مقالات

بين‭ ‬تحالف‭ ‬الذئاب وتناحر‭ ‬الخرفان

د. نزار محمود

تسود‭ ‬العالم‭ ‬علاقات‭ ‬ومراكز‭ ‬هيمنة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬“القوية”‭ ‬نسبياً‭ ‬بذاتها‭ ‬والمعززة‭ ‬لتلك‭ ‬القوة‭ ‬بتحالفاتها‭. ‬

في‭ ‬حين‭ ‬نرى‭ ‬كثيراً‭ ‬من‭ ‬البلدان‭ ‬والشعوب‭ ‬الضعيفة‭ ‬متناحرة‭ ‬متنافرة‭ ‬متفرقة،‭ ‬مما‭ ‬يزيد‭ ‬ضعفها‭ ‬ويوقعها‭ ‬فريسة‭ ‬لتحالفات‭ ‬الدول‭ ‬القوية‭. ‬قد‭ ‬يبدو‭ ‬الأمر‭ ‬غير‭ ‬منطقياً‭ ‬لكنه‭ ‬واقع‭ ‬حال‭. ‬

والأكثر‭ ‬مرارة‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬ان‭ ‬ترى‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬المستضعفة‭ ‬تعيش‭ ‬حالة‭ ‬تجزئة‭ ‬رغم‭ ‬عوامل‭ ‬وحدتها‭ ‬ثقافياً‭ ‬وجغرافياً‭ ‬وتاريخياً‭. ‬وهذه‭ ‬الحال‭ ‬تعيشها‭ ‬للأسف‭ ‬دولنا‭ ‬العربية‭ ‬مثلاً‭.‬ان‭ ‬نظرة‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬وتحالفاتها‭ ‬تقودنا‭ ‬على‭ ‬الفور‭ ‬الى‭ ‬اتحادات‭ ‬وتحالفات‭ ‬قوية‭ ‬مثل‭ ‬الاتحاد‭ ‬الاوروبي‭ ‬ومنظمة‭ ‬الناتو‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬التحالفات‭ ‬العسكرية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والتجارية‭. ‬

صحيح‭ ‬انه،‭ ‬وكرد‭ ‬فعل‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬التحالفات،‭ ‬قامت‭ ‬هنا‭ ‬وهناك‭ ‬منظمات‭ ‬واتحادات‭ ‬دولية‭ ‬اقتصادية‭ ‬وتجارية‭ ‬الا‭ ‬انها‭ ‬لم‭ ‬ترتفع‭ ‬في‭ ‬اهميتها‭ ‬بالمقارنة‭ ‬مع‭ ‬قوة‭ ‬اتحادات‭ ‬الدول‭ ‬الغربية،‭ ‬التي‭ ‬تقودها‭ ‬وتحميها‭ ‬الهراوة‭ ‬العسكرية‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭.‬ترى‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬يدفع‭ ‬الدول‭ ‬“القوية”‭ ‬الى‭ ‬التعاون‭ ‬والتحالف،‭ ‬وما‭ ‬الذي‭ ‬يدفع‭ ‬الدول‭ ‬“‭ ‬الضعيفة”‭ ‬الى‭ ‬الفرقة‭ ‬والتناحر؟هناك‭ ‬أسباب‭ ‬ذاتية‭ ‬وهناك‭ ‬أسباب‭ ‬خارجية‭. ‬

أسباب‭ ‬ذاتية‭ ‬تتمحور‭ ‬في‭ ‬ادراك‭ ‬الدول‭ ‬القوية‭ ‬لأهمية‭ ‬التعاون‭ ‬والتحالف‭ ‬في‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬بعضها،‭ ‬من‭ ‬ناحية،‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬مواقعها‭ ‬المهيمنة‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭. ‬هذا‭ ‬السلوك‭ ‬لا‭ ‬يقوم‭ ‬الى‭ ‬على‭ ‬مقومات‭ ‬واشتراطات‭ ‬سياسية‭ ‬وثقافية‭ ‬في‭ ‬بنية‭ ‬ادارات‭ ‬حكمها‭ ‬ومجتمعاتها. ‭

‬في‭ ‬حين‭ ‬تتمثل‭ ‬الأسباب‭ ‬الذاتية‭ ‬لدى‭ ‬الدول‭ ‬الضعيفة‭ ‬بعدم‭ ‬وعي‭ ‬أو‭ ‬قدرة‭ ‬الانظمة‭ ‬أو‭ ‬حكامها‭ ‬على‭ ‬التعاون‭ ‬والتحالف‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬بينها،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬لا‭ ‬ينفصل‭ ‬عن‭ ‬المنظومات‭ ‬الثقافية‭ ‬والسياسية‭ ‬والأخلاقية‭ ‬والنفسية‭ ‬لادارات‭ ‬الحكم‭ ‬والمجتمع‭ ‬فيها‭.‬

ومن‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭ ‬تتمثل‭ ‬الأسباب‭ ‬الخارجية‭ ‬بوعي‭ ‬وسياسات‭ ‬وخطط‭ ‬الدول‭ ‬القوية‭ ‬في‭ ‬ادامة‭ ‬فرقة‭ ‬وتناحر‭ ‬الدول‭ ‬الضعيفة،‭ ‬والحرص‭ ‬على‭ ‬تشكل‭ ‬أنظمة‭ ‬واستلام‭ ‬قيادات‭ ‬حكم‭ ‬فيها‭ ‬تلبي‭ ‬ادامة‭ ‬هيمنتها‭ ‬وتفوقها‭ ‬عليها‭. ‬من‭ ‬هنا‭ ‬أحببت‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬عنوان‭ ‬المقال‭: ‬بين‭ ‬تحالف‭ ‬الذئاب‭ ‬وتناحر‭ ‬الخرفان‭!‬هذه‭ ‬الحال‭ ‬ليست‭ ‬غائبة‭ ‬تماماً‭ ‬عن‭ ‬عقول‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الساسة‭ ‬في‭ ‬بلداننا‭ ‬“‭ ‬الضعيفة”،‭ ‬لكنهم،‭ ‬للأسف،‭ ‬بحسون‭ ‬بالعجز‭ ‬عن‭ ‬تصحيحها،‭ ‬أو‭ ‬أنهم‭ ‬فضلوا‭ ‬جمع‭ ‬“قرشين”‭ ‬لمستقبل‭ ‬أبنائهم‭ ‬المجهول‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬ملامحه‭!‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى