مقالات

سردية المعارضة

حمزة مصطفى

المعارضة نوعان مسلحة وسلمية.

المسلحة تريد النظام إذا كانت تعمل ضد نظام يتناقض معها كليا ولايمكن التفاهم معه الإ بلغة السلاح.

أما السلمية فإنها تريد الوصول الى السلطة بالطرق السلمية. وأقرب طريق للوصول الى السلطة سلميا هو المشاركة في الحياة السياسية.

والمقصود بالحياة السياسية هنا أحزاب سياسية تتنافس عبر صناديق الإقتراع للفوز بأعلى المقاعد ومن ثم تشكيل الحكومة. وليس أمام هذه الأحزاب سوى سلوك درب الديمقراطية.

هذه هي أبسط مقاربة لسردية المعارضة. قبل أن نصل الى العراق “نروح” الى أوربا وبالتحديد الى فرنسا وإيطاليا.

في فرنسا وبالرغم من كل يمينية وصلافة مارين لوبين زعيمة اليمين المتطرف فليس أمامها سوى تحقيق أهدافها التي تتناقض حتى مع قيم الديمقراطية الليبرالية في عموم الغرب وفي أوربا بالدرجة الأساس عبر المشاركة في الانتخابات. وفي آخر انتخابات التي فاز فيها الرئيس إيمانويل ماكرون حققت لوبين قفزة هامة على صعيد الوصول الى هدفها النهائي. وفي سياق المقارنة بينها وبين ماكرون فإن فوز ماكرون كان بطعم الخسارة, بينما خسارة لوبين كانت بطعم الفوز.

ماكرون فاز بالرئاسة لكنه تراجع في الجمعية الوطنية, بينما لم تتمكن لوبن من الوصول الى أعتاب الفوز بالمنصب لكنها تقدمت لجهة التأييد الجماهيري لأيديولوجيتها المتطرفة.

لم يعد يفصل لوبين لتحقيق ماتريد سوى دورة إنتخابية واحدة وهي القادمة على الأرجح بعد 5 سنوات.

في إيطاليا بدا الأمر أكثر راديكالية من فرنسا. لم يكن فوز جورجيا ميلوني مجرد فوز لحزب معارض تمكن من إقناع الناس ببرنامجه الإنتخابي لكي يحصل على أعلى المقاعد.

بل ماحصل كان بمثابة زلزال سياسي سوف تكون له إرتدادات في كل أوربا وعموم الغرب بمن في ذلك الولايات المتحدة الأميركية حيث عبر الرئيس جوبايدن عن إنزعاجه من فوز ميلوني.

في إيطاليا لم يفز حزب سياسي إنما عادت الفاشية من جديد بعد اكثر من 8 عقود من الزمن على نهايتها.

فبكل بساطة وفي ظل كل هذا التقدم والتطور حتى في المعايير الديمقراطية في الغرب والعالم بمن في ذلك رفض كل صيغ التطرف تعود أيديولوجية هي أخطر ثاني أيديولوجية بعد النازية وهي الفاشية.

عادت الفاشية الى إيطاليا لكن ليس عبر موسوليني وفي سياق تلك الظروف في عالم مختلف آنذاك, بل عبر سيدة أنيقة تبلغ من العمر 45 عاما لكنها تفتخر بأنها فاشية.

الناس قبلوا بها, وهذه هي الديمقراطية وصناديق الإقتراع. “خوما جبت طاري العراق” لا أبدا. نحن لنا سردية مختلفة. سردية .. “من أين اجيب ازرار .. للماعنده زيج”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى