تقارير وتحقيقات

في ذكرى الغزو.. لماذا اختار صدام حسين المواجهة مع أميركا ورفض المنفى؟

اختار الرئيس العراقي الاسبق صدام حسين الحرب والمواجهة العسكرية برفضه في 18 مارس/آذار 2003 الذهاب إلى المنفى الذي منحه إياه الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش، لتواجه “بلاد الرافدين” بعدها مصيرا صعبا، بدأ بالغزو الأميركي في أبريل/نيسان 2003 وما تخللها من عمليات حربية وقتل وتدمير، ثم ليعاني العراق بعدها الكثير من المشاكل الأمنية والسياسية والاقتصادية التي لا زال يكابدها.
كبرياء
ويرى اللواء المتقاعد ماجد القيسي أن “الغرور والكبرياء لدى صدام حسين دفعه للذهاب إلى خيار المواجهة العسكرية مع بوش الذي كان مُصرّاً على الحرب بتحشيداته العسكرية في المنطقة آنذاك التي استحال عودتها حتى في حالة تنحي صدام”.
وأضاف أن صدام كان يعتقد أنه بإمكانه مقاومة هذه الهجمة الشرسة، والوقوف بوجهها بمراهنته على أن هناك من سيقف معه، لكن العالم خذله.

وقال القيسي -الذي كان ضابطاً في الجيش برتبة لواء- إنه بالمقارنة بين حربي 1991 و2003 اللتين شنتهما أميركا على العراق نجد أن في الأولى استطاع بوش الأب تحشيد المجتمع الدولي ضد صدام وإجباره على الخروج من الكويت، إلا أن بوش الابن عام 2003 فشل في حشد الرأي الدولي للهجوم على العراق باستثناء البريطانيين وبعض الدول الشرقية التي أغرتها واشنطن بالمال.
وفي رده على سؤال عن سبب لجوء صدام للمواجهة العسكرية بدلا من التنحي رغم إدراكه بضعف القدرات العسكرية لجيشه وعدم إمكانية صد الجيش الأميركي، يؤكد القيسي أن قرار التنحي أو اختيار النفي لم يكن في حسابات صدام، مضيفا أن رؤساء الأنظمة الدكتاتورية تختار تدمير البلاد (كما حدث في العراق ثم ليبيا وسوريا لاحقا) من أجل البقاء على كرسي الحُكم.
لكن الصحفي العراقي مصطفى كامل يرى أن صدام كان رئيسا للجمهورية ولا يجوز دستوريا وأخلاقيا أن يتخلى عن هذه المسؤولية، ويهرب من المواجهة ويؤمن نفسه والبلد يقع فريسة الغزاة، مشيرا إلى أن الجانب الأميركي لم يعط الأمان للعراق والعراقيين في حال تنحي صدام.
ويضيف الصحفي -الذي شغل منصب سكرتير صحيفة الجمهورية التي كانت تصدر في عهد صدام- أن إدارة بوش كانت أعلنت أنها ماضية في غزو العراق حتى لو غادر صدام السلطة.
وواصل بالقول إنه ثبت لاحقا كذب كل الأسباب والذرائع التي ساقتها أميركا لتبرير غزو العراق، سواء ما يتعلق بأسلحة الدمار الشامل أو الإرهاب أو الإتيان بالديمقراطية للعراق.
أميركا أرادت الصدام
من جهته اعتبر الباحث النفسي علاء الصفار أن حالة اليأس التي وصل إليها الشعب عام 2003 أثرت بشكل سلبي على القوات المسلحة ومنعتها والتي تمثلت على أرض الواقع بعدم إمكانية المقاومة لأكثر من 3 أسابيع بآليات ضعيفة ومتواضعة لا ترتقى إلى الآليات والقدرات لدى القوات الأميركية.
ويضيف: ظاهريا وضعت أميركا خيار المنفى أمام صدام، لكنّها في الحقيقة كانت تُريد الاصطدام به لأنها كانت على دراية تامّة بضعف قدرات الجيش العراقي “المُصاب بالإحباط واليأس” فضلا عن عدم الحرفية والمهنية في إدارة المعارك من قبل صدام، وهذا ما جعل المعنويات العسكريّة والمدنيّة والتعبويّة العامّة في تدن ملحوظ، لتتجه نحو الانهيار التدريجي وبوتيرة مسرعة مع بدء الحرب رغم ادعاء صدام القدرة على مواجهة أميركا.
نظام حديدي
ويعلق السياسي العراقي مثال الألوسي على الموضوع بالقول إن صدام نجح في بناء نظام حديدي خليط من المدرسة الروسية الكوبية الصينية والتي من أبرز أسسها عدم الثقة بالمواطن، والبطش ليس بالمعارض فقط بل بالمخالف كذلك، إلى جانب أن استعانته بالمدرسة المخابراتية الألمانية الشرقية لتدريب رجاله بالأجهزة الأمنية والمخابراتية جعلت هناك استحالة للإطاحة به وإسقاط نظامه من داخل العراق، وهذا ما دفع أميركا إلى شنّ الحرب عليه.
ويصف الألوسي محاولة تغيير نظام صدام بأنها أشبه ما كانت بـ “المجازفة” التي لا يقترب منها أحد، مما جعل واشنطن أمام خيار واحد وهو الإطاحة بصدام من خلال حرب عسكرية. 
وأضاف أن صدام كان مع خيار الحرب لاعتقاده بأن أميركا لن تقْدم على ذلك أبداً.
غير أن الخبير العسكري ربيع الجواري يرى، أنّ صدام رفض خيار النفي لأنه كان يعرف جيدا أن المحاكم الدولية ستلاحقه في منفاه وتأتي به “لجرائمه التي نفذها بحقّ شعبه أولاً بالإضافة لغزوه الكويت ثانيا”.
ويؤكد الجواري، وهو ضابط سابق في الجيش، أن صدام لم يفكّر بالشعب بقدر ما فكرّ بنفسه من خلال قراره الذهاب إلى الحرب التي خلّفت دماراً شاملاً للبلد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى