مقالات

ثمة متغير قادم

محمد شريف أبو ميسم

العراق الذي أعدَّ ليكون منطلقا لمشروع كبير في منطقة الشرق الأوسط، بخطوات محسوبة، وانفاق مالي ودعم لوجستي لجيوش الاحتلال من قبل امبراطوريات المال، التي تحكم العالم وتحتكر اقتصاد المعرفة وأدوات العولمة والتجارة العالمية، كان ولا يزال {ونحن بصدد الانتخابات}محل اهتمام وسعي متواصل لما يشبه أرض العالم الجديد، الذي اكتشفه كولومبس وهاجرت اليه الموجات البشرية من أوربا لتنهي وجود الهنود الحمر على تلك الأرض. كان الأصل في الفكرة أن يكون العراق أنموذجا تنطلق منه الليبرالية برداء جديد الى العالم بوصفها فكرا متجددا، بما يمهد لشيوع سلطة رأس المال في المنطقة والعالم، وبما يتماها مع المشروع الصهيوني القائم على الوعد الابراهيمي المزعوم تحت يافطة الماسونية {من الماء الى الماء تترامى أطراف الدولة اليهودية الكبرى} ليكون مفهوم انتصار الحريات الفردية أو ما يسمى بالفردانية مدعاة لاعادة انتاج العبودية بشكل حداثي بدعوى نهاية التاريخ السياسي، بعد ما قيل عن افلاس الديموقراطية الاجتماعية التي يعبر عنها بالبنائية بحسب الليبراليين الجدد، وعدم استقرارها بحسب {فرانسيس فوكوياما}، أو من منطلق التغيير بوصفه الثابت الوحيد. فالليبرالي: بحسب باسكال سلان {هو ذاك الذي يترك التغيير يعمل عمله، حتى لو لم نكن قادرين على أن نتوقع الى أين سيصل بنا ذلك التغيير، مما يفترض وجود ثقة في قدرة الأفراد على التعايش والتلاؤم المستمر مع الظروف المتقلبة على الدوام وغير المتوقعة النتائج}، وهو منطق مثير للضحك، حيث يلهث الانسان وراء اشباع الحاجات، والبحث عن وهم الاستقرار النفسي، في ظل عالم استهلاكي متجدد يسلب من الذات البشرية وجدانيتها ويغرقها في وحل عبودية العمل لصالح أسياد المال المحتكرين لاقتصاد المعرفة وأدوات التفوق، بدعوى التعايش والتلاؤم المستمر.ومن هذا المنطلق كانت مراحل الاعداد والتأسيس {لعراق ديموقراطي كما يدّعون} وبتدخل مباشر ومتواصل في شؤونه بهدف ادامة تداعيات {نظرية الصدمة}، وصولا الى مرحلة القبول بالحلول الجاهزة التي ستأتي بها الليبرالية وسلطة رأس المال الأجنبي، مرورا بتغييب الوعي بهدف علو كعب الجهل والتخلف والاشتغال عليهما، وهنا يكون من الخرافة بمكان، الخوض في مقارعة نوايا الهيمنة، إلا في الإطار العقائدي الذي يمكن أن يجمع الناس على كلمة سواء، مقرونا بشرط الارتقاء بالوعي لدى النخب على أقل تقدير، بهدف بلورة خطاب وخطط ترتقي الى مستوى الشعور بخطورة المتغير القادم، الذي يؤسس لمصادرة الأرض وتحول ديموغرافي على المدى البعيد تحت مظلة العولمة ونظام ليبرالية السوق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى