مقالات

الرد الايراني من الزاوية الميتة

د. فاتح عبدالسلام

الوقت المتبقي من ولاية دونالد ترامب أقل من شهرين، لكنه وقت ثمين يمكن أن تفيد منه أكثر من جهة اذا لم يكن في رأس الرئيس المثير للمفاجآت أية نية لتفجير احداث غير محسوبة على السياق العام لعلاقات بلاده مع الاخرين .

في الضربة التي وصفها رئيس الاركان الايراني بأنها ذات مرارة وقوة ولابدّ من الانتقام القاسي في الرد عليها، وجدت طهران نفسها في زاوية ميتة لا تستطيع ان تتحرك منها بما يثير ترامب ، واستبعدت في الوهلة الاولى توجيه اي اتهام لواشنطن في اغتيال العالم النووي محسن فخري زادة وحصرت خيارات الاتهام في اسرائيل فقط .

الوقت الثمين المتبقي ليس شرطاً ان يكون مهما لترامب المغادر ابداً، وانما هو مهم للذي يستطيع اقتناص الفرص من خلاله من دون أن تقدر طهران على رد فوري، امام هذا العدو الشبحي المجهول -المعلوم الذي نفذ عملية محكمة الاتقان، وبأريحية تامة، اظهرتها مقاطع فيديو للحظات التي اعقبت الهجوم المباغت.

في هذه السنة خسرت ايران أهم شخصيتين على صلة وثيقة بالصراع مع امريكا واسرائيل، هما الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس الذي كان صاحب النفوذ المهيمن في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وهذا العالم النووي فخري زادة الذي تعده اسرائيل العقل المدبر للبرامج الحربية النووية الافتراضية أو السرية.

الرد الايراني على مقتل سليماني كان مقنناً في ضربة ضد الامريكان في قاعدة عين الاسد العراقية، غير انّ الرد على عملية نوعية،المتهم فيها اسرائيل، أمر صعب ومعقد، ولا دلالة مؤثرة له اذا كان من خلال صواريخ عبر غزة وهي الجهة الوحيدة المتاحة مع الجهة السورية المقابلة للجولان والتي من الممكن أن تصل اليها اليد الايرانية، مع استبعاد شبه نهائي لاشعال جبهة جنوب لبنان.

الخيار المتاح لايران للرد هو عمليات جديدة لاستهداف الوجود الاسرائيلي في الخليج عبر الدول ذات التطبيع الجديد، وهذا تحول نوعي خطير جداً، لايمكن اغفاله في التفكير الاستخباري العميق، بالرغم من انه احتمال ضعيف في ظاهره العام .

في ذات الوقت هناك احتمال له شواخص ووجود، تتجاهله ايران هو المعارضة التي تلقت ضربات مؤذية في الخارج والداخل، وقد تكون الاقرب لاختراق الجبهة الايرانية والانتقام لنفسها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى