مقالات

“التسويق السياسي” _في العراق _political marketing

احمد اسعد_ مستشار قانوني

إن مفردة التسويق التي تمثل اهم علوم اليوم والتي لطالما تلازمنا في مختلف جوانب الحياة وخصوصا في الجانب الاقتصادي ,فالاقتصاد هو احد الركائز التي تقوم عليها حياتنا نحن البشر لكن لا يقتصر اساس عمل هذه المفردة وتفرعاتها واثارها في دائرة الاقتصاد فحسب بل يشمل الجانب السياسي وبشكل كبير وواسع ,واسقاط مفردات واليات العمل التسويقي على الجانب السياسي له الدور البارز والمهم في نجاح او فشل اي حزب او فئة سياسية فاعلة, وهذا يعتمد بشكل كبير على معادلات واستراتيجيات هذا العلم المتطور على الدوام ..

واذا اخذنا الواقع السياسي المتمثل بالكتل السياسية في العراق ومنذ 2003 والى الوقت الحاضر , لم تعمل وفق الاليات التسويقية التي تضمن وجود جمهور داعم بصورة مستدامة ومصالح مستمرة بين الطبقة السياسية والجمهور ذلك ,ان الاحزاب والكتل اعتمدت على مدى الفترات السابقة في كسبها الجماهيري وحملاتها الانتخابية على مفردة واحدة من اهم ادوات الاداء التسويقي وهي الاداة العاطفية ,كونها تلامس قضية متعلقة اما بعقيدة دينية ,معينة او بجانب قومي معين واستمرار العمل على هذه الأداة فقط و بصورة مستمرة افرز لدى الناخب او الجمهور حالة ملل ونفور وخسارة لكثير من المكاسب السياسية , اذ ان الكثير من هذه الاحزاب لم تستخدم ادوات تسويقية اخرى في الواقع العراقي كالدليل الملموس ،الذي يمثل الخدمة الفعلية للمواطن او المسؤولية الاجتماعية ،لدعم المواطن لغرض بعيد المدى وغير مرتبط بفترة انتخابية فقط هذا من جانب ..من جانب اخر فأن أَبعاد العمل السياسي هي شبيهة بأبعاد العمل التسويقي في جانب الاقتصاد فلدينا في الواقع الأبعاد التالية:-

1- مجموعات وفئات مختلفة من الجماهير ولا تقتصر على فئة واحدة ويمثل البُعد الاول.

2- احتياجات الجمهور او الناخب فهي متنوعة ومتعددة وتمثل بُعداً ثانياً.

3- التقنيات والبرامج السياسية اللازمة لتنفيذ الاحتياجات لمختلف شرائح الجمهور وهي البُعد الثالث .

ان عدم العمل على اسس مشابهة لما ذكر من هذه الأبعاد خلق ثقة مهزوزة لدى الجماهير ,فالكتل السياسية لم تعمل على تركيز دعمها لفئات الشباب بوصفهم القاعدة الجماهيرية الاوسع او النساء او كبار السن الا بعض الكتل فقط ,وهذا عامل كبير ساهم في الفجوة الحالية في واقعنا السياسي, كما ان كتابة برامج انتخابية مستنسخة ,ومطولة دون ذكر اي آليات لتنفيذ الوعود والبرامج ادخل جزء من الطبقة السياسية في القائمة السوداء, فبعد ان كانت بعض الكتل قد تصل الى ما يقارب الاغلبية السياسية في الماضي القريب أصبحت اليوم بأقل من هذه النسب بكثير, وخسرت اهم فاعل في اللعبة وهو المواطن وهذا عامل اخر من عوامل الفشل المتراكم والمساهم في تعثر وتردي الوضع العراقي وذهابه الى منزلق خطير وازمات تعصف بالبلد من كل الجوانب ..

وبالرغم من ذهاب الكثير من الوقت بطريق ومسار معاكس لرغبات وطموحات جزء من الاحزاب ,الا انه لم ينفد بعد لأي جهة سياسية تريد خدمة الجمهور وتحقيق المكاسب ,شرط ان تتوفر النية الحقيقية للعمل بصورة فاعلة تخدم اكبر قدر من الجمهور ,وتحقق طموحات الفئات الكبيرة مثل الشباب، ودعم حقوقهم، وتمكينهم من ايجاد حياة كريمة، حتى لفئة كبار السن ،و لإطفال اليوم والمستقبل ,من خلال اتباع خطوات ممكنة تتمثل بالتقنيات ،والرؤى ،والخطط التسويقية المطبقة في جانب الاقتصاد والشركات الكبرى ,والتي تحقق اعلى تأثير في المجتمع ما يجعلها تمتلك الحصة السوقية الكبرى من خلال رؤيتها ورسالتها وبرامجها وادواتها في التنفيذ فالوصول الى التأثير الايجابي الذي ينتج جمهوراً مستدام ومصالح ومكاسب سياسية طويلة الامد من خلال بعض الاستراتيجيات والخطط التي تلائم الوضع السياسي العراقي الحالي..

ورسالتي للمواطن العراقي لا تنتظر ان تأتي قوة خارجية وتقوم بتغيير النظام كما حدث عام 2003 فالتغير الذي يأتي من الخارج ,تتشعب تبعاته واثاره ومن يتصور ان هنالك قوة او جيش يتنظر ليأتي ويغير النظام فهو واهم, فالتغيير الداخلي ضمن الاطر القانونية اساس للنجاح وان كان يأخذ وقتا وجهدا كبيراً ,وذلك ان الاصلاح الداخلي ممكن رغم صعوبة المشهد وسوداوية المشهد ,يفترض يا ابن بلدي العزيز ان تنظر الى الكتل السياسية كما تنظر الى الشركات مع الاختلاف في المضمون, وان تكون الرقيب ،والمؤثر ،واللاعب ،والمُصلح، وهذا أساس التغيير ..

اما رسالتي الى الكتل السياسية من الحكمة التعلم من الماضي ،وتقييم الحاضر ،والتفكير في المستقبل، فالتسويق و آلياته وتقنياته وجد لخدمة بني البشر في جميع الجوانب واهمها الجانب السياسي .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى