مقالات

التغيير والسلاح المنفلت

التغيير والسلاح المنفلت – عبد الحميد الصائح

أيُ سلاح خارج سلطة الدولة وترخيصها يعتبر سلاح جريمة ، فالدولة هي الجهة الوحيدة التي يحق لها تملك السلاح ، وأي فصيل أو فريق أو شخص أو جماعة ، ينضم قانونا الى الدولة وتسري عليه قوانينها ، فانما يكون تحت امرتها ، بل إن أيّ فعل مسلح يمارس في البلاد دون علم الحكومة فهو امام احتمالين . اما يكون الفعل قد صدَرَ من جهة هي جزء من الدولة وهذا يعتبر تمرداً ، أو انه صدر من جهة ليست جزءا منها وهذا يعتبر جريمة ضد القانون ، وفي الحالتين على الدولة القصاص من هذا الجهة ، المتمردة التابعة لها ، أو المارقة التي تعمل خارج قوانينها ، ليس هذا الموضوع حصرا في العراق ، بل هو العرف والقانون وفسلفة الدولة ومؤسسساتها في كل العالم . الحصانة الامنية للمؤسسة والأفراد كفيلة بطاعة الدولة والحكومة التي تمثلها .خلاف ذلك ، فان أي جهد إصلاحي أو أجراء أو تعديل يعتبر ترقيعاً مؤقتا سيبتلعه السلاح المنفلت في البلاد ، العجيب أن كلمة السلاح المنفلت اخذت تستفز جهات محددة ربما لم تسّمَ بالاسم ، وكأننا اصبحنا نختلف على مبدأ الانفلات و قداسة الانفلات من عدمها . في وقت تمثل هذه الرؤى منطق العقل والعدالة في البلاد ، ولذلك نسمع أصواتا هنا وهناك بأنّ نتائج الانتخابات المبكرة لن تغيّر من الأمر شيئا ، وأن الإجراءت المتخذه بشأن الحدود والكمارك وبعض المؤسسات الفاسدة لن تؤثر ولن تغير شيئا ، وهذه الطروحات صادقة في حقيقتها ، صادقة لأن عدم معالجة السلاح المنفلت ، وتهديد المجتمع لن يغيّر في موازين القوى الاجتماعية وحتى السياسية شيئا.ماتحدّث به رئيس مجلس النواب بشأن السلاح المنفلت ، يعمد البعضُ لقياسه بمسطرة المكونات،(هم) و(نحن) وكأن هناك سلاحا للقتل وسلاحاً للزينة ، وهو في الواقع حديث عراقي صريح يجب الاستماع اليه ، الدولة ومجلس النواب في مقدمتها مقبلون على دعم المرحلة المقبلة والعمل على تغييرات اصلاحية وأولها الانتخابات ، وان مصلحىة الجميع هو استتباب الأمن والانطلاق في بناء الدولة ، ومايحدث من عملية تصفيات واحتراب وقتل للمتظاهرين او المدنيين واصحاب الراي ، أمر يعطل هذه الاصلاحات جميعها ، فماذا تريدون بالضبط ، دولة مخربة منتهكة متخلفة مريضة ، هذا ما لا نسمح به ، دولة متقدمة تراجع مسيرتها ويصحح المخطئون من سلوكهم ، وزج وجوه شابة لبنائها ، هذه هي مسؤوليتنا كنخب وكجهود لابد وان توظف لخدمة بلادنا وشعبنا .

هذه هي الخلاصة ، خارج جميع التحليلات والطروحات التي تتحايل على المنطق الذي اصبح معروفا للجميع ، حقوق الجميع يجب ان تكون مضمونة طالما توافقت مع مصلحة الشعب والوحدة الوطنية واستقلال القرار ، لغة الحوار والتفاهمات غير المنفعلة لابد ان تسود الحوار السياسي ، تواضع الاقوياء بالسلاح أمام ارادة الشعب ومستقبل الدولة العراقية ، هو الكفيل بانتاج بلد يمكن أنْ يبحث عن مصالحه مع الآخرين ، أمّا أن نمضي الى الانتحار ونطالب الآخرين بحماية حياتنا فهذا أبعد من الحماقة.

لايمكن أن يحدث شيء من ذلك تحت سلطة السلاح ، وهو سلاح تحداه الشباب بصدورهم ، بل إن الاستشهاد بسلاح ذوي القربى أصبح سمة وامتيازاً وليس خوفا وتراجعا،العراق يتغير وعلى الجميع الاعتراف بذلك ، ليكونوا مساهمين في التغيير وليس طرفاً في النزاع الخاسر معه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى