مقالات

الإتفاق العراقي الصيني مرّة أخرى

في عشية التغيير وولادة حكومة جديدةالإتفاق العراقي الصيني مرّة أخرى – حمزة محمود شمخي

لم تثير اتفاقية اقتصادية بين العراق ودولة اخرى من جدل وصخب اعلامي مثل ما أثارت الاتفاقية العراقية الصينية التي وقعت اثناء زيارة رئيس الوزراء السابق الى الصين في 2019/9/23 ومثل هذا الجدل والصخب والاعلام مبرر بسبب التجاهل الرسمي لمضامينها وبنودها وتجاهل عرضها على الشعب،فالبعض يشير الى إنها(اتفاقية)ومثل هذا التحديد وان كانت كذلك يجب ان تعرض على السلطة التشريعية لغرض تشريعها قانونا ،والبعض الاخر يعبر عنها بانها(إتفاق)ثنائي بين وزارات عراقية وجهات صينية ومثل هذا الافتراض يعد من مهام الحكومة ووزاراتها دون ان تعرض على البرلمان ،وكل الدلال وما نشر عنها فانها (اتفاق).ونوات هذه الاتفاق هي اتفاقيات ثنائية محمورية سابقة بدأت منذ تسلم رئيس الوزراء المستقيل حقيبة وزارة النفط في فترة رئاسة د.حيدر العبادي.جانب واحدفالبعض ممن يرغبون المناقشة فقط يحللون الامور من جانب واحد هو جانب الرفض والاعتراض دون ان يحللو مضامين الاتفاق الذي حصل ومضمونه التنموي وتركيزه على البنى التحتية إنطلاقا من المبدا الاقتصادي ان لاتنمية بدون بنى تحتية(حيث ان كل استثمار في البنى التحتية يضمن نموا اقتصاديا بمقدار مرة ونص ذلك الاستثمار).ولمناقشة الموضوع علينا ان نحلل واقع الاقتصاد العراقي منذ عام التغيير في 2003 فالاقتصاد العراقي أهمل الجانب التنموي للاقتصاد وعزز من الجانب الاستهلاكي له،حيث استثمر موارد النفط في موازنات تشغيلية ومحدودية الانفاق الإستثماري، ويشير المسؤولين الى ان كل ايرادات النفط مضافا اليها 10 بالمئة من الايرادات الاخرى تخصص لتغطية الموازنة التشغيلية (رواتب واجور) على الاقل في السنوات الاخيرة بسبب ضخامة التخصصيات التشغيلية وفتح نفقات إمتيازية للرئاسات الثلاث وبعض الطبقات الوظيفية في الدولة وبسبب زيادة ترهل الجهاز الحكومي بالموظفين لانعدام المجال التنموي في الموازنة من جهة ولتجاهل دور القطاع الخاص بشكل عام وتجاهل دور المشروعات الصغيرة بشكل خاص ودورها المؤثر في تشغيل الشباب والخريحين من جهة ثانية، والتقديرات تشير ان 78 بالمئة من تخصيصات الموازنة هي تشغيلية مقابل 22 بالمئة استثمارية.وللوقوف على موازنة العراق منذ عام التغيير نلاحظ نموها عبر الزمن بمقادير هائلة من ناحية الكم وليس النوع فقد بدات بمقدار 14 مليار دولار عام 2003 لتصل الى 112 مليار دولارعام 2019 وهذا النمو الهائل توجه منه اكثر من 78 بالمئة منه نحو التخصصيات التشغيلية وحتى الجزء الاستثماري لم يستثمر بكامله مما جعل منه تراكما نقديا،اضافة الى وجود 222.3مليار دولار مشروعات وهمية حسب قول (مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية)، ولهذا لم يحصل في الاقتصاد العراقي أي نهضة تنموية،مما يعني ان هناك تبديد لأموال العراق في موازنة تشغيلية غيرتنموية،الامر الذي حفز الحكومة نحو التركيز على البنى التحتية المطلوبة.والبنى التحتية Infrastructure هي البنى (المادية والتنظيمية اللازمة لتشغيل المجتمع) والاقتصاد،كماينظر لها على أنها (مجموعة من العناصر الهيكلية المترابطة التي توفر إطار عمل يدعم الهيكل الكلي للتطوير،وهي تمثل مصطلحا هاما للحكم على تنمية الدولة)واقتصادها،ويدخل ضمن هذا التحديد طرق وجسور وسكك الحديد والمطارات والصرف الصحي والمدارس والجامعات والموانئ وغيرها ،وتعد هذه الهيــــــــــــاكل العمود الفقري للتنمية الاقتصادية في أي بلد فانعدام الثانية اساس بتاخر الاولى.بنى تحتيةوبالعودة الى الاتفاق العراقي الصيني فان الهدف الرئيس له هو التركيز على البنى التحتية من خلال تخصيص غير نقدي وانما حجز 100 الف برميل من النفط يوميا توضع في حساب ائتماني في أحد البنوك الصينية ومن خلاله سيتم الصرف للشركات التي تقوم بتنفيذ المشاريع في العراق وفق ما تقره وزارة التخطيط العراقية وبسقف ائتماني بمقدار 10مليار دولار تقدمه الصين اضافة الى ضمان الحكومة الصينية من خلال شركة تامين.ولهذا ما تقدمه الصين ليس بقروض إضافة الى عدم وجود شروط جزائية بمعنى ان العراق يستطيع الخروج من الاتفاق بدون مشاكل علما ان العراق وقع 8 إتفاقيات ومدة الاتفاق 20 سنة.والسؤال لماذا إختار العراق الصين لنهضته الاقتصادية؟يمكن الاجابة ان للصين قدرة تكنولوجية وتشغيلية هائلة قادرة ان تقدم للاقتصاد العراقي سيولة كبيرة ولديها(سعر صرف امام الدولار يجعل فيه العمل أكبر من القيمة الورقية للنقود المحلية)وكل ذلك مقابل تمويل غير نقدي،اضافة الى(إنشاء الصندوق العراقي الصيني للاعمار باشراف العراق وشركة استشارية ضامنه يتم اختيارها من البنك المركزي العراقي من بين افضل 5 شركات عالمية)وتشير التقارير انه تم البدء بايداع اموال النفط منذ 2019/10/1 اذ وصل مقدارها التراكمي الى نصف مليار دولار مع جاهزية الصين لتقديم ائتمان بمقدار 10مليار دولار،وكان المفروض ان يبدا اول مشروع ولكن استقالة حكومة(عبد المهدي)حال دون ذلك.#هل تسعى الحكومة الجديدة احياء هذا الاتفاق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى