مقالات

عودة‭ ‬التيار‭ ‬الصدري

فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام‭

‬لا‭ ‬أريد‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬تفاصيل‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬دعت‭ ‬زعيم‭ ‬التيار‭ ‬الصدري‭ ‬للانسحاب‭ ‬من‭ ‬العملية‭ ‬السياسية‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬ان‭ ‬تصريحه‭ ‬الأبرز‭ ‬كان‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬“انه‭ ‬لا‭ ‬يضع‭ ‬يده‭ ‬في‭ ‬يد‭ ‬أي‭ ‬فاسد”‭ ‬لكن‭ ‬قراءة‭ ‬الوضع‭ ‬السياسي‭ ‬والعام‭ ‬الذي‭ ‬يتجه‭ ‬اليه‭ ‬العراق‭ ‬لاسيما‭ ‬بفعل‭ ‬عوامل‭ ‬خارجية‭ ‬غالباً،‭ ‬تستوجب‭ ‬عودة‭ ‬التيار‭ ‬الصدري‭ ‬الى‭ ‬العمل‭ ‬السياسي‭ ‬وليس‭ ‬شرطاً‭ ‬الى‭ ‬“العملية‭ ‬السياسية”‭ ‬ذاتها‭ ‬التي‭ ‬نعتها‭ ‬بالفساد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة‭. ‬وأسباب‭ ‬ذلك‭ ‬انّ‭ ‬هناك‭ ‬حاجة‭ ‬الى‭ ‬توازنات‭ ‬تشترك‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬العراق‭ ‬على‭ ‬سكة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الإرادة‭ ‬السياسية‭ ‬الواعية‭ ‬كي‭ ‬لا‭ ‬ينزلق‭ ‬في‭ ‬معارك‭ ‬غير‭ ‬مستعد‭ ‬لها‭ ‬ولعلها‭ ‬معارك‭ ‬يدفعه‭ ‬اليها‭ ‬“مقاولون‭ ‬دوليون‮»‬‭ ‬كبار‭ ‬في‭ ‬الخارج‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬وقاية‭ ‬مصالحهم‭ ‬من‭ ‬الخطر‭.‬لكن‭ ‬عودة‭ ‬التيار‭ ‬الصدري‭ ‬التي‭ ‬لابدّ‭ ‬منها‭ ‬يوماً،‭ ‬ينبغي‭ ‬ان‭ ‬تصحبها‭ ‬مراجعة‭ ‬جدية‭ ‬بعد‭ ‬فترة‭ ‬من‭ ‬الانقطاع‭ ‬والمراقبة‭ ‬للمشهد‭ ‬السياسي،‭ ‬فالأخطاء‭ ‬لم‭ ‬يسلم‭ ‬منها‭ ‬التيار‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬حال‭ ‬الاطار‭ ‬والكتل‭ ‬الكردية‭ ‬والسُنية،‭ ‬لكن‭ ‬هناك‭ ‬فروقات‭ ‬مهمة‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬ان‭ ‬يُبنى‭ ‬عليها‭ ‬تأسيس‭ ‬جديد‭.‬

التيار‭ ‬الصدري‭ ‬الذي‭ ‬اقترن‭ ‬اسمه‭ ‬بمقاومة‭ ‬الاحتلال‭ ‬منذ‭ ‬بداياته،‭ ‬انخرط‭ ‬كسواه‭ ‬في‭ ‬العملية‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬أسسها‭ ‬الاحتلال‭ ‬وزاول‭ ‬ما‭ ‬زاولته‭ ‬الأحزاب‭ ‬الأخرى،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الثلاث‭ ‬الأخيرة‭ ‬وحين‭ ‬نضجت‭ ‬رؤية‭ ‬التغيير‭ ‬للإنقاذ‭ ‬حدثت‭ ‬تداعيات‭ ‬دراماتيكية‭ ‬قادت‭ ‬الى‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬المُجمد،‭ ‬وينبغي‭ ‬ان‭ ‬يعود‭ ‬التيار‭ ‬برؤية‭ ‬تحمل‭ ‬معها‭ ‬مسارات‭ ‬التغيير‭ ‬الجدية‭ ‬لإخراج‭ ‬البلاد‭ ‬من‭ ‬مستنقع‭ ‬التقسيم‭ ‬الفعلي‭ ‬والعملي‭ ‬في‭ ‬المسارات‭ ‬والاتجاهات‭ ‬والرؤى‭ ‬والامنيات‭ ‬أيضا‭. ‬وعودة‭ ‬التيار‭ ‬هنا‭ ‬بهذا‭ ‬المفهوم‭ ‬واجب‭ ‬وطني‭ ‬وليس‭ ‬حلية‭ ‬تزيينية‭ ‬للمشهدانّ‭ ‬ما‭ ‬عرضه‭ ‬التيار‭ ‬الصدري‭ ‬من‭ ‬مشروع‭ ‬عراقي‭ ‬وطني‭ ‬لا‭ ‬يستثني‭ ‬أحدا‭ ‬وينبذ‭ ‬الطائفية‭ ‬ووجد‭ ‬صدى‭ ‬كبيرا‭ ‬لدى‭ ‬نفوس‭ ‬اغلبية‭ ‬العراقيين‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬برنامج‭ ‬عمل‭ ‬لا‭ ‬يحيد‭ ‬عنه‭ ‬في‭ ‬عودته‭ ‬التي‭ ‬أتوقعها‭ ‬في‭ ‬مدى‭ ‬منظور،‭ ‬لأنّ‭ ‬سوى‭ ‬ذلك‭ ‬يعني‭ ‬ان‭ ‬هناك‭ ‬ثغرات‭ ‬باقية‭ ‬سينشط‭ ‬من‭ ‬خلالها‮»‬‭ ‬ناشطون‮»‬‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬المشاريع‭ ‬الخارجية‭ ‬للذهاب‭ ‬بالبلد‭ ‬الى‭ ‬منحدرات‭ ‬لا‭ ‬تحمد‭ ‬عقباها‭.‬بهذه‭ ‬الكلمات،‭ ‬لا‭ ‬أضع‭ ‬وساماً‭ ‬على‭ ‬صدر‭ ‬التيار،‭ ‬ولا‭ ‬اضعه‭ ‬في‭ ‬قائمة‭ ‬المتهمين‭ ‬بمجمل‭ ‬مشهد‭ ‬التدهور‭ ‬العام‭ ‬،‭ ‬لكنني‭ ‬اصف‭ ‬واقعا‭ ‬عراقيا‭ ‬مُعقداً‭ ‬بانت‭ ‬تناقضاته،‭ ‬القاتلة‭ ‬أحيانا،‭ ‬في‭ ‬العقدين‭ ‬الأخيرين‭ ‬،‭ ‬واعتقد‭ ‬انّ‭ ‬تلك‭ ‬فترة‭ ‬كافية‭ ‬لمراجعة‭ ‬حتمية‭ ‬لاي‭ ‬مشروع‭ ‬سياسي‭ ‬يحمل‭ ‬سمة‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬بمعناها‭ ‬السيادي‭ ‬والبنائي‭ ‬والتنموي‭.‬لابدّ‭ ‬هناك‭ ‬خطوة‭ ‬أولى‭ ‬في‭ ‬المسار‭ ‬الجديد،‭ ‬وهي‭ ‬منتظرة‭ ‬من‭ ‬زعيم‭ ‬التيار‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى