مقالات

خدمة العلم وأبواب المحاذير

د. فاتح عبدالسلام

قرار‭ ‬إعادة‭ ‬العمل‭ ‬بخدمة‭ ‬العلم‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬يعني‭ ‬إعادة‭ ‬الخدمة‭ ‬العسكرية‭ ‬الإلزامية‭ ‬الى‭ ‬الوجود‭ ‬بعد‭ ‬غياب‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬عشرين‭ ‬سنة‭. ‬من‭ ‬هنا‭ ‬يكون‭ ‬القرار‭ ‬نوعياً‭ ‬لكن‭ ‬تنفيذه‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬اقراره‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬المستويات‭ ‬يتطلب‭ ‬عملا‭ ‬اصلاحيا‭ ‬كبيرا‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬العسكرية‭ ‬واستحداث‭ ‬دوائر‭ ‬تجنيد‭ ‬عصرية‭ ‬تنسجم‭ ‬مع‭ ‬التطور،‭ ‬بحسب‭ ‬ضوابط‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬استغلالها‭ ‬سياسياً،‭ ‬ومن‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬الشاب‭ ‬العراقي‭ ‬خدمة‭ ‬وطنية‭ ‬يفتخر‭ ‬بها‭ ‬ويتحمس‭ ‬لأدائها‭. ‬وأول‭ ‬المحاذير‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬تحصين‭ ‬الخدمة‭ ‬العسكرية‭ ‬كي‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬باباً‭ ‬جديداً‭ ‬للفساد‭ ‬وتسجيل‭ ‬الأسماء‭ ‬الوهمي،‭ ‬مما‭ ‬يفرغها‭ ‬من‭ ‬مضمونها‭ ‬الوطني‭ ‬المنشود‭. ‬انّ‭ ‬الخدمة‭ ‬الإلزامية‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬تحقق‭ ‬أهدافها‭ ‬السامية‭ ‬في‭ ‬غرز‭ ‬حب‭ ‬الوطن‭ ‬والدفاع‭ ‬عنه،‭ ‬وليس‭ ‬كرهه‭ ‬والتفكير‭ ‬بالهروب‭ ‬منه‭ ‬كما‭ ‬تسببت‭ ‬الخدمة‭ ‬العسكرية‭ ‬الإلزامية‭ ‬بذلك‭ ‬الانهيار‭ ‬النفسي‭ ‬في‭ ‬عقد‭ ‬الثمانينات‭ ‬مثلا‭ ‬،‭ ‬حين‭ ‬كان‭ ‬يفقد‭ ‬الشاب‭ ‬الامل‭ ‬في‭ ‬انتهاء‭ ‬خدمته‭ ‬وكان‭ ‬يقضي‭ ‬ثماني‭ ‬سنين‭ ‬او‭ ‬تسعا،‭ ‬وقد‭ ‬تردت‭ ‬المشاعر‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬نفسه‭ ‬لأن‭ ‬الخدمة‭ ‬الطويلة‭ ‬تعني‭ ‬فقدانه‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬والحياة‭ ‬المدنية‭ ‬التي‭ ‬جاء‭ ‬منها‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬الشرخ‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والزوجية‭. ‬لذلك‭ ‬لابد‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬مدة‭ ‬الخدمة‭ ‬الإلزامية‭ ‬او‭ ‬خدمة‭ ‬الاحتياط‭ ‬مسببة‭ ‬وذات‭ ‬هدف‭ ‬تدريبي‭ ‬وبنائي‭ ‬وتعبوي،‭ ‬تحت‭ ‬سقوف‭ ‬زمنية‭ ‬تناسب‭ ‬الشهادة‭ ‬الدراسية‭ ‬ولا‭ ‬تكون‭ ‬تعجيزية‭ ‬الى‭ ‬درجة‭ ‬التفكير‭ ‬بخيار‭ ‬الهروب‭ ‬منها‭. ‬كما‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬يراعى‭ ‬الجانب‭ ‬المادي‭ ‬في‭ ‬منح‭ ‬الجندي‭ ‬المكلف‭ ‬راتبا‭ ‬معقولاً،‭ ‬لاستمرارية‭ ‬حياته‭ ‬ومراعاة‭ ‬الناحية‭ ‬الزوجية‭ ‬في‭ ‬القيمة‭ ‬والعلاوة،‭ ‬والنظر‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬لوحيد‭ ‬العائلة‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬وقت‭ ‬خدمة‭ ‬رمزي،‭ ‬كأن‭ ‬يكون‭ ‬مشمولاً‭ ‬بالتدريب‭ ‬الأساس‭ ‬لمدة‭ ‬أربعين‭ ‬يوماً‭ ‬فقط‭. ‬الخدمة‭ ‬العسكرية‭ ‬قد‭ ‬تنتشل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬من‭ ‬الضياع،‭ ‬وتجعل‭ ‬ملتقياتهم‭ ‬في‭ ‬معسكرات‭ ‬التدريب‭ ‬تتجه‭ ‬نحو‭ ‬التفكير‭ ‬بأهدافهم‭ ‬في‭ ‬الحياة،‭ ‬بل‭ ‬ترسخ‭ ‬في‭ ‬نفوسهم‭ ‬فكرة‭ ‬الهدف‭ ‬في‭ ‬الحياة‭. ‬واشدد‭ ‬هنا‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬الإفادة‭ ‬القصوى‭ ‬من‭ ‬تجارب‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة‭ ‬في‭ ‬استدعاء‭ ‬الشباب‭ ‬لخدمة‭ ‬العلم‭. ‬إنّ‭ ‬الكلام‭ ‬يطول‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجانب،‭ ‬والأفضل‭ ‬عقد‭ ‬مؤتمرات‭ ‬للمتخصصين‭ ‬من‭ ‬العسكر‭ ‬والاكاديميين‭ ‬والاقتصاديين‭ ‬لمناقشة‭ ‬الأفكار‭ ‬التفصيلية‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬يستنبط‭ ‬منها‭ ‬قانون‭ ‬جديد‭ ‬للخدمة‭ ‬مع‭ ‬شروحات‭ ‬وتعليمات‭ . ‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى