مقالات

الأطباء الحلقة الأضعف

الأطباء الحلقة الأضعف – عمر الحمداني

يا سادة يا كرام مات رجل ذات يوم اثناء اجراء عملية جراحية للبواسير فما ثارت الدنيا من اجله ولا اهتزت له شوارب الرجال, وما تحركت الدبابات وحاصرت المستشفى, ولا سمعنا ازيز الرصاص ولا خرج رجل واحد للتفاوض من اجل دفع الديه فماذا جرى لكم يا شعب يا متعلم يا اصيل؟, تقيمون الدنيا ولا تقعدونها لقضاء الله وقدره، هل اهتز ايمانكم بالله؟ ماذا يعني تهديدكم الأطباء والممرضين والكادر الطبي اذا مات لكم أحد؟، بل انكم تطالبون بكل وقاحة بدفع الدية وتلقون باللوم على الطبيب وكأنه هو الذي يقبض الروح.

مات ميت لكم وقضي الامر, فهل ترجع الدية لكم روحه؟، هل تبيعونه وهو ميت؟، متى نبرأ بربكم مما نحن فيه من تخلف وهوان؟، ومع الاسف اننا في هذا العصر الرقمي مازلنا نمارس طقوسا عفا عليها الزمان وشرب.

ثم الا تعتقدون ان الطبيب بشر مثلكم؟, فلماذا تحملونه ما لا طاقة له به؟، لماذا تأخذونه بجريرة غيره؟، لماذا تجعلون البرئ يدفع ثمن المتهاون والمتقاعس والفاسد والذي لا رحمه له؟، هل جعلتم الديه وسيلة لكسب قوت يومكم؟، ام انكم تطعمون اولادكم بمال حرام؟.

كلنا نعلم ان الأطباء يعيشون ظروف قاهرة وأجواء رعب داخل ردهات المستشفيات ، وما من قانون يردع المتجاوزين, ولا شرطة تدافع عنهم، والمصيبة ان اعضاء البرلمان الكرام مترددين لتشريع قانون يجرم الاعتداء على الكادر الطبي ويجرمه, ولذلك بدأ الأطباء بالهروب من البلد، فالواقع الصحي مزري، وكل شئ فيه يثير الغثيان، والبنى التحتية معدومة, بحيث صار العراقي يدعوا بصلاته : اللهم لا تدخلنا مستشفيات العراق فهي ليست دار شفاء بل دار موت!!.

وكلنا نعلم ان الدول المتحضرة وبالطبع نحن لسنا منها أقولها بكل أسف تسخر كل ما تملك من طاقات لتوفير افضل الظروف للعاملين في المجال الصحي وللمرضى ولتطوير البنية التحتية ، من مستشفيات جديدة تدخل الخدمة ومرافق جديدة واجهزة جديدة متطورة وووو… وقد اصبح هذا المجال هو مؤشر حقيقي لرفعة الامم ومدى تقدمها وتطورها في مواكبة التطورات التي تفرضها الظروف والتحديات.أما في العراق وبسبب تردي الوضع الصحي وسوء ادارة القطاع الصحي فانك ان دخلت المستشفى بمرض واحد فانك ستخرج منه بعشرة فكأنك يا ابا زيد ما غزيت, ومع كل هذا الخراب فان هناك مستشفيات في العراق على الرف بانتظار الافتتاح منذ سنوات بسبب نقص السيولة أو بسبب خلافات حزبية وقد جاء كورونا ليزيح عن الواقع الصحي حتى ورقة التوت فيكشفه ويفضح بؤسه للعالم.

ربما يكون الطبيب جزءا من المشكلة, ولكن لا تجعلوا منه قربانا تدارون به فشلكم, واراهنان لا احد منكم سيقرأ مقالي هذا, ولكني اجد عزائي في مثل صيني (بدلا من ان تلعنالظلام أشعل شمعة)!!.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى