مقالات

صندوق دولي لإعادة إعمار العراق

صندوق دولي لإعادة إعمار العراق – حسين الفلوجي

يوم 9 / 4 / 2023 سيكون قد مضى عشرون عاما على الاحتلال الامريكي البريطاني للعراق، او التغيير او التحرير (سمه ما شأت).عشرون عاما مضت على الشعب العراقي كانت ثقيلة وقاسية في اكثر من اتجاه. و بغض النظر عن التكييف القانوني والسياسي والأخلاقي للقرار الذي اتخذته امريكا وبريطانيا ومن تحالف معهما عام 2003 ، وسواء كان خاطئا من الناحية القانونية ام غير مبرر، ما يهمنا ان الامر قد مضى، وان الشعب العراقي، وعلى مدى العشرين عاما الماضية دفع و لايزال يدفع ثما باهضا لهذا القرار .واذ نعيد اليوم التذكير بما جرى، لسنا بصدد إثبات من كان على صواب ومن كان مخطأ، فالامر حصل ولا يمكن اعادة عقارب الساعة الى الوراء، سيما وأن العراقيين في مراحل تجاوز الازمة، والعمل على بناء نظامهم السياسي من جديد، غير أننا اليوم ازاء مسؤولية قانونية واخلاقية تتطلب منا أن نجري جردة حساب مع الولايات المتحدة وبريطانيا والدول الاخرى التي ساعدتها على غزو العراق، وأن نعيد الحسابات مجددا ولاسيما أن العالم يتابع اليوم ما يجري في اوكرانيا وما تعمله الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين ازاء موضوع الغزو الروسي.لقد اصاب العراق الخراب والدمار في جميع الاتجاهات بفعل الغزو، الذي خلف دمارا في البنية التحتية، حيث لا تزال اثاره قائمة حتى اليوم، كما أنه فتح الابواب على مصراعيها لدخول التنظيمات الارهابية والجماعات المسلحة التي عاثت في الارض فسدا وتخريبا، حتى لم تعد مدينة او قرية لم تتضرر بسبب ذلك.حصاد تجربة العشرين سنة الماضية ، بنى تحتية مهترئة، ومصانع معطلة، وتجارة مقيدة، حتى اصبح العراق سوقا لتصريف بضائع دول الجوار، فيما يعاني اهله من ازمة مستمرة في الطاقة الكهربائية، وازمة مياه، وازمة المدن المخربة، والتي رغم ما تعلن عنه الامم المتحدة، وعدد من الدول بشأن اعمارها لا تزال اهلها يعانون من قسوة العيش بانتظار اعمار حقيقي لا يقتصر على وسائل الإعلام فقط.واذا كانت المسؤولية القانونية والاخلاقية التي تدعيها الولايات المتحدة والدول الغربية ازاء الامر، فأنه اصبح من الضروري ان تكون هناك اجراءات فعلية، تنقذ العراق من محنته وتعيد اليه ما كان عليه، حتى يقف على قدميه ويخرج من بوتقة الدول الفاشلة الى دولة ناهضة من جديد.لذلك نجد ان الامر اصبح ملحا لإنشاء صندوق دولي لاعادة اعمار العراق، بشكل كامل، وليس بمشاريع ترقيعية لا تسمن ولا تغني من جوع، واول ما يتحمل هذا الصندوق من مسؤولية هو النهوض بقطاع الطاقة، للوصول الى تلبية الحاجة الفعلية للبلاد، كون هذا الامر في مقدمة اولويات النهوض الحقيقي لقطاعات البلد كافة.مشاريع سابقةقد يقول قائل وماذا عن المشاريع السابقة والاموال التي قدمت للعراق، فنقول انتم اعرف اين ذهب اغلبها، وان مديونية العراق اخذت الكثير، وان الفساد اخذ منها ما اخذ، لذلك يجب ان تكون هناك اجراءات فعلية لاعادة بناء المدن المخربة، والقطاعات التي دمرها الاحتلال والارهاب على سواء، فاحداها نتاج الاخرى.ان تعافي العراق الظاهري من المحنة، لا يعفي الدول التي تسببت بالخراب وعلى رأسها الولايات المتحدة من مسؤولياتها، واذا كان الاعتذار مطلوبا على ما تسبب به الغزو، فأن التعويض المادي والمعنوي سواء للحكومة كونها المسؤولة عن وضع الخطط لاعادة اعمار البلد ، او للشعب العراقي الذي نال ما نال، سواء من الاحتلال مباشرة، او من التنظيمات الارهابية، او حتى العملية السياسية المتعثرة، التي رسخت الانقسام والطائفية في البنية الاجتماعية، بتخطيط مسبق واضح.ان الدعوة لانشاء صندوق دولي لاعمار العراق، ليس مطلبا بطرا او استجداءا من المجتمع الدولي، وانما هي مطالبة بحق مكتسب بموجب قواعد القانون الدولي ، للتعويض عما تكبده من خسائر ومعاناة، والتي يمكن ان تكون باعادة اعمار البنى التحتية، وتنظيم الخدمات، والوصول بالمجتمع الى مرحلة يستطيع فيها اعادة البلد الى ناصية التنمية بعدما انحدر الى مستويات متدنية ، واصبح يأن من قساوة الظروف المناخية شديدة القسوة، والتي لا يستطيع مواجهتها نتيجة ضعف او انعدام متطلبات ذلك.الخلاصة : اذا كانت الولايات المتحدة صادقة مع الشعب العراقي حاضرا ومستقبلا وتريد ان تكفر عن جزء من خطاياها ، عليها البدء باجراءات تأسيس صندوق دولي لاعمار العراق ، عدا ذلك فأن الوجود الامريكي لا يمكن التعامل معه او تفسيره سوى انه استمرار لنهج الاحتلال والهيمنة على العراق .{ سياسي مستقل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى