مقالات

دماؤنا … بلا عزاء!!

مازن صاحب

تأجلت جلسة المحكمة الاتحادية حتى الأربعاء المقبل، فيما حذر مجلس الامن الدولي في بيانه من عدم اتفاق الفرقاء على حلول مقبولة، وهذا ما جاءت به بيانات أمريكية واوربية وروسية بل حتى إيرانية ،والجميع بانتظار طاولة الحوار التي يمكن ان تجمع الفرقاء لدحرجة صخرة سيزيف في نظام مفاسد المحاصصة ، وسط رفض شعبي تظاهرت فيه قوى انتفاضة تشرين الجمعة الماضية ، فيما لم تسكت دمعة العزاء على دماؤنا التي هدرت وسط تضارب المصالح ، المرة الأولى في تشرين 2019 ، الثانية في احداث عاشوراء 2020 ،على الرغم من كوني ثابت الاعتقاد ان درب الحسين لا يجمع هؤلاء الاضداد اكثر ما ينطبق عليهم القول المأثور(( اللطم على الهريسة ))!!

كل ذلك يكرر مرة أخرى وأخرى طرح السؤال الكبير عن فرضيات تعامل الإسلام السياسي بنموذجي البيعة والتقليد مع الحكم الدستوري الحديث ، فاذا كان الاختلاف عند سقيفة بني ساعدة بين الأنصار والمهاجرين على تداول السلطة الدنيوية ، فان تكرار ذلك مرة بعد أخرى طيلة 1400 عاما من التاريخ الإسلامي وما انتهت اليه من تفسيرات للشريعة الإسلامية بالشكل الذي جعل الأجنبي حاكما بعنوان الجهاد مرة نموذج البيعة حينما يقدم الانسان اخته لجهاد النكاح تعبيرا عن بيعته لأمير داعشي، وأخرى بعنوان مختلف للمقاومة ضد اميركا فيما لم يتساءل هذا المزايد في منهج تقليد ولاية الفقيه لماذا لم يستطع قادته نزع سلطة اميركا على إيداع أموال النفط ونقلها بالطائرات الحربية أسبوعيا الى العراق لتباع عبر مزاد العملة في البنك المركزي العراقي ومن دون حماية الرئيس الأمريكي لأموال ريع النفط سيكون تصدير النفط العراقي عرضة امام قضايا دولية في محاكم دول مختلفة، وعلى ذات الخط ، لم يسال هذا الموالي سيده الولي الفقيه لماذا تغلق بلاده روافد الأنهار نحو وطنه بما حول الاهوار الى مناطق جرداء، ذات السؤال الذي يطرح على من يقف مفتخرا مع العثماني الجديد لماذا لا يساله عن حبس المياه في السدود التركية عن نهري دجلة والفرات، وعلى خط مواز يطرح ذات السؤال لماذا لم نسمع عن وفود من مرجعيات دينية قبل هدر دماؤنا، فيما يقدم واجب العزاء ليس الى أهالي الضحايا بل الى التيار السياسي الذي ناور بهم واهدر دماؤهم بلا نتيجة !!لذلك أقول والقول فصيح، لا عزاء لدمائنا اكثر من كونها مجرد مؤشرات لانتصار هذا على ذلك فيما في عصر الدولة الحديثة نفتقد # وطن # فالإسلام السياسي العراقي بنموذج التقليد لا ولم ولن يحاول الخروج عن طاعة الولي الفقيه، سواء اكان ذلك بالعنوان المعلن او المخفي، فالحالة واحدة ناقتهم مأمورة وربما مزجورة لفعل هذا وعدم فعل ذاك ومن يخالف قاعدة انما العراق اليوم مجرد حديقة خلفية لنظام ولاية الفقيه الإيراني والملعب الأبرز على طاولة مفاوضات الملف النووي مع الولايات المتحدة ومن يقول غير ذلك ربما يعتقد ان الشمس لا ترى من وراء غربال، فالمناورات قائمة على امتلاك ايران لتقنيات صناعة القنبلة النووية وإيقاف ذلك لا يتعد فتوى من مرشد الدولة الإيرانية ، مقابل مطالب جيوسياسية أمريكية إسرائيلية خليجية رافضة لامتلك مثل هذه التقنيات، ومن يدفع الثمن هدر دماؤنا منذ 2003 حتى اليوم والغد وربما الغد البعيد ومثل هذا النصر لن يكون نصر العراق الذي ما زال فرقاء إدارة سلطة مفاسد المحاصصة غير متفقين على تعريف (العدو) حتى يكون نصرا للدولة انما مجرد نصر بعد حروب بالوكالة قامت وتقوم بها مليشيات ولاية الفقيه التي تستعرض حاملة صور الولي الفقيه والعلم الإيراني على شوارع بغداد وامام مقراتها.. فيما الخاسر الأكبر عراق الامس واليوم والغد.في ذات السياق، انتهت تطبيقات الإرهاب بمنهج الوهابية السعودية لأسباب داخلية أولا ودولية عبرت عنها استراتيجية 2030، فيما لم تنتهي الاعيب مراقبي الاخوان المسلمين ولعل ابرزهم النموذج العثماني الذي ما زال يتفاعل مع نموذج البيعة للإسلام السياسي ، وعشائرية هذا النموذج من الأحزاب لا تلحظ أيضا هدر دماؤنا وما زالت تهديدات الإرهاب الداعشي تؤكد ان نموذج السقيفة يتجدد، فلا الأنصار يوافقون على تداول السلطة بعنوان المواطنة الدستورية ولا المهاجرين يتنازلون عن هاشمية الخلافة ، السؤال ما الحلول المنتظرة في عزاء دماؤنا ؟؟ الإجابة عندي ان مرجعيات التكليف الشرعي بنموذجي البيعة والتقليد لا يمكن ان تعترف يوما بما اعتبرته ثابتا في خلافاتها وعلى الرغم من كل مساعي تقريب المذاهب، مازالت البدع تظهر واحدة تلو الأخرى، لذلك تصمت هذه المرجعيات عند الحديث عن أصول هذا الاختلاف وتناور بمعسول الكلام عن مشتركات بين المذاهب لم تعززها أي تطبيقات سياسية منذ حادثة السقيفة حتى اليوم فالحاكم معروف والمحكوم أيضا، فيما الواقع المغيب عن عقول الناس، ان الله عز وجل أشار الى ذلك في اكثر من موضع في القران الكريم عندما يسال خازن النار ويأتي الجواب ان هؤلاء اضلونا اجعل لهم من العذاب ضعفين ويجيب خازن النار لكل منكم عذابه المقرر بعدالة رب العالمين، عليه مطلوب مواقف مجددة من المرجعيات الدينية بإنكار نموذج التكليف الشرعي للمواطنة والالتزام بالمواطنة الدستورية والقانون الوضعي ، من دون ذلك ,,,, تبقى دماؤنا تهدر بلا عزاء … ولله في خلقه شؤون !!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى