السياسية

حملة مكافحة الفساد.. الإطاحة بالـ ’’الصغار’’ هل ستمهد لقطف رؤوس الفساد الكبيرة؟

منذ الإعلان عنها، يترقب العراقيون تحركات، (اللجنة الدائمة لمكافحة الفساد والجرائم الهامة) للتحقيق بملفات الفساد الكبرى، برئاسة الفريق أحمد أبو رغيف، الذي أكد أن مهام لجنته تتعدَّى إلى قضايا كبرى وعملها تحت إشراف مجلس القضاء الأعلى.

على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام، لا تهدأ الأنباء المتداولة عن اعتقالات لمسؤولين سابقين وحاليين في الدولة من قبل اللجنة، وفيما وصلت اعداد المعتقلين أو المرشحين للاعتقال بتهم فساد إلى ارقام كبيرة، يرى مراقبون وأعضاء بمجلس النواب أن اللجنة لم تبدأ بعد برؤوس الفساد الكبرى، ومازالت تقتصر على “الصغار”، وتحتاج دعما سياسيا أكبر.

ووفق أمر ديواني أعلن الجمعة الماضية، كلف رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، قوات مكافحة الإرهاب للمرة الأولى، بتنفيذ القرارات الصادرة عن لجنة مكافحة الفساد، في قضايا الفساد.

وحتى اليوم، يعد اعتقال رئيس هيأة التقاعد الوطنية السابق، أحمد الساعدي، ومدير ومالك شركة “كي كارد” بهاء عبد الحسين، هو الأبرز، في وقت تفيد مصادر حكومية بالقبض على 6 مسؤولين كبار، إضافة إلى منع مسؤولين سابقين من السفر، لكن أعضاء بمجلس النواب يرون التحركات غير ناجعة حتى الآن.

لا نجاح دون دعم سياسي

وتعد محاربة الفساد على رأس مطالب الاحتجاجات الغضبة التي انطلقت منذ تشرين الأول الماضي، في وقت يحتل العراق مكانا من بين أكثر دول العالم التي تشهد الفساد، بموجب مؤشر منظمة الشفافية الدولية على مدى السنوات الماضية.

يرى النائب عن تحالف سائرون، غايب العميري، أن قرارات لجنة مكافحة الفساد، لم تعتقل سوى صغار الموظفين، وقراراتها مجرد اعلام فقط.

وقال العميري : “متى ما كانت هناك اعادة ثقة للشعب عبر القصاص من الفاسدين ومحاكمتهم، سوف نرفع القبعة للحكومة”، مبينا أن “الكلام حول شعور الفاسدين بالقلق هذا ليس انجازا ويجب محاسبتهم”، مشيرا بذات الوقت إلى أن “الكاظمي لا يستطيع محاسبة كبار الفاسدين الذين يعرفهم الجميع بشكل جيد، ولجنة مكافحة الفساد لم تعتقل سوى صغار الموظفين”.

بدوره دعا لنائب محمود الزجراوي، عضو تحالف سائرون المدعوم من زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، الكاظمي، إلى اتباع مسار معين من اجل الاطاحة بكبار الفاسدين، فيما أكد انهم محميون داخل العراق وخارجه.

وقال الزجراوي , إن “الفاسدين الكبار في العراق محميون داخليا وخارجيا ولديهم ادوات كثيرة في مواجهة اي محاولات للتصدي لهم”، مؤكدا ان “الكاظمي وحده لا يمكنه الاطاحة بهم ما لم يتوافق مع القوى الوطنية التي تتبنى الاصلاح الوطني ومنها تحالف سائرون”.

واضاف الزجراوي، ان “اطلاع الكاظمي للقوى الوطنية المؤمنة بالإصلاح ومكافحة الفساد، وعلى رأسها سائرون، سيوفر له سندا في خطواته القادمة”، مؤكدا أن “اي خطوة يتخذها الفاسدون الكبار حيال حملة رئيس الوزراء ستكون مجرد فقاعة، لان التضامن الوطني سيدعمه بالإضافة الى القوى السياسية”.

حملة كبرى بسرية تامة

وبسبب الفساد، أصبح العراق بيئة طاردة للمستثمرين، حيث يتعرض المستثمر إلى الابتزاز وتهديد بالقتل في حال عدم منحه أموال لبعض الجهات السياسية والحزبية والمسلحة، في وقت تبذل حكومة الكاظمي جهودا لتحقيق إصلاحات بهذا الملف.

وتحدث عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، عبد الخالق العزاوي، عن ظروف عمل لجنة مكافحة الفساد التي شكلها الكاظمي، فيما أكد أنها تعمل بسرية تامة.

وقال عبد الخالق العزاوي، ، إن “آلية عمل لجنة مكافحة الفساد المشكلة من الكاظمي لا علم لأحد بها، ونعتقد أنها تتحرك باتجاهين، الأول اعتقال المتهمين الصغار الذين يمثلون واجهات الفاسدين الكبار، ومن ثم الانتقال إلى توقيف المتهمين الكبار”.

وأضاف العزاوي، أن “هناك جدية من الحكومة في محاربة الفساد المالي والإداري، ولاحظنا وجود من يحاول أن يعرقل عملها من قبل القوى المتنفذة خوفا من أن يطولها تلك الإجراءات”.

وأكد عضو لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب، أن “الكاظمي تلقى دعما كبيرا من الكثير من الشخصيات البرلمانية وبعض القوى السياسية بهدف اكمال هذه المهمة التي تعد من الملفات الشائكة والمعقدة جدا”.

بدوره رجح عضو مجلس مكافحة الفساد السابق، سعيد ياسين موسى، أن تشهد البلاد حملات أمنية كبيرة، ستطال شخصيات بارزة بالدولة العراقية، بسبب تورطها بقضايا فساد.

وقال موسى ، إن “لجنة مكافحة الفساد، المشكلة من قبل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، ستعمل على ما يتم التحقيق عليه في هيأة النزاهة، وستنفذ اوامر الاعتقال والقبض الصادرة من قبل الجهات القضائية المختصة، ضد شخصيات كبيرة وبارزة بالدولة العراقية، لتورطها بقضايا فساد”.

واضاف أن “المرحلة المقبلة ستكون مرحلة تطبيق القانون وفرض هيبة الدولة، وستطيح بشخصيات بارزة عليها شبهات فساد مختلفة، وربما تملت هذه الشخصيات حصانة برلمانية او سياسية”.

وتأتي حملة مكافحة الفساد، بالتزامن مع دعم المرجع الديني الأعلى علي السيستاني، في بيانه الذي أعقب لقاء الممثلة الأممية في العراق، جينين بلاسخارت، مؤخرا، والذي دعا فيه إلى اتخاذ خطوات جادة لمكافحة الفساد.

ونقل مكتب المرجع عن السيستاني، قوله، إن “الحكومة الراهنة مدعوة الى الاستمرار والمضي بحزم وقوة في الخطوات التي اتخذتها في سبيل تطبيق العدالة الاجتماعية، والسيطرة على المنافذ الحدودية، وتحسين أداء القوات الأمنية بحيث تتسم بدرجة عالية من الانضباط والمهنية، وفرض هيبة الدولة وسحب السلاح غير المرخص فيه، وعدم السماح بتقسيم مناطق من البلد الى مقاطعات تتحكم بها مجاميع معينة بقوة السلاح تحت عناوين مختلفة بعيداً عن تطبيق القوانين النافذة”.

واضاف، أن “الحكومة مدعوة أيضاً الى اتخاذ خطوات جادة واستثنائية لمكافحة الفساد وفتح الملفات الكبرى بهذا الشأن حسب الإجراءات القانونية، بعيداً عن أي انتقائية، لينال كل فاسد جزاءه العادل وتسترجع منه حقوق الشعب مهما كان موقعه وأياً كان داعموه”.

ولقصة الفساد في العراق، تاريخ طويل من هدر أموال الدولة على مشاريع معطلة وخدمات مفقودة، وكشفت جهات حكومية عبر السنوات الماضية استغلالا ونفوذها كبيرين داخل السلطة لتحقيق عوائد مالية ضخمة على حساب المشاريع الوطنية والاستثمارات الخارجية في البلاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى