مقالات

القطع المبرمج للكهرباء.. شر لا بد منه!!

فيصل محجوب

في مواسم ارتفاع الطلب على الطاقة الكهربائية وتعرض السعات التوليدية إلى حالة العجز في تلبية الأحمال المطلوبة، وكذلك في حالة حدوث الاختناقات في سعات خطوط النقل أو محطات التحويل لبعض أجزاء المنظومة الكهربائية، عندما لا تتوفر الإمكانات المتاحة للمعالجة السريعة لهذه الحالات والحاجة، لوقت طويل نسبياً، إلى إضافة سعات توليدية أو تنفيذ الاجراءات الخاصة بإزالة الاختناقات الحاصلة، فإن القائمين على عمل المنظومات الكهربائية يلجؤون، مكرهين، إلى وضع برامج لقطع الأحمال لضمان عملها والحفاظ على مستوى من التردد، في حدوده المقبولة، لمنع حصول انطفاء عام لهذه المنظومات، وينتهي العمل بهذه البرامج حال زوال الأسباب التي دعت إلى تطبيقه.لهذا النوع من برامج تشغيل المنظومة الكهربائية شروط عديدة لكي يطبق، بنحو سليم وناجح، أدرج منها الآتيالعدالة المتناهية في التطبيق ليشمل المشتركين كافة على حد سواء.– الانضباط والوعي والنزاهة في أداء القائمين على تنفيذ البرنامج من موظفي المحطات الثانوية المغذية ومراكز السيطرة والتشغيل. – الوسائل المستخدمة في عمليات القطع والإعادة ومستوى أداءها من معدات وأجهزة فصل يدوية كانت أم أوتوماتيكية كذلك كفاءة شبكات الاتصال العاملة في أجزاء المنظومة الكهربائية.– سلامة تحديد المرافق الحياتية المستثناة من تطبيق برامج القطع واختيارها كالمشافي ومحطات ضخ المياه ومحطات المجاري والمصانع ذات الأهمية وبالأخص، التي لا تمتلك مولدات للتغذية البديلة .– الإعلام، من خلال القنوات الإعلامية المتاحة، عن مواعيد القطع والإعادة، بنحو جداول واضحة، تسهل على المواطنين معرفة هذه المواعيد من أجل تنظيم نشاطاتهم وأعمالهم على وفق ذلك.المراقبة المستمرة والدقيقة من المعنيين بشؤون قطاع الكهرباء، على عمل هذه البرامج وتلقي الملاحظات المؤشرة لغرض تحوير أو تطوير تنفيذها.٢إن المستوى التنظيمي في تصميم مثل هذه البرامج ومدى فعاليتها العملية يعتمد، بالأساس، على كفاءة العاملين في دوائر السيطرة والتشغيل وخبرتهم، وكانت لنا تجارب عملية فريدة منها ما تم تطبيقه في الشركة العامة لتوزيع كهرباء بغداد وذلك في منتصف تسعينيات القرن الماضي ولحد الاحتلال سنة 2003 حيث تميز بدقة التوقيتات الخاصة بالقطع والإعادة حتى أن الكثير من المواطنين بدأ يصف ميزاته كمرجع لمن ينوي ضبط عقارب ساعته الشخصية.3مما تجدر الإشارة إليه، هنا، أإن هذه البرامج قد تخضع إلى حيود سلبي (الانحراف في التوقيت وزيادة وقت القطع)، أو إلى حيود إيجابي (تقليص ساعات الإطفاء أو تجاوزها أحياناً في عدم تنفيذ القطع) وذلك حسب حالة المنظومة ومستوى الأحمال المطلوب تغطيتها، وهذا ما يعرض دوائر الكهرباء أحياناً إلى التشكيك والانتقاد وتوجيه سهام الاتهامات غير المسوغة.4أذكر، هنا، وفي ضوء الحيود الايجابي في التطبيق، أني تلقيت مكالمة هاتفية غاضبة، في ساعة متأخرة من الليل، (حينها كنت المدير العام لكهرباء العاصمة بغداد) من الأستاذ عدنان عبد المجيد العاني رحمه الله (وزير الصناعة والمعادن حينها)، مستغرباً ومستفسراً عن سبب عدم قطع التيار الكهربائي عن داره الواقعة في حي العامرية ببغداد ضمن البرنامج المعد، هل هو مجاملة له بصفته الوزير المسؤول أم أن البرنامج تنقصه الدقة في التنفيذ؟ أجبته موضحاً أن البرنامج المطبق تعرض لحيود إيجابي لعدم الحاجة الحاكمة لقطع الأحمال، الذي يحدده مركز السيطرة الوطني وأن هذا حالة عامة تعيشها مناطق بغداد كافة، في تلك الليلة، وليس منطقة سكناكم فقط، وهنا تمكنت من تبديد غضبه وتحويله الى عبارات شكر وثناء للعاملين في قطاع الكهرباء .5إن الاجراءات والممارسات، التي طبقت، في ظروف الحصار الاقتصادي على العراق، للمدة (1991- 2003) سخرت لها خبرات وطنية في المفاصل الحكومية كافة، ليس على صعيد قطاع الكهرباء حسب، بل شمل هذا الكثير من مناحي الحياة بهدف تخفيف وطأة التداعيات القاسية لهذا الحصار المشؤوم، فكان نجاح وزارة التجارة في تطبيق توزيع المواد الغذائية الأساس على وفق البطاقة التموينية شهرياً، وكذلك البطاقة الدوائية لبعض المرضى، الى آخره من إجراءات شملت مناطق العراق كافة عاملاً اثبت فعاليته في تحقيق عنصر المطاولة للمواطن العراقي، الذي كان وما يزال نموذجاً حياً للصبر والثبات على معاني الوطنية وقيمها الأصيلة عدا الضعاف من أصحاب النفوس المريضة من الذين ارتضوا ان يكونوا خدماً مطيعين لمصالح غير مشروعة والذين يروجون لأجندات خارجية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى