مقالات

بيان الرواتب رقم واحد

حمزة مصطفى

عند نهاية كل شهر ينتظر ملايين الموظفين العراقيين بيان رقم واحد بإطلاق رواتبهم. ولأن الخبر ليس عاديا فإنه يخضع لدى الوكالات والفضائيات لكل شروط الخبر الأول الذي يتسمر على الشاشة كأحلى سبتايتل لحظة صدور الأمر الوزاري. السبتايتل العاجل يقول .. أطلقت وزارة المالية رواتب الموظفين لشهر كذا.

أول من يفرح لهذا الخبر العاجل قبل الموظفين باعة السمك والطرشي وأصحاب المطاعم الثابتة والمتنقلة (ألديلفري), وأهل السوبرماركتات والمولات والمتماولات والحدقجية وأصحاب صالونات الحلاقة خاصة النسائية ومحلات الأثاث والتعهدات الزجاجية. المتقاعدون بدورهم ينتظرون بيان رواتبهم رقم واحد أيضا. فبين القيل والقال بشأن متى يتم إطلاق الرواتب حيث الشائعات تتناقلها الألسنة بدءا من يوم الثامن والعشرين من كل شهر الى أن يثبت هلال عيد الرواتب ببيان سرعان مايتحول الى سبتايتل هو الآخر يهلهل على الفضائيات والوكالات (وزارة المالية تطلق رواتب المتقاعدين للشهر الحالي).

تبدأ جولة الفرح بين باعة السمك الطرشي وأصحاب المطاعم الثابتة والمتنقلة (الديلفري), وأهل السوبرماركتات والمولات والمتماولات والحدقجية وأصحاب صالونات الحلاقة خاصة النسائية ومحلات الأثاث والتعهدات الزجاجية.وبعد حفلة الموظفين والمتقاعدين تبدأ سلسلة حفلات لكن أقل شمولا لشرائح أخرى من المواطنين وتتمثل هذه المرة بأخبار تبدو غامضة نسبيا الإ لمن يدخل على تفاصيل الخبر كأن يقول العنوان “وزارة المالية تطلق رواتب هذه الفئة”. وعندما يأخذك الفضول لكي تعرف من هي هذه الفئة السعيدة تكتشف أن المقصود بها متعاقدون منسيون, محاضرون مجانيون (لكن ياخذون رواتب) الصحوات, شبكة الرعاية الاجتماعية وربما فئات أخرى أقل سعادة. ولأن رواتب هؤلاء لاتسر باعة السمك والطرشي ومحلات الأثاث والتعهدات الزجاجية حيث تكفي مراقبة منافذ توزيع الرواتب عبر الماستر كارد والكي كارد لتجدها خالية من جمهرة من المجادي ممن يراقبون حركة الداخلين والخارجين من هؤلاء السعداء (مال التعزيلة) مثلما تجدهم حين يتجمهرون أيام توزيع رواتب الموظفين والمتقاعدين, وهم يدخلون منافذ التوزيع زرافات ووحدانا ووجوههم تتهلل فرحا وسعادة بهذا اليوم السعيد الذي لايتكرر الإ كل مرة بالشهر ويشبه أيام عرسهم خصوصا للمتقاعدين.

هل هناك من هو مثلنا من بين موظفي ومتقاعدي ومتعاقدي ومحاضري العالم المجانيين وأصحاب الشبكات واللبكات والهمبكات ممن ينتظرون صرف رواتبهم حتى لو كانت بائسة شحيحة بأمر وزاري وبعاجل تتناقله وكالات الأنباء كما لوكان الخبر العاجل رحلة يقوم بها عبد الفتاح البرهان وهو بكامل زيه المدني بينما يخوض حرب تدمير السودان بنجاح ساحق ,اوقبل أن يتلهى المحروس كيم جونغ اون بصاروخ عابر للقارات يصل ولاية فلوريدا؟. شخصيا لا أظن ولا اعتقد ولأ أتوقع ولا أخمن ولا أتخاطر ولا أتبركس (من الباراسايكولجي) بأن رواتب موظفي ومتقاعدي ومتعاقدي ومحاضري إيطاليا والنمسا وبهارات (الهند سابقا) والصومال وأرتيريا والمكسيك وأستراليا وروسيا وفنلندا والدومنيكان وجزر سيشل تدفع باوامر وزارية نهاية كل شهر, وتتحول الى عواجل يفرح لها باعة سمكهم وطرشيهم ومطاعمهم الثابتة والدلفرية ومحلات أثاثهم وتعهداتهم الزجاجية ومولاتاتهم ومتماولاتهم ومجاديهم ومتماجديهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى