مقالات

الغباء الصناعي والذكاء البشري

حمزة مصطفى

قبل أيام كتبت تغريدة على “تويتر” قلت فيها أن “الذكاء الصناعي هو قمة ماوصل اليه الإنسان من غباء”.

يبدو التوصيف قاسيا وصادما لأول وهلة. لكن حين نبحث دلالاته والمخاطر التي يمكن أن تترتب عليه بعد فترة ليست طويلة من الزمن فإنها لاتعني سوى شيء واحد وهو أن الإنسان الحاد الذكاء بدأ يحفر قبره بيده.

الإنسان ذكي بالطبع.

بل هو أذكى المخلوقات في الطبيعة. من أين جاءه الذكاء بينما بقي الحمار غبيا؟ لست أريد المقارنة بين الإنسان الذي هو بالنسبة لأرسطو حيوان إجتماعي وبين حيوان كتبت عليه “الصفنة” فسمي بأبي صابر وهو الحمار الذي له أنصار كثر في عالمنا, بقدر ما أريد الإقرار بحقيقة واضحة وضوح الشمس أن ذكاء الأنسان هبة الهية.

الله سبحانه وتعالى هو الذي منح الإنسان العقل وعن طريق العقل تمكن الإنسان من قهر الطبيعة وفرض هيمنته على كل شيء فيها.

الأرض والسماء, البحار والجبال, الماء واليابسة. ولم يقف الأمر عند الطبيعة بل قهر أعظم الحيوانات التي لا يستطيع مواجهتها وجها لوجه لكنه بوسائله الذكية بات يلبس فروا من جلود الأسود وأحذية من جلود النمور وأدوية من سم الأفاعي السامة.

لكارل ماركس مقاربة جميلة بين أذكى نحلة وأغبي مهندس والتي تصب في النهاية لصالح المهندس.

المعروف عن النحل إنه منظم جدا وعالمه يوصف بالمملكة لشدة تنظيمه. لكن ماذا يقول ماركس؟ يقول أن الفرق بين أذكى نحلة وأغبي مهندس أن عالم النحل عفوي دون تخطيط بينما عالم المهندس مبني على خطة وخرائط وتصاميم بصرف النظر عن النتيجة.

إذن الله سبحانه وتعالى هو من جعل الإنسان ذكيا بل “خليفة في الأرض”.

وحين تساءلت الملائكة عن جدوى خلق هذا الإنسان الذي سوف ” يفسد فيها ويسفك الدماء” جاء الجواب الإلهي قاطعا “إني أعلم ما لاتعلمون”.

لم يكتف الخالق العظيم بذلك بل أمرهم بالسجود لهذا الأنسان, ولأنهم مجبولون على الطاعة وإن لم يعجبهم هذا المخلوق الجديد سجدوا الإ إبليس لأنه “كان من الجن ففسق عن امر به” في آية قرانية ولأنه قال لرب العالمين في أية أخرى “أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين”.

لست أريد هنا أن أناقش مفاهيم الطاعة والمعصية بقدر ما أريد التطرق الى ماقالته الملائكة بأن هذا الإنسان سيفسد في الأرض ويسفك الدماء ورد الخالق سبحانه “إني أعلم مالاتعلمون”.

منذ خلق الله الإنسان وزوده بأدوات التطور والعمل من خلال العقل لم يترك الإنسان خطيئة الإ وأرتكبها.

رب العالمين أرسل لنا, نحن البشر, عشرات الآف الأنبياء, بينما لانزال نفسد ونسفك الدماء و”ماملحكين”.

ليس هذا فقط بل “شكو مكسورة” عملها هذا الإنسان الذي خلقه الله سبحانه وتعالى “في أحسن تقويم” قبل أن يرده بسبب “فعايله” الى “أسفل سافلين”.

ولعل آخر مابات يفعله إنه في الوقت الذي قهر الطبيعة ومخلوقاتها بات الآن يتسابق في قهر نفسه هو. ولعل التطبيق الأشهرالآن هو إختراعه مابات يسمى “الذكاء الصناعي”.

لا أريد القول أن مايقوم به الإنسان عبر هذا الإختراع هو “حرشة” خارج صلاحياته البشرية مثلها مثل محاولاته على الصعيد الطفرات الوراثية ومايمكن أن يتبعها من قضايا في غاية الخطورة لكنها تعبير عن غرور بلا حدود سوف يرتد عليه آجلا أم عاجلا.

الحيز لايتسع للمزيد من الحديث حول النتائج الكارثية التي ستترتب على الذكاء الصناعي وسواه مما إنتجته المصانع وأولها الروبوت لكن مانلاحظه اليوم على صعيد مايجري على سطح الكوكب لا يعمل لصالح الإنسان الذكي الذي سبق للملائكة أن توقعت فساده وسفكه للدماء والرد الإلهي “إني أعلم مالاتعلمون”.

نعم هم لا يعلمون أين يمكن أن يصل الإنسان عن طريق الذكاء الذي كان طبيعيا فتحول الى صناعي. هنا “إنلاصت” تماما.

كيف ينتج؟ ماذا ينتج؟ كم ينتج؟ من يقوم بالإنتاج؟ الجواب.. الذكاء الصناعي. اين الإنسان؟ مكانه البيت. كيف يعيش؟ لا أحد يعرف بمن في ذلك ذكاء الأنسان الصناعي.

صدق الخالق “إني أعلم مالاتعلمون”. الأمر لم ينته عند هذا الحد. لدينا “خبل” لديه المزيد من القنابل النووية.

إذا القى واحدة منها راح نرجع “كري” الى العصر الجليدي. نكتشف النار من جديد. ونبدأ الرحلة من جديد ونكرر نفس القصة .. نفسد ونسفك الدماء.

“خل يفيدنا” إبن عربي القائل.. وتحسب إنك جرم صغير .. وفيك إنطوى العالم الأكبر. لوكان بزمنه ذكاء صناعي كان … شك هدومه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى