفات الى ما يكتنف العملية السياسية الجديدة من مرحلة بالغة الخطورة، لا سيما العلاقات بين القوى السياسية الحاكمة وصراعها على السلطة والثروة، فالمثقف يراقب صراع القوى بينها في شعارات الدين والقومية الى حد ضياع الفرصة الذهبية في بناء دولة المواطنة والمدنية على غرار الخطوط، التي رسمها الدستور والتي تحتاج الى قوانين سارية المفعول، بعيدا عن التوافقات السياسية، التي باتت تعيش حالة المحاور، ومع الاسف ان هذه المحاور مرجعيتها خارجية اقليمية، او دولية ليست عراقية وطنية حقيقية، ولاتعي ما يشعر به المواطن من اغتراب علاقته، والسياسي الذي يتربع على كرسي السلطة غير المدعومة بدولة القانون التي يطمأن المواطن في بناء مستقبله تحت مظلتها، حتى بات المواطن يتخوف من اقامة الاقاليم، نتيجة مطالبات الكرد بالانفصال عن كيان الوطن العراقي الفيدرالي الموحد المتكررة خارج سياق الاسس الدستورية، فحسب الدستور ومفردات الديمقراطية، التي تبناها النظام السياسي الجديد، الذي جاء بديلا عن الدكتاتورية المجرمة المقيتة، واستنادا للمادة الدستورية الاولى في دستور العراق الجديد تقول: «جمهورية العراق دولة اتحادية واحدة مستقلة، ذات سيادة كاملة، نظام الحكم فيها جمهوري نيابي «برلماني» ديمقراطي، وهذا الدستور ضامن لوحدة العراق»، ولكل مفردة بهذه المادة قداسة تصل من المفترض الى حد التجاوز عليها جريمة، يعاقب عليها القانون العراقي المستمد من مفردات هذا الدستور، كون المادة «13» من اولا نصت: «يُعد هذا الدستور القانون الاسمى والاعلى في العراق، ويكون ملزما في انحائه كافة ـ وبدون استثناء»، ونصت المادة نفسها ثانيا : «لايجوز سن قانون يتعارض مع هذا الدستور، ويُعد باطلا كل نص يرد في دساتير الاقاليم، اوأي نص قانوني يتعارض معه.».. اذن في الاعتقاد الصحيح لبناء الدولة المدنية الحديثة القائمة على مبدأ المواطنة، هو بناء مؤسسات دستورية لا يجوز التجاوز عليها، فالتجاوز عليها، تجاوز على الدستور والقانون والمواطنة، بما فيهم المثقف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى