مقالات

البرلمان‭ ‬العربي‭..‬الكيان‭ ‬المصطنع‭

فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام

‭ ‬اذا‭ ‬كانت‭ ‬البرلمانات‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬تراوح‭ ‬تحت‭ ‬سقف‭ ‬نفوذ‭ ‬السلطة‭ ‬التنفيذية‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬زعامات‭ ‬او‭ ‬حكومات،‭ ‬فإن‭ ‬وجود‭ ‬هذا‭ ‬التشكيل‭ ‬الغريب‭ ‬المسمى‭ ‬البرلمان‭ ‬العربي‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬الا‭ ‬زيادة‭ ‬في‭ ‬حالات‭ ‬التزيين‭ ‬الشكلي‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬ينتج‭ ‬عنها‭ ‬سوى‭ ‬بعض‭ ‬البيانات‭ ‬في‭ ‬الاحداث‭ ‬المتفاقمة،‭ ‬ولعل‭ ‬حصة‭ ‬إسرائيل‭ ‬ستتناقص‭ ‬من‭ ‬الادانات‭ ‬التي‭ ‬تصدر‭ ‬عن‭ ‬البرلمان‭ ‬العربي‭ ‬بعد‭ ‬زحف‭ ‬التطبيع‭ ‬على‭ ‬سردية‭ ‬السياق‭ ‬البرلمان‭ ‬والمزاج‭ ‬السياسي‭ ‬العام‭ ‬لدول‭ ‬عدة‭.‬دول‭ ‬عربية‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬عن‭ ‬الحياة‭ ‬النيابية‭ ‬الحقيقية‭ ‬شيئاً‭ ‬ولا‭ ‬تزاول‭ ‬من‭ ‬طقوسها‭ ‬وتقاليدها‭ ‬إلا‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬الحد‭ ‬الأقل‭ ‬من‭ ‬الأدنى،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬نراها‭ ‬تتصدر‭ ‬المشهد‭ ‬البرلماني‭ ‬العربي‭ ‬وتتنافس‭ ‬على‭ ‬خطف‭ ‬الوهج‭ ‬الكاذب،‭ ‬و‭ ‬يقال‭ ‬ان‭ ‬دورة‭ ‬خامسة‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬المشهد‭ ‬تنعقد‭ ‬في‭ ‬القاهرة،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬حصيلة‭ ‬دورته‭ ‬الرابعة‭ ‬السابقة‭ ‬ومصارحة‭ ‬الشعوب‭ ‬بما‭ ‬يسمونه‮»‬‭ ‬منجزات‮»‬،‭ ‬وكيف‭ ‬طواها‭ ‬الزمن‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬يشعر‭ ‬بها‭ ‬المواطن‭ ‬العربي‭ ‬الذي‭ ‬يتغطى‭ ‬هؤلاء‭ ‬العرب‭ ‬باسمه‭ ‬في‭ ‬مراسيم‭ ‬“برلمانهم”‭.‬لقد‭ ‬آن‭ ‬الأوان‭ ‬أن‭ ‬تقف‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬الصاحية‭ ‬منها‭ ‬خاصة،‭ ‬بجدية‭ ‬إزاء‭ ‬هذه‭ ‬السياقات‭ ‬الثانوية‭ ‬والعاطلة‭ ‬التي‭ ‬تتخذ‭ ‬من‭ ‬العنوان‭ ‬العربي‭ ‬لبوساً‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬تأثير‭ ‬في‭ ‬مجتمعاتها‭ ‬او‭ ‬في‭ ‬العلاقة‭ ‬مع‭ ‬الأوساط‭ ‬السياسية‭ ‬والنخبوية‭ ‬لدى‭ ‬الأمم‭ ‬الأخرى‭.‬ماذا‭ ‬صنع‭ ‬البرلمان‭ ‬العربي‭ ‬امام‭ ‬الأوساط‭ ‬الاوربية‭ ‬في‭ ‬تغيير‭ ‬الصورة‭ ‬السيئة‭ ‬التي‭ ‬رسخت‭ ‬في‭ ‬اذهان‭ ‬ملايين‭ ‬الاوربيين‭ ‬عن‭ ‬العرب‭ ‬والإسلام؟

‭ ‬وما‭ ‬هو‭ ‬العمل‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬الذي‭ ‬تحركت‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬لجان‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬المصطنع‭ ‬في‭ ‬الاتصال‭ ‬بمراكز‭ ‬الجاليات‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬أوربية‭ ‬يشكل‭ ‬العرب‭ ‬فيها‭ ‬نسباً‭ ‬كبيرة‭ ‬وتمركزات‭ ‬ظاهرة‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬الوقوف‭ ‬معهم‭. ‬إنَّ‭ ‬أيّ‭ ‬نشاط‭ ‬تعريفي‭ ‬تقول‭ ‬به‭ ‬جمعية‭ ‬من‭ ‬الجاليات‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬هو‭ ‬أكثر‭ ‬تأثيراً‭ ‬من‭ ‬اجتماعات‭ ‬البرلمان‭ ‬العربي‭ ‬الذي‭ ‬تزداد‭ ‬مقاعده‭ ‬ثراءاً‭ ‬وفخامة،‭ ‬ويقضي‭ ‬أعضاء‭ ‬الدورات‭ ‬البرلمانية‭ ‬أجمل‭ ‬أيامهم‭ ‬ولياليهم‭ ‬في‭ ‬أجنحة‭ ‬فنادق‭ ‬الدرجة‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬رحاب‭ ‬انعقاد‭ ‬أية‭ ‬دورة‭ ‬برلمانية‭ ‬عربية‭.‬والدورة‭ ‬الجديدة‭ ‬تنعقد‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬ان‭ ‬عشرات‭ ‬الألوف‭ ‬من‭ ‬السوريين‭ ‬لا‭ ‬يزالون‭ ‬مدفونين‭ ‬تحت‭ ‬انقاض‭ ‬الزلزال‭ ‬العظيم‭.‬هذا‭ ‬البرلمان‭ ‬العربي،‭ ‬لم‭ ‬يرقَ‭ ‬الى‭ ‬تمثيل‭ ‬البرلمانات‭ ‬الفرعية‭ ‬للدول‭ ‬العربية‭ ‬على‭ ‬بؤس‭ ‬معظمها‭ ‬،‭ ‬وهو‭ ‬اقرب‭ ‬الى‭ ‬صوت‭ ‬الأنظمة‭ ‬التي‭ ‬تحكم‭ ‬ولا‭ ‬يخرج‭ ‬عن‭ ‬رؤاها،‭ ‬بل‭ ‬انه‭ ‬ينعقد‭ ‬وهو‭ ‬مُغذى‭ ‬بتلك‭ ‬الرؤى‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تقدم‭ ‬أمراً‭ ‬ضرورياً‭ ‬ولم‭ ‬تؤخر‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬غير‭ ‬ضروري،‭ ‬حين‭ ‬مرت‭ ‬نفس‭ ‬الامور‭ ‬في‭ ‬اجتماعات‭ ‬القمم‭ ‬العربية‭ ‬فما‭ ‬عسى‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مصيرها‭ ‬في‭ ‬ايدي‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬الشكلي‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى